مصدر رفيع في الحزب اليمني الحاكم: الرئيس صالح وافق على نقل صلاحياته لنائبه

قال لـ «الشرق الأوسط»: خوّل النائب تكليف مرشح المعارضة بتشكيل الحكومة.. والدعوة لانتخابات مبكرة

يمنيون يؤدون رقصة الخنجر التقليدية خلال مسيرة احتجاج مطالبة برحيل نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في صنعاء أمس
TT

في ما يبدو خطوة مهمة نحو إنجاز اتفاق سياسي شامل في البلاد، وافق الرئيس اليمني على نقل صلاحياته لنائبه للتمهيد لإنجاز الاتفاق السياسي الذي يخرج البلاد من أزمتها الراهنة، حسب تصريحات مصدر رفيع المستوى في الحزب الحاكم أمس. وقال المصدر في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» في لندن إن «اتفاقا تم التوصل إليه في البلاد». وذكر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أنه تم تقديم تنازلات كبيرة من طرف الرئيس اليمني والحزب الحاكم ضمن خطوات متسارعة تهدف إلى وقف تدهور الأوضاع أمنيا وسياسيا، وبما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الأخير بخصوص الأوضاع في اليمن. وأكد المصدر في تصريحه الخاص بـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق ينتظر عودة وفد المشترك من الخارج للتوقيع عليه». وأشار إلى أنه «تم التجاوب بشكل تام مع النقاط التي كانت محل خلاف مع المعارضة خلال الفترة الماضية، والتي حالت دون التوقيع على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، الأمر الذي أعاق بدوره التوقيع على المبادرة من قبل الرئيس أو نائبه». وذكر المصدر أن من النقاط الخلافية نقطة تخص «القضية الجنوبية التي يعترف بها الكل، مع خلاف في كيفية إيجاد حلول لهذه القضية»، وأضاف أنه «تم التوصل إلى صيغة عادلة تيسر حلا شاملا وعادلا لهذه القضية بما لا يؤدي إلى تشجيع النزعة الانفصالية في البلاد». وفي ما يخص إصدار قرار بتشكيل حكومة وفاق وطني، يعد من صلاحيات رئيس الجمهورية وكان نقطة خلاف جوهرية مع المعارضة، ذكر المصدر أنه «تم تقديم تنازلات مهمة في هذا الشأن، بحيث وافق الأخ الرئيس والمؤتمر الشعبي العام على تفويض الرئيس لنائبه في إصدار قرار التكليف، تجاوبا مع رغبة المعارضة اليمنية، التي ترفض تشكيل حكومة الوفاق بناء على قرار تكليف من الرئيس نفسه»، وأضاف أن «الرئيس اليمني وافق على نقل صلاحياته في الدعوة للانتخابات إلى نائب الرئيس في تنازل جديد يرغب به الرئيس في سد الذرائع، وتمهيد السبيل لإنجاز الاتفاق»، وقال المصدر إنه «تم تسليم نسخة من مسودة الاتفاقية الجديدة إلى السفراء الغربيين وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والسفراء من دول مجلس التعاون، مع التأكيد للسفراء المعنيين على موافقة الرئيس على التوقيع على المبادرة من طرفه أو من طرف من يفوضه». وأكد المصدر أنه «تم التوصل إلى اتفاق على ضرورة فتح تحقيق شامل حول أحداث العنف التي شهدتها البلاد منذ البداية، على أن يحاسب المسؤولون من أي طرف كان»، وأضاف المصدر أنه «بمجرد عودة وفد المعارضة من الخارج سيتم التوقيع على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية من قبل ممثلي السلطة والمعارضة، ثم التوقيع على المبادرة الخليجية من قبل الأخ رئيس الجمهورية أو من يفوضه في سياق متزامن». وختم المصدر حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «قرار مجلس الأمن يضع كل الأطراف أمام مسؤولية جسيمة، بحيث لا يمكن لأي من الأطراف أن يقول إنه غير معني بالقرار، حيث أشار القرار بوضوح إلى مسؤولية الأطراف المعنية بشكل واضح، مما لا يعفي أي طرف من مسؤولية ما يحدث في البلاد».

