أوروبا تواجه أعدادا ضخمة من المتقاعدين

الأمم المتحدة تعلن عن ولادة طفل تركي لينضاف إلى 7 مليارات نسمة

صندوق الأمم المتحدة للسكان نشر صورة للرضيع التركي يوسف إيفي يبكي بجوار أمه في مستشفى الأمومة في أنقرة أمس.. ووفقا لصندوق الأمم المتحدة فإن المولود يوسف يعتبر واحدا من 7 مليارات نسمة يتقاسمون الأرض والموارد (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الأمم المتحدة أمس أن عدد سكان العالم وصل إلى 7 مليارات نسمة، وأن نسبة كبيرة جدا منهم يذهبون لشراء نظارات للقراءة. كما نشر صندوق الأمم المتحدة صورا لرضع يولدون يوميا من ضمنهم الرضيع التركي يوسف إيفي وهو يبكي بجوار أمه في مستشفى الأمومة في أنقرة أمس. ووفقا لصندوق الأمم المتحدة فإن المولود يوسف يعتبر واحدا من 7 مليارات نسمة يتقاسمون الأرض والموارد.

وقد تسارع تقدم البشر في العمر بصورة تفوق خيال أي شخص قبل بضعة عقود. لقد انخفضت معدلات الخصوبة عالميا، وفي الوقت نفسه، ازداد متوسط العمر المتوقع. وكانت نتيجة ذلك هي إعادة تشكيل رسم بياني عن العمر، حيث انقلب الهرم الذي كان يقع على قمته عدد ضئيل من المسنين بينما يوجد عدد كبير جدا من الأطفال في أسفله. وقد هيمن الأشخاص متوسطو العمر في البلاد الغنية على الرسم البياني وذلك حسب تقرير لـ«واشنطن بوست».

وتعد هذه أخبارا جيدة للغاية، من نواح عدة، حيث يعد العمر الطويل نتيجة للطب الحديث وتحسن التغذية، كما يعد معدل الخصوبة المنخفض نتيجة للازدهار والتعليم، كذلك حصلت النساء على المزيد من السيطرة على حياتهم التناسلية.

غير أن التغير الديموغرافي المفاجئ وغير المتوقع أدى إلى اضطرابات اقتصادية. وبالنسبة للدول التي انخفض فيها معدل الخصوبة كثيرا، فقد أصبح ارتفاع عمر المجتمع أزمة شديدة التطور، لقد انخفض احتمال إنجابهم بصورة مفاجئة. وأصبحوا بحاجة إلى المزيد من العمال لتقديم البضائع والخدمات إلى أعداد ضخمة من المتقاعدين.

ويعد معدل الخصوبة في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا واليونان والكثير من الدول الأخرى أقل من 1,5 طفل لكل امرأة، وهو أقل كثيرا من المعدل «البديل» 2,1 طفل (بزيادة 0,1 وهو ما يمثل الأطفال الذين لم يبقوا على قيد الحياة حتى البلوغ). وتعد اليابان (التي يبلغ معدل الخصوبة بها 1,4) أقدم دولة في تاريخ العالم؛ ولا تبعد عنها كوريا الجنوبية (التي يبلغ معدل الخصوبة بها 1,2)، وكانت الصين (التي يصل معدل الخصوبة بها إلى 1,5) تتسابق حتى تكون غنية قبل أن تصاب بالشيخوخة.

وتعد الولايات المتحدة هي الأفضل ديموغرافيا، حيث إن معدل الخصوبة بها أقل من المستوى البديل، وتعزز الهجرة إليها القوة العاملة بها، كما عصف جيل طفرة المواليد بالفئات العمرية المتقدمة في السن؛ حيث ارتفع عدد الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 إلى 64 عاما من 11 مليونا إلى 17 مليونا، وفقا لأحدث الإحصاءات. وعندما تم تأسيس نظام التأمين الاجتماعي عام 1935، كان متوسط العمر المتوقع عند الميلاد في الولايات المتحدة أقل من 62 عاما، أما الآن فهو 78 عاما ولا يزال في ارتفاع.

