الجزائر: قضايا الذاكرة والاعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي تطغى على احتفالات مرور57 سنة على حرب التحرير

عبادو: لا يوجد لدى الفرنسيين طريق أسهل وأقصر لطي صفحة الماضي إلا قول الحقيقة كما هي

TT

رغم مرور 57 سنة على اندلاع حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي، لا يزال الجزائريون متمسكين باعتراف فرنسا بجرائم الاحتلال وتقديم الاعتذار عنها ودفع التعويض لضحاياها. في المقابل، يبدو اليمين الحاكم في فرنسا غير مستعد لهذه الخطوة التي تظل حجر عثرة أمام بناء علاقات طبيعية بين البلدين.

وجاء احتفال الجزائر أمس، بمرور57 سنة على تفجير ثورة التحرير (1 نوفمبر «تشرين الثاني» 1954 - 5 يوليو «تموز» 1962)، على نحو يطبعه الإصرار على دفع فرنسا إلى الاعتذار عن جرائم الاستعمار الذي خضعت له الجزائر مدة 132 سنة (1830 - 1962). ونزل الكثير من المسؤولين الحكوميين وأعضاء ما يعرف بمنظمات «الأسرة الثورية» إلى الميدان، لتنظيم لقاءات مع سكان المدن والقرى لتذكيرهم بأهمية التمسك بمطلب الاعتذار. وتعتبر هذه القضية رهانا بالنسبة للدولة، مرتبط أساسا بالاحتفالات الكبيرة المرتقبة التي تحضر لها فرنسا حاليا، بمناسبة مرور نصف قرن على خروجها من الجزائر (5 يوليو من العام المقبل). فالمسؤولون بالجزائر، يحرصون على «التشويش» على هذا الحدث المرتقب، على أساس أن الاحتفالات ستأخذ طابع «الافتخار بمزايا احتلال الجزائر».

وقال سعيد عبادو، أمين عام منظمة المجاهدين، كبرى جمعيات «الأسرة الثورية» للإذاعة الحكومية، إن الجزائر «ستطوي نهائيا صفحة فرنسا الاستعمارية المخزية، حينما تعلن اعترافها بجرائمها». وأضاف أن «فتح المجال أمام تعاون بين البلدين وإقامة صداقة بين الشعبين، يمر حتما عبر اعتراف فرنسا بالجرائم التي اقترفتها والاعتذار عنها، ودفع التعويض».

وبخصوص صدور قانون جديد في فرنسا، ينص على تعويض ضحايا التجارب النووية التي جرت بالجزائر (ستينات القرن الماضي) ومنطقة بولينيزيا (التسعينات) بالمحيط الهادي، قال عبادو، الذي كان وزيرا للمجاهدين: «إنه مجرد ذر للرماد في العيون ودليل آخر على أن فرنسا ليست جادة في طي هذا الملف».

ويسعى الفرنسيون منذ سنوات، إلى تقديم إشارات مفادها أن احتلالهم الجزائر كان عملا لا يشرف بلد «الحرية والمساواة والإخاء» ولا يبعث على الفخر، فالرئيس نيكولا ساركوزي أدان «النظام الاستعماري الظالم» لما زار الجزائر نهاية 2007، وسفراء فرنسا المتعاقبون بالجزائر، نددوا به في كثير من المناسبات. وتعهد مرشح الحزب الاشتراكي لانتخابات الرئاسة المقبلة، فرانسوا هولاند بأن يعيد النظر في مقاربة فرنسا الرسمية لمسائل الذاكرة والتاريخ، عندما زار الجزائر منذ شهور. ورغم ذلك يرفض الجزائريون التنازل عن اعتراف واعتذار صريحين من فرنسا الرسمية.

ويقول عبادو حول هذا الموضوع بالتحديد، في لقاء مع «الشرق الأوسط»: «إذا كان الفرنسيون يريدون طي صفحة الماضي للانطلاق في بناء علاقات تعاون حقيقية، لا يوجد طريق أسهل وأقصر لذلك إلا بأن يواجهوا الحقيقة كما هي. فنحن لن نقبل أبدا بأقل من الاعتراف بالجرائم والتعويض عنها وتسليم ما نهبه الاستعمار. أما هذا الأسلوب المعتمد من طرف أحفاد المستعمرين مثل تسليم مدفع (مدفع أبو مرزوق) في الذكرى الـ50 للاستقلال، اعتبره نوعا من الاستهتار بقيم الشعوب ونضالها من أجل الحرية والاستقلال».