وفي السياق ذاته ذكرت المعارضة اليمنية أن ما سربته بعض القنوات الدبلوماسية من نية رئيس الجمهورية التوقيع على المبادرة الخليجية ونقل صلاحياته لنائبه في حال صحته سيعمل على الخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة. وقال صخر الوجيه رئيس المكتب الفني للمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: «الحل يعتمد على إصدار قرار من الرئيس بنقل صلاحيته لنائبه، الذي سيكلف مرشح المعارضة بتشكيل الحكومة، ويدعو للانتخابات المبكرة حسب المبادرة الخليجية»، وأضاف الوجيه: «بعد إصدار الرئيس للقرار بتفويض نائبه بجميع صلاحياته سيكون النائب رئيسا بالإنابة إلى حين إجراء الانتخابات المبكرة التي سيكون النائب فيها مرشحا بالتوافق للسلطة والمعارضة لمدة سنتين حسب آلية بن عمر، وستكون من مهام الرئيس بالإنابة الدعوة إلى حوار وطني شامل لكل القوى السياسية في البلاد تناقش فيه القضايا الجوهرية، ثم يصاغ دستور جديد للبلاد يحدد شكل النظام، رئاسي أو برلماني، وشكل الدولة، فيدرالية أو مركزية، ونوعية النظام الانتخابي، ثم تشرع القوانين المتعلقة بالانتخابات بعد مضي الفترة الانتقالية». وأضاف الوجيه: «إن الكرة الآن في ملعب النظام، وقد تلقينا معلومات عن استعداد الرئيس للقيام بنقل صلاحياته لنائبه، وهذا في ما لو تم سيذلل العقبات أمام التوقيع على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية».

وكانت مصادر دبلوماسية يمنية قد ذكرت أن الإطار الجديد للاتفاق يقوم على أن يصدر الرئيس مرسوما رئاسيا جديدا يفوض فيه النائب بجميع صلاحياته التنفيذية، ومن ثم التوقيع على المبادرة الخليجية من قبل النائب بموجب التفويض من الرئيس بصيغتها الموقع عليها من قبل أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام، ثم تسمي المعارضة مرشحيها لتشكيل الحكومة، ويصدر النائب مرسوما يكلف مرشح المعارضة بتشكيل الحكومة، وكذلك يصدر مرسوما بتشكيلها بعد الانتهاء من تسمية أعضائها وفق ما نصت عليه المبادرة الخليجية، وأن يصدر النائب مرسوما رئاسيا بدعوته لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يتم تحديد موعد إجرائها بالتوافق بحيث لا تتجاوز ثلاثة أشهر من توقيع المبادرة الخليجية وآليتها، ثم تشكل الحكومة الجديدة لجنة عسكرية لإعادة هيكلة الجيش، وتعود قرارات وحداته العسكرية للحكومة ونائب الرئيس، وعلى أن تكلف الحكومة للإعداد للانتخابات الرئاسية المبكرة التي ستتم بآلية توافقية، يتم خلالها انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا توافقيا للفترة الانتقالية المحددة بسنتين.

يأتي ذلك في وقت تترقب فيه صنعاء عودة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، وكذا عودة نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي والمستشار السياسي عبد الكريم الإرياني بالإضافة إلى انتظار عودة وفد المعارضة من الخارج ليتم إنجاز الاتفاق الجديد.

إلى ذلك قالت حورية مشهور الناطق الرسمي لقوى الثورة السلمية في اليمن: «إن المجلس الوطني لقوى الثورة وأحزاب اللقاء المشترك عقدوا لقاء مع السفير الأميركي وسفراء الاتحاد الأوروبي، وفي اللقاء تلقوا إشعارا من الجانب الأميركي وسفراء الاتحاد الأوروبي على موافقة الرئيس صالح على تفويض نائبه على التوقيع على المبادرة الخليجية وفق آلية بن عمر» التي تم الموافقة عليها من قبل أحزاب المشترك ونائب الرئيس وبإشراف الموفد الأممي جمال بن عمر. وأضافت مشهور أن «هناك الكثير من العقبات حيال توقيع المبادرة، وفي مقدمتها سفر نائب الرئيس صالح خارج اليمن بهدف العلاج في الولايات المتحدة الأميركية، وقالت إن موضوع العلاج قد يستمر، وإن من يدفع ثمن هذا الغياب هو الشعب اليمني. وحول أول تعليق على موافقة صالح على تفويض نائبه على توقيع المبادرة الخليجية قال النطاق الرسمي: «لقد سمعنا مثل هذا الكلام مرارا وتكرار، وما يهمنا في الوقت الحالي هو الأفعال، ولقد سئمنا الحديث عن موافقة صالح وتوقيعه على المبادرة الخليجية».