ولقد أصاب الانخفاض الشديد في معدل الخصوبة في العديد من الدول خبراء الإسكان بالدهشة، بحسب ليندا وايت، مديرة مركز الشيخوخة بجامعة شيكاغو. ولم يدرك أحد حتى وقت قريب نسبيا أن الخطوات التي تقلل من الخصوبة، مثل حصول النساء على قدر كبير من التعليم وزيادة نسبتهم في القوة العاملة، قد تستمر حتى عندما تنجب النساء أقل من طفلين، حسبما ذكرت ليندا.

وأضافت ليندا: «إنه نوع من الصفعة المفاجئة، فلم يتحدث عنه أحد، لقد كان افتراضا غير معلن عنه أن معدل الخصوبة سينخفض حتى يصل إلى المستوى البديل ثم يستقر بعد ذلك».

وقال ماسيو كونيلي، أستاذ التاريخ بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب «اعتقاد خاطئ بدرجة مهلكة.. صراع من أجل التحكم في سكان العالم»: «هناك العديد والعديد من الدول التي تترقب حدوث انفجار سكاني بها، ولا يعيرون انتباها إلى الانفجار السكاني العالمي».

وسوف يغير معدل العجائز في العالم الحضارات بأساليب متعددة، حيث قد يضطر الناس إلى إطالة مدة بقائهم في العمل بصورة تتعدى عمر التقاعد التقليدي، كما قد تبدأ الدول في التنافس من أجل الحصول على عدد أكبر من المهاجرين. وبالفعل هناك أعداد شاسعة من البشر تهاجر من الدول التي تتسم بمعدل خصوبة مرتفع إلى الدول الأخرى التي تكون بحاجة إلى عمالة.

وليس هناك نقص في عدد الأطفال في الكوكب ككل، ففي كل دقيقة من اليوم يتعدى عدد المواليد عدد الوفيات بـ158 شخصا، وفقا للمكتب المرجعي للسكان. غير أن معدل النمو غير منتشر. وهناك 154 شخصا في العالم النامي، من صافي الزيادة.

ولدى إثيوبيا وألمانيا نفس معدل السكان تقريبا حاليا، إلا أنه من المتوقع أن تصل إثيوبيا إلى ضعف هذا المعدل خلال العقود الأربعة القادمة فيما سينخفض عدد سكان ألمانيا بمقدار 10 ملايين شخص.

ويعد التحول الديموغرافي عاملا بارزا في الأزمة المالية في أوروبا وأزمة الدين التي تشهدها الولايات المتحدة. وفي كلا البلدين، فإن عدد العاملين سيقل بدرجة ثابتة كبيرة في نسبة المتقاعدين. وفي الولايات المتحدة، فإن نسبة الأشخاص الذين هم في سن العمل إلى نسبة الأشخاص الذين هم في سن التقاعد سوف تتحول من 5 إلى 1 لتصبح 3 إلى 1 خلال العقدين القادمين، وفقا لمكتب الإحصاء.

وتعد أميركا دولة حديثة نسبيا مقارنة باليابان، التي بحلول منتصف القرن سيتجاوز أربعين في المائة من سكانها الخامسة والستين من العمر. وسوف يكون هناك، إذا ما استمر المعدل على هذا النحو، شخص في سن العمل في مقابل كل شخص ياباني في سن التقاعد.

وقال تيد سي فيشمان، مؤلف كتاب «صدمة كبار السن»، وهو كتاب نشر عام 2010 يقوم عنوانه الجانبي بوضع إطار للقضية بصورة شاملة حيث جاء فيه «معدل العجائز في العالم وكيف تتم الموازنة بين الشباب والعجائز، طفل مقابل والديه، عامل مقابل رئيس، شركة مقابل منافسيها ودولة مقابل دولة: (إنه تغيير اجتماعي كبير للغاية)».

