خلافات حول صلاحيات «المجلس العسكري» في مسودة الدستور المصري الجديد

تضمنت الحفاظ على مرجعية «مبادئ الشريعة الإسلامية».. وسرية ميزانية الجيش

متظاهرون مصريون في أحد الشوارع القريبة من ميدان التحرير (إ.ب.أ)
TT

في مؤتمر موسع بدار الأوبرا في القاهرة أمس، عرضت الحكومة المصرية على غالبية القوى السياسية مقترحا لمسودة المبادئ الأساسية للدستور الجديد، تلتزم بها اللجنة التأسيسية للدستور التي سيشكلها البرلمان المقبل. وفي حين غابت القوى الإسلامية عن المؤتمر، وأعلنت رفضها مناقشة أي شيء يتعلق بالدستور خارج إطار البرلمان الذي سيتم انتخابه خلال شهرين، أبدت معظم القوى المشاركة اعتراضها على نصوص بالمسودة تتعلق بسرية ميزانية وزارة الدفاع، وصلاحيات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة المرحلة الانتقالية، التي وصفها البعض بـ«الصلاحيات المطلقة».

وفي حين أكدت المسودة قيام دولة ديمقراطية على أسس المواطنة، وأن الإسلام هو دين الدولة وأن العربية هي اللغة الرسمية، وأن «مبادئ» الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع الرسمي، نصت المادة «9» من المسودة على أن «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقما واحدا في موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره». في حين نصت المادة «10» على «إنشاء مجلس يسمى (مجلس الدفاع الوطني) يتولى رئيس الجمهورية رئاسته».

ووضعت المسودة عدة معايير لتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد؛ أهمها، تشكيل الجمعية من 80 عضوا من غير أعضاء مجلسي الشعب والشورى (البرلمان) يمثلون أطياف المجتمع المصري كافة. كما أكدت المسودة على أنه «إذا تضمن مشروع الدستور الذي أعدته الجمعية التأسيسية نصوصا تتعارض مع المقومات الأساسية للدولة والحقوق والحريات العامة التي استقرت عليها الدساتير، يطلب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بما لديه من سلطات رئيس الجمهورية من الجمعية التأسيسية إعادة النظر في هذه النصوص خلال 15 يوما، وإذا لم توافق يعرض الأمر على المحكمة الدستورية، ويصدر القرار خلال 7 أيام ويكون هذا القرار ملزما للكافة ولجميع السلطات».

كما انتقد البعض خلو المسودة من مبدأ العدالة الاجتماعية، معتبرين أن المادة السادسة التي تتناول هذا الشأن غير كافية.

وقال الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي، الذي ترأس الاجتماع في حضور أكثر من 500 شخصية بينهم عدد من الوزراء، إن الحكومة الحالية تقف على مسافة متساوية من كل الأحزاب ومع إرادة الشعب، وإن هذا الإعلان لم يأت من فراغ وإنما جاء تعبيرا عن الرغبة في مستقبل آمن، وضرورة إعادة التفكير بين القوى السياسية من أجل وضع خريطة طريق للتحول الديمقراطي، رافضا ما سماه مزايدات بعض القوى السياسية لإفشال الإعلان عن المبادئ الدستورية وتصويره على أن الحكومة تحاول الالتفاف على إرادة الشعب التي عبر عنها في استفتاء مارس (آذار) الماضي.

وأوضح السلمي أن المبادئ الأساسية للدستور تستند لأكثر من 10 وثائق توافقت عليها القوى السياسية الرئيسية، وأن هذه المبادئ ليست بدعة، معلنا أنه سيتم تفريغ كل ما دار في الحوار وتصنيف الأحزاب التي وافقت عليه، وسيتم الأخذ بكل توصيات القوى السياسية المشاركة واعتراضاتها حول الوثيقة، على أن ينفذ في مسودة جديدة يعلنها مجلس الوزراء.وقال السلمي إن القوى التي لم تشارك في المؤتمر (قاصدا الإخوان والسلفيين)، عليها أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والسياسية أمام الشعب.

وأعلن الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، موافقة الحزب على مسودة الدستور، مؤكدا أن الدستور لا يوضع وفق هوى أحد، لكنه يعبر عن توافق المواطنين، وقال السعيد لـ«الشرق الأوسط»: «معلوم لدى الجميع أن الوثيقة لن تمر إلا إذا أصدرها المجلس العسكري في مرسوم.. فهل نطلب من المجلس العسكري أن يكون ضامنا وحاميا للدولة ومدنيتها ثم نريد أن ننزع صلاحياته»، مؤكدا أنه لا توجد دولة في العالم تفصِّل ميزانيتها العسكرية.

وأعلن فؤاد بدراوي السكرتير العام لحزب الوفد موافقة الحزب على وثيقة المبادئ الأساسية للدستور، ما عدا المادة التاسعة الخاصة بالقوات المسلحة وميزانيتها، التي طالب بتعديلها. وقال بدراوي إن المسودة المطروحة لا تحمل مبادئ يختلف حولها أحد إلا من كانت لديه أجندة أو حسابات أخرى.

وانسحب أحمد شكري ممثل حزب العدل من الاجتماع، مبديا اعتراضه على ما وصفه بـ«أجواء تتسم بعدم الجدية والانضباط وعدم وجود معايير للحاضرين»، وقال إن «الوثيقة تضمنت نصوصا تسمح بتدخل المجلس العسكري في دور الجمعية التأسيسية للدستور بصفته رئيسا للجمهورية».

وفي حين رفضت أحزاب وقوى إسلامية، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين الدعوة، أعلن عدد من هذه الأحزاب عقد مؤتمر صحافي اليوم (الأربعاء)، للرد على اجتماع السلمي. وقال محمد حسان المتحدث باسم الجماعة الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»، إن إصرار السلمي وهو غير منتخب على فرض تلك المعايير يعيد الأمور إلى ما قبل «25 يناير (كانون الثاني)»، حين كانت السلطة التنفيذية تمارس الوصاية على الشعب، مؤكدا أن هدف إعادة طرح هذه الفكرة هو إرباك في المشهد السياسي.