«الفردي» و«المختلط» يربكان مشاركة المصريين في الانتخابات البرلمانية

بعد اختفاء «الهلال» و«الجمل» أشهر رموز النظام السابق

TT

تترقب مصر، في الأيام المقبلة، أول انتخابات ديمقراطية تجرى على أراضيها بعد ثورة «25 يناير»، وبينما تزدحم أجندة السياسيين هذه الأيام بالحديث عن برامجهم الانتخابية ورؤيتهم للمستقبل، يقف كثير من المواطنين المصريين بين رغبة المشاركة في هذه الانتخابات المهمة والمصيرية التي تشهدها البلاد، وبين النظام الانتخابي الذي ستجرى به الانتخابات، الذي يصفه الكثير من المراقبين بأنه معقَّد إلى حد ما، خاصة أنها ستكون المرة الأولى الذي يستخدم فيها الكثير من المصريين هذا النظام المختلط بين الاقتراع بنظام الفردي والاقتراع بنظام القائمة وغياب رمزي «الهلال» و«الجمل»، أشهر الرموز الانتخابية للحزب الحاكم المنحل.

ومع مطلع يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يبدأ المصريون الاقتراع بالنظام الجديد الذي لم تعهده البلاد من قبل، بنسبة الثلث للفردي والثلثين للقائمة، وبينما انتهت لجنة الانتخابات من فحص الأوراق المقدمة من المرشحين على المقاعد الفردية في البرلمان، ومرشحي الأحزاب المصرية المختلفة على مقاعد القوائم الحزبية، يسعى الكثير من المواطنين في مصر، الراغبين في المشاركة، إلى مزيد من الفهم لهذا النظام الانتخابي خوفا من أن تذهب أصواتهم أسيرة للبطلان في هذه الانتخابات المهمة.

ويقول محمد عيد (25 عاما)، والفرحة تغمر وجهه: «ستكون هذه الانتخابات البرلمانية الأولى التي أشارك فيها في حياتي، وأنا سعيد جدا لأنني سأعيش الديمقراطية الحقيقية في بلادي بعد الثورة»، لكن هذه السعادة على وجه عيد ما لبثت أن تلاشت وتبدلت بحالة من التعجب عقب سؤاله عن النظام الانتخابي الذي ستجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية، وقال عيد، الذي يعمل مسؤول تسويق بإحدى الشركات: «لا أعرف، بدقة، النظام المختلط بين القائمة ونظام الفردي، ولا أعرف كيف سيتم الاقتراع في هذه الانتخابات، على الرغم من أن المرشحين بدأوا بالفعل الدعاية الانتخابية في دائرتي»، لكن مشكلة التعقيد في الانتخابات المصرية لا تقف حائلا أمام عيد للذهاب للاقتراع. وتابع: «سأذهب يوم الانتخابات إلى اللجنة المدون بها اسمي وسأختار من يمثلني وأتمنى ألا يصبح صوتي باطلا».

ويشارك محمود صلاح (33 عاما)، مهندس إلكترونيات، عيد في المشكلة نفسها من عدم فهم دقيق لكيفية الاقتراع في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويقول: «ليست المرة الأولى لي في الاقتراع، فقد سبق أن اقترعت في انتخابات برلمانية إبان النظام السابق، لكني لا أعرف النظام الجديد للاقتراع الذي سيطبق هذه المرة»، ويستدرك صلاح قائلا: «على ما أعتقد أن الاقتراع يوم الانتخابات لن يكون معقدا، وسأحاول في الفترة المتبقية على الانتخابات فهم المزيد على كيفية التصويت يوم الاقتراع حتى لا أقع في أخطاء».

كانت قضية النظام الانتخابي قد أثارت جدلا سياسيا مستعرا في الفترة الماضية حين أعلن المجلس العسكري الحاكم رغبته إجراء الانتخابات بالنظام الفردي فقط، وهو ما اعترضت عليه القوى السياسية المصرية التي طالبت بإجراء الانتخابات بنظام القائمة دون الفردي، وهو ما رفضه دستوريون مصريون أيضا.. وعقب هذا الجدل اقترح المجلس العسكري أن يكون النظام الانتخابي جامعا بين الفردي والقائمة بنسبة 50% من المقاعد لكل منهما، وهو ما رفضته بعض الأحزاب إلى أن أقر المجلس النظام الانتخابي المختلط بنسبة الثلثين للقائمة والثلث للفردي.

ويؤكد مراقبون أن معدلات المشاركة السياسية عقب سقوط نظام حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي، قد تضاعفت، خاصة مع نظرة التفاؤل لدى المصريين بعد الثورة، وانهيار النظام القمعي الذي كان يتخوف الكثير من المصريين من المشاركة السياسية إبان وجوده في الحكم، لكن هذا التخوف يبدو أنه لا يزال موجودا لدى بعض الأفراد.

مي حسين (35 عاما) تقول: «لن أشارك في الانتخابات، ولا أريد أن أعرف نظام الانتخاب ولا التصويت.. فأنا أخشى الحديث في السياسية، ولم أتعود على المشاركة في الانتخابات». لكن طارق سمير (41 عاما) يختلف مع مي فيقول: «لا بد للجميع أن يشارك، وأنا لم أشارك بحياتي في أي انتخابات، لكني شاركت في الاستفتاء على الدستور، الذي عُقد في مارس (آذار) الماضي، وسأشارك في الانتخابات المقبلة». ويضيف: «لا أعرف نظام الانتخابات بالتفاصيل، لكني سأعرف كيف أقترع وسأعطي صوتي للحزب أو المرشح الفردي الذي سيضمن عدم وجود قمع أو ظلم أو فقر في مصر مرة أخرى».

وعلى الرغم من الصعوبة وعدم فهم الكثيرين من المواطنين البسطاء للنظام الانتخابي فإن الدكتورة باكينام الشرقاوي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تقول: «الديمقراطية ممارسة، والشعب المصري يستطيع ممارستها، ولا مانع من الخطأ والتعلم منه، وهذه الصعوبات ستزول مع تعودنا على التقاليد الديمقراطية، وهو شيء يدعو للتفاؤل ولا يدعو للقلق».