وقال فيشمان مشيرا إلى أن هذا ليس سيئا بأكمله بل هو تحد: الحياة الأطول هي ما يريده البشر منذ أن بدأنا نمزج الأعشاب في الآنية، وقد عملنا جاهدين واستغللنا كل ذكائنا التعامل مع هذا الأمر في الحياة. لقد استنفد هذا تاريخ البشرية. وعلينا الآن أن نعمل جاهدين في مواجهة التحديات الاجتماعية التي تصاحب الحياة الأطول والمجتمعات التي أغلب سكانها من العجائز.

هناك عوامل كثيرة ساهمت في التحول العالمي نحو تدني معدل الخصوبة منها التغير الأساسي في المواقف تجاه الأطفال. يرغب الآباء في المجتمعات، التي يرتفع بها معدل الوفيات من الرضع أو التي لا يوجد بها برامج اجتماعية لدعم كبار السن، في إنجاب عدد كبير من الأطفال كنوع من الضمان والتأمين. وفي بعض البلاد الأخرى يعد إنجاب الأطفال واجبا وطنيا. على سبيل المثال، في وقت من الأوقات في عهد ماو زيدونغ، كانت النساء تؤسس عائلات كبيرة. وفي السبعينيات، انعكس المسار في الصين، حيث تبنت سياسة الطفل الواحد وهو ما أدى إلى انخفاض معدل المواليد.

من غير الواضح الحجم الذي سيصل إليه عدد السكان، فقد زاد عدد سكان العالم خلال العقود الماضية بمقدار مليار نسمة، وتضاعف مقارنة بالفترة التي ولد فيها أوباما. السيناريو المرجح بحسب الأمم المتحدة هو ازدياد عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة في نهاية القرن الحالي على اعتبار أنه سينمو بمقدار ضئيل. مع ذلك من المتوقع أن يؤدي ارتفاع معدل الخصوبة إلى عالم يبلغ عدد سكانه 16 مليار نسمة، ويعني الانخفاض في معدل الخصوبة وصول العدد إلى 6 مليارات نسمة. من الأمور الأخرى غير المؤكدة هي مدى المشكلات المالية وندرة الموارد التي ستؤثر على منحنى البشر. البشر من أسباب التغير المناخي وحمضية مياه المحيطات وتجريف الغابات المطرية وانقراض الكائنات فضلا عن السلوكيات الأخرى التي ليس من الواضح أنها ستستمر بمرور الوقت.

إن الآثار التي يتركها سكان الدول الغنية وذات معدلات الاستهلاك المرتفعة والخصوبة المتدنية على البيئة أكبر من سكان الدول الفقيرة وذات معدلات الخصوبة المرتفعة. ويثير هذا سؤالا فلسفيا وهو: هل الطفل هو مستهلك في المستقبل لموارد ثمينة على ظهر كوكب يعاني من التوتر أم أنه منتج مستقبلي للسلع والخدمات التي تحافظ على استمرار النشاط الاقتصادي أم واحد ضمن مجموعة تجاوزوا سنوات العمل؟

الإجابة مؤكدة وواضحة في الدول التي أغلب سكانها من كبار السن وهي الرغبة في الإنجاب. وقد انتشرت السياسات المشجعة على الإنجاب، ومنها برامج رعاية الأطفال الممولة من الحكومة والدعم النقدي لكل طفل ينجب والإعفاءات الضريبية، في الكثير من الدول الأوروبية. وتعترف الشخصيات القيادية في الكثير من الدول بأن الأسباب الثقافية والاقتصادية تجعل من الصعب تربية أطفال.

أما في روسيا، التي يبلغ معدل المواليد فيها 1,5، تقدم الحكومة للنساء ما يعادل 9 آلاف دولار لإنجاب طفل ثاني. وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) سافر رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سانت بطرسبرغ لحضور مراسم وصول حزام مريم العذراء من اليونان بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، وهو من الآثار المسيحية الأرثوذكسية التي تُنسب إلى السيدة مريم العذراء والتي يُعتقد في قدرتها على زيادة الخصوبة. وقد اصطف مئات الروس وأكثرهم من النساء لرؤيته.