كلينتون: القيادة التركية الاقتصادية يمكن أن تصبح قوة للتقدم في المنطقة

ألغت زيارتها إلى لندن وإسطنبول بسبب وفاة والدتها

TT

أكدت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، مساء أول من أمس، أهمية النمو الاقتصادي التركي وتداعياته الاستراتيجية على منطقة الشرق الأوسط وعلى العلاقات الأميركية - التركية. وشددت كلينتون على أهمية مواصلة الحكومة التركية للإصلاحات الداخلية والعمل على استقرار المنطقة في وقت يزداد فيه النفوذ التركي على الساحة الدولية. جاء ذلك في خطاب كلينتون في «المؤتمر السنوي حول العلاقات الأميركية - التركية»، المنعقد في واشنطن، والذي شدد على تقدم العلاقات بين البلدين، وخاصة مع التغيرات والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط.

واختارت كلينتون أن تركز في خطابها على العلاقات الاقتصادية بين البلدين و«قيادة تركيا المتزايدة» في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أن الإدارة الأميركية «تصعد من أهمية الدبلوماسية الاقتصادية كأساس للسياسة الخارجية الأميركية كي نواصل القيادة في عالم تسيطر عليه القرارات الاقتصادية بنفس أهمية ساحات المعارك». وأشارت كلينتون إلى «الأعجوبة التركية» التي جعلت الاقتصاد الأميركي يتضاعف 3 مرات خلال العقد الماضي ليصبح الاقتصاد التركي الاقتصاد السابع عشر على مستوى العالم، معتبرة أن ذلك إنجاز يجب أن يفخر به الأتراك. وأضافت أن التداعيات الاستراتيجية لهذا النمو الاقتصادي مهمة، قائلة «علاقة أميركية - تركية قوية أسهمت إلى الازدهار التركي، لذا فالنمو الاقتصاد التركي سيزيد من قوة شراكتنا، ولكي تستفيد تركيا من هذه الفرص الجديدة عليها أن تدعم النمو الديمقراطي الداخلي والاستقرار في المنطقة». وتابعت أن «القيادة الاقتصادية التركية يمكن أن تكون قوة للتقدم في المنطقة».

واعتبرت كلينتون أن «التعاون بين البلدين من خلال عملنا في حلف الشمال الأطلسي يبقي مسار التصدير في البحر المتوسط مفتوحا وآمنا، ونحن نواجه العدوانية في الشرق الأوسط ونساعد على استقرار وازدهار البلقان وأوروبا الوسطى». ولفتت كلينتون أيضا إلى تعاون البلدين من خلال مجموعة دول العشرين، لافتة أيضا إلى الدعم الأميركي لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ولكنها اعتبرت أن «العلاقات الاقتصادية متراجعة خلف الشراكة الأمنية بين البلدين»، مطالبة بزيادة التعاون الاقتصادي بينهما. ويذكر أنه خلال عام 2011 تضاعفت نسبة التجارة الثنائية بين البلدين بنسبة 50 في المائة، مما يعكس الاهتمام الأميركي بهذا المجال. ومن أكثر الشركات المستفيدة من هذا التطور الشركات المتخصصة في مجال الدفاع مثل «رايثيون».

واعتبرت كلينتون أن أي «اقتصاد مزدهر يعتمد على التبادل الحر للأفكار والسير الحر للمعلومات وسيادة القانون»، مشددة على «أهمية الإعلام الحر والمستقل في وقت فيه مخاوف من تراجع بعض الحريات المدنية في تركيا». وطالبت كلينتون بحماية المجتمع المدني في تركيا ومواصلة نموه. واعتبرت أنه «خلال ما يسمى بالصحوة العربية، لدى تركيا فرصة فريدة في وقت التغيير التاريخي هذا، لتظهر قوة الديمقراطية الشاملة والقيادة الإقليمية المسؤولة». وشددت مرة أخرى على أهمية القوة الاقتصادية التركية، قائلة «نؤمن بأن القيادة الاقتصادية التركية لديها القدرة على دعم التغيير الإيجابي أبعد من حدود تركيا فقط، فتركيا تبعث أكثر من ربع صادراتها إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشركاتها تستثمر بشكل مهم في المنطقة». وأضافت «من أجل النجاح يجب أن تكون الصحوة السياسية العربية صحوة اقتصادية أيضا»، متطلعة إلى الدور التركي في التأثير على «تطوير اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

وتطرقت كلينتون إلى التصريحات الواردة من عدد من أعضاء الكونغرس المنتقدة لتركيا والمشككة في قوة العلاقات بين البلدين. وقالت كلينتون «علي الاعتراف بأن بعض الأميركيين وعددا ليس بالقليل في الكونغرس يتساءلون حول مستقبل هذه الشراكة المهمة، ويتساءلون حول الدور المستقبلي التي ستلعبه تركيا في المنطقة»، مضيفة «إنها مسؤولية قيادة بلدينا، عليهم أن يجيبوا عن هذه الأسئلة، ولذلك أريد أن أشدد على أن الولايات المتحدة ترحب بدور تركيا المتنامي في المنطقة وعلى المسرح الدولي». وأضافت «إننا لا نرى الأمور بنفس المنظار، وبالفعل فإنه لا ترى دولتان أو صديقان أو حتى عضوان في نفس العائلة، الأمور بنفس الطريقة، ولكننا واثقون بأنه بينما تتولى تركيا المسؤوليات التي تأتي مع النفوذ المتزايد، ستصبح شراكتنا أكثر إنتاجية خلال السنوات المقبلة».

وألقت كلينتون خطابها قبل ساعات من توجهها إلى المستشفى لتكون بجوار والدتها دوروبي رودهام التي توفيت في وقت متأخر من مساء أول من أمس. وكانت كلينتون ستتوجه أمس إلى لندن، ومن ثم إلى إسطنبول لحضور مؤتمرين، الأول حول حماية الفضاء الإلكتروني، والثاني حول أفغانستان، إلا أنها ألغت سفرها لتكون بجوار والدتها التي مرضت عصر أول من أمس، وتوفيت بعد منتصف ليل أمس، عن عمر يناهز 92 عاما.