تدريب القوات العراقية يدخل «بازار» العلاقات مع دول الجوار

عضو في لجنة الأمن البرلمانية لـ «الشرق الأوسط» : لسنا بحاجة إلى مدربين من أحد

مجندة أميركية تلقي تحية الوداع وهي تصعد الطائرة تاركة الأراضي العراقية، أمس (أ.ب)
TT

في الوقت الذي أسدل فيه الستار حتى الآن بشأن قضية بقاء قوات أميركية في العراق لأغراض التدريب بعد الانسحاب الأميركي نهاية العام الحالي فقد برزت الحاجة إلى بدائل من خارج الجيش الأميركي بسبب رفض الكتل السياسية منح من يتبقى من الجنود الأميركيين الحصانة القضائية. وبينما كانت الخيارات المطروحة لبقاء قوات أميركية بصفة مدربين تتمثل ببقائهم ضمن قوات الناتو أو منحهم الحصانة الدبلوماسية فإن المتحدث باسم الجيش الأميركي الجنرال جيفري بيوكانن كان قد قلل في حديث لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق من أمر هذه القضية سواء على صعيد ما صدر عن بعض المسؤولين العراقيين بشأن إصرار الجانب الأميركي على الحصانة أو عدد المدربين.

فبيوكانن أكد أن الجانب الأميركي لا يصر لا على الحصانة ولا على عدد المدربين ملوحا في الوقت نفسه بأن اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تنظم العلاقة المستقبلية بين العراق والولايات المتحدة بعد الانسحاب الأميركي من شأنها أن تتيح المزيد من مجالات التعاون بين البلدين في كل الاتجاهات بما في ذلك عقد مذكرات تفاهم ثنائية بين البلدين. ومع بدء العد التنازلي لنهاية الانسحاب الأميركي فإن قضية تدريب القوات العراقية تحولت إلى واحدة من المعضلات التي تواجه العملية السياسية بينما دخلت «بازار» العلاقة مع دول الجوار، وخصوصا إيران وتركيا.

وفي وقت أعلن فيه مسؤول عراقي رفض بغداد عرضين تقدمت بهما تركيا وإيران لأغراض تدريب القوات العراقية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من قتامة الأجواء المحيطة بهذه القضية، لا سيما أن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي كان قد بحث مؤخرا في أنقرة مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو مسألة البحث عن بدائل مناسبة لتدريب القوات المسلحة في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأميركي بخصوص الحصانة. وكان بيان صدر عن مكتب الهاشمي أشار إلى أن الهاشمي شدد على أهمية مساعدة المجتمع الدولي في بناء قوة مسلحة عراقية متوازنة تحظى بثقة العراقيين جميعا وترتقي بأدائها المهني نحو الأفضل من أجل معالجة أي فراغ أمني قد يحصل بعد انسحاب القوات الأميركية. ومن جانبه، أبدى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان استعداد بلاده في هذا المجال باعتبار أن تسليح الجيش التركي يستند أساسا إلى الترسانة العسكرية الأميركية كما هو حال العراق.

وبينما لم يعلن طرف حكومي عن قيام إيران بشكل واضح بتقديم عرض للحكومة العراقية بخصوص تدريب القوات العراقية فإن طبيعة العلاقة الملتبسة مع دول الجوار بدأت تطغى حتى على قضايا فنية حساسة مثل الجاهزية والتدريب. الجانب الإيراني من جهة وطبقا للمراقبين السياسيين في بغداد لا يريد أن يكون في الصورة في هذه القضية غير أن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أكد خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره العراقي هوشيار زيباري استعداد بلاده للتعاون مع العراق في مرحلة ما بعد الانسحاب. وإذا كانت مثل هذه الإشارة قد فهمت على أنها مساعي إيران لملء الفراغ الأمني بعد رحيل الأميركان فإنها وفي ضوء الخلافات المستمرة بين الكتل العراقية بشأن كل شيء بما في ذلك تدريب القوات العراقية تبدو وكأنها إشارة إيرانية للاستعداد للتدريب أيضا. لكن القيادي في القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان فضلا عن أنه ضابط بارز في الجيش العراقي السابق حامد المطلك قد قلل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من شأن هذه القصة قائلا إن «العراق لا يحتاج إلى مدربين لا عرب ولا أتراك ولا إيرانيين ولا حتى أميركان بل على العكس فإن ما هو موجود من خبرات في الجيش العراقي السابق تجعله قادرا على تدريب جيش القوات العراقية الجديدة بل قوات أخرى وجيوش أخرى».

وأشار المطلك إلى أن «الكثيرين لا يفهمون قضية التدريب ومحتواها العسكري فمن الخطأ الحديث عن بقاء هذا العدد أو ذاك من المدربين بل هناك سياقات في عملية التدريب ضمن اتفاقية أو عقد التسلح حيث يمكن أن يتضمن الحاجة إلى 10 مدربين أو 20 مدربا لهذا النوع من التسلح أو ذاك». وبشأن ما يلاحظ من مساع باتجاه هذا الطرف أو ذاك لأغراض تدريب القوات العراقية، قال المطلك إن «هناك محاولات لاستغلال وضع العراق الحالي، وهو أمر لا بد أن يتوقف، ولا بد أن يتم الانتباه إلى الخبرات العراقية بدلا من عمليات الإقصاء والتهميش المبنية على أحقاد الماضي التي لا تبني دولة في أي حال من الأحوال».