مسؤول أمني في الناصرية يتحدث عن بيان انقلابي للحزب المنحل

قيادي بعثي لـ «الشرق الأوسط» : هل يعقل أن يعلن أي حزب عن انقلاب قبل القيام به

TT

اختفت مفردة «رفيق» و«الرفيق» من اللغة السائدة في الشارع العراقي تماما، خاصة بعد الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددا كبيرا من العراقيين على خلفية اتهامهم بانتمائهم لحزب البعث. وقد ساد استخدام مفردة «الرفيق» منذ سيطر حزب البعث على مقادير السلطة في نهاية ستينات القرن الماضي، وشاع سماع هذه المفردة في الدوائر الحكومية والجيش والجامعات، إذ يطلق تعريف «الرفيق» على من يتمتع بعضوية كاملة في الحزب (عضو عامل) فما فوق، وكان لهذه المفردة صداها الفاعل والمؤثر.

وبينما غابت أيضا مفردة «الأستاذ» التي كانت تطلق حصرا على عدي النجل الأكبر للرئيس العراقي السابق صدام حسين، فإن مفردات بديلة حلت وبقوة في اللغة العراقية السائدة اليوم، هذه المفردات تتناسب والأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة، ولعل أبرزها «السيد» وهو لقب ديني شيعي بحت، و«الدكتور» الذي يسبغ على غالبية من المتنفذين في الحكومة والأحزاب أو على من لا يعرفون مكانته بالضبط، وهناك من تشبث بهذا اللقب وصار يستخدمه كتعريف اجتماعي من دون أن يكون قد حصل حتى على شهادة الثانوية العامة، وسرعان ما فقد لقب «الدكتور» معناه الأكاديمي ليتحول إلى معنى اجتماعي بحت.

وحسب كاتب عراقي فإن «استخدام مفردة الرفيق اليوم كافية لاعتقال من يطلق عليه هذا التعريف حتى وإن كان لأغراض المزاح»، مشيرا إلى أن «مفردة الرفيق ارتبطت بقوة بحزب البعث مع أن الحزب الشيوعي كان أول وأبرز من استخدمها وعلى نطاق واسع»، مشيرا إلى أن «ما يجري منذ أيام في العراق من حملة اعتقالات واسعة ضد مواطنين اتهمتهم السلطات بانتمائهم لحزب البعث وأنهم على صلة لتدبير انقلاب ضد السلطة إنما يقوم على الشبهات وتقارير المخبر السري».

وبينما أعلن مسؤول عراقي محلي أن تنظيما تابعا لحزب البعث الذي تم حله وزع مناشير في محافظة ذي قار تدعو إلى الانقلاب على الحكومة وتتعهد بنصرة ذوي البعثيين الذين اعتقلوا مؤخرا في العراق، سخر قيادي في حزب البعث (العراقي) من «هذه الادعاءات التي تدعو للضحك»، وقال متسائلا «هل يعقل أن يقوم حزب أو أي جماعة بتدبير انقلاب والإعلان عنه عبر بيانات قبل تنفيذ الانقلاب؟».

وقال سجاد شرهان مسؤول اللجنة الأمنية في الناصرية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «تنظيما يسمى أبناء قيادة العامة للجهاد والتحرير تابعا لحزب البعث وزع منشورات في مدينة الناصرية تدعو إلى الانقلاب على الحكومة وطرد رموزها»، مؤكدا أن «بعض المنشورات ألصقت على جدران في منطقة جنوب الناصرية، فيما وزعت أخرى» مشيرا إلى أن «قوات الأمن تطارد حاليا قياديا بعثيا يشتبه بوقوفه وراء هذه المنشورات».

من جهته قال خضير المرشدي الممثل الرسمي لحزب البعث (العراقي) لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من دمشق أمس «لقد أكدنا ولأكثر من مرة أن حزبنا ليس بحاجة لتدبير انقلابات فنحن أعلنا عن برامجنا الوطنية القاضية بتحرير العراق من القوات المحتلة ومن بقايا هذه القوات المتمثلين بالعملية السياسية اليوم»، مشيرا إلى أن «ما أعلنته السلطات الأمنية في مدينة الناصرية حول بيان الانقلاب يدعو بالفعل إلى السخرية، إذ ليس لحزب البعث أي تنظيم آخر يتستر باسمه مثل (أبناء القيادة العامة للجهاد والتحرير) فنحن نرفع شعار التحرير كل يوم، ثم إن من يريد تدبير انقلاب، حسب ادعاء السلطات العراقية، لا يعلن عنه بل ينفذه بسرية حتى لا يتم إفشاله قبل القيام به».

واعتبر المرشدي هذا الخبر «محاولة من السلطات العراقية للاستخفاف بذكاء العراقيين وتبرير الاعتقالات العشوائية القاسية ضد مواطنين أبرياء لا نشاط حزبيا لهم»، منبها إلى أن «البعثيين الحقيقيين الناشطين هم في صفوف المقاومة وهؤلاء لن تصل إليهم السلطات العراقية ولن تتمكن من اعتقالهم».

وكانت السلطات العراقية اعتقلت 615 بعثيا في العراق، 30 منهم في مدينة الناصرية متهمون بالتخطيط لانقلاب بعد الانسحاب الأميركي في نهاية العام. وتعهد المنشور الذي حمل في طياته تهديدا، بنصرة ذوي البعثين المعتقلين.

ومنع الدستور العراقي عودة حزب البعث إلى الحياة السياسية بعد سقوط النظام السابق عام 2003، وتشكلت على أثرها هيئة المساءلة والعدالة، لكنه لم يفرض عقوبات قضائية على أعضائه.