العراقيون يحيون بطقوس حزينة ذكرى مجزرة كنيسة «سيدة النجاة» في بغداد

قيادي مسيحي لـ «الشرق الأوسط» : إفشال المؤامرات مرهون بعدم الاستئثار بالسلطة

TT

اعتبر القيادي المسيحي العراقي البارز يونادم كنا رئيس كتلة الرافدين في البرلمان العراقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الخطأ القول إن الحادث الأليم الذي وقع لكنيسة سيدة النجاة العام الماضي ليس له تأثير وتداعيات على أوضاع المسيحيين في العراق»، منبها إلى أنه «طبقا للمخطط الذي كان يقف خلف تلك العملية والأجندات التي تمثلها فإنني أستطيع القول إن ظن كل من عمل على تحقيق أهدافه بإجلاء المسيحيين من العراق بدوافع مقيتة ومرفوضة من كل العراقيين قد خاب».

وأضاف كنا قائلا «من المؤكد أن هناك جهات خارجية هي التي خططت لتلك المجزرة البشعة وأن هناك من تناغم مع هؤلاء المجرمين بالداخل تحت اسم الجهاد بينما الجهاد بريء منهم لأن المجاهد يقاتل ولا يقتل في حين هم قتلوا ناسا أبرياء أثناء العبادة بمن فيهم نساء وأطفال»، مشيرا إلى أن «من نفذ ذلك المخطط كان يريد بعث رسالة لكنها كانت خاطئة للمسيحيين العراقيين بأن يتركوا البلد بينما هم جزء أساسي وأصيل من العراق ولا يمكن أن يتركوه بأي معنى من المعاني».

وردا على سؤال بشأن طبيعة الهجرة المسيحية التي حصلت بعد استهداف الكنيسة العام الماضي، قال كنا «أستطيع أن أؤكد أن ما حصل من هجرة للمسيحيين العراقيين بعد حادثة الكنيسة ورغم بشاعتها لم تتحول إلى ظاهرة بل هي هجرة طبيعية، فالمسيحيون شأنهم شأن باقي شرائح المجتمع العراقي الذين يهاجر بعضهم لأسباب مختلفة، منها البحث عن فرصة عمل أو استقرار أكثر أو غيرها، لكني أؤكد أنه لا توجد هجرة ممنهجة على الإطلاق، لأن ما حصل لكنيسة النجاة ليس أمرا يخص سيدة النجاة فقط أو المكون المسيحي فقط وإنما حصلت الكثير من الأعمال بعد حادثة الكنيسة وقبلها استهدفت كل مكونات الشعب العراقي مما يلغي نظرية المؤامرة ضد المكون المسيحي مثلما تروج بعض الجهات».

وشدد القيادي المسيحي البارز على ضرورة «أن يتم الانتباه إلى مسألة مهمة وهي العمل بروح التوافق السياسي وعدم الاستئثار بالقرار السياسي والانفراد بالسلطة من قبل أي طرف، حيث إن ذلك هو الطريق الوحيد للاستقرار الذي ننشده في بلدنا الذي نعتز بالانتماء إليه».

وكان قد أحيا مئات المسيحيين أمس في كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد ذكرى المجزرة التي وقعت في هذه الكاتدرائية قبل عام وقضى فيها عشرات المؤمنين واثنان من الكهنة خلال هجوم شنته مجموعة من تنظيم القاعدة خلال إقامة الصلاة.

واتخذت تدابير أمنية مشددة مع انتشار عناصر من القوات الخاصة في الشرطة العراقية حول كاتدرائية سيدة النجاة وعلى سطحها وأسطح المنازل المحيطة بها، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وترأس رتبة الصلاة عن أرواح الضحايا بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس الثالث يونان وشاركه فيها بطريرك الطائفة المارونية في أنطاكية وسائر المشرق بشارة الراعي الذي انتقل من لبنان إلى بغداد خصوصا لإحياء هذه الذكرى. وشارك في الذكرى أيضا عدد كبير من المسؤولين المسلمين.

وقد أغلق الشارع المؤدي إلى الكاتدرائية بحواجز إسمنتية ورفعت عليه صور ضحايا الهجوم بالإضافة إلى لافتات كتب عليها «ندين قتل المسيحيين العراقيين» و»أين صوت الأسرة الدولية؟».

وفي داخل الكنيسة ازدان المذبح بالزهور ورفع على جانبيه رداء الكاهنين اللذين قتلا في الهجوم. ولا تزال جدران الكاتدرائية تحمل آثار الرصاص.

وسقط في الهجوم الذي وقع عشية عيد جميع القديسين 44 قتيلا بينهم سبعة من عناصر قوات الأمن واثنان من الكهنة وكان أكبر هجوم يشن على المسيحيين في العراق.

وبعد انتهاء الصلاة قال البطريرك الراعي «آن الأوان لهذا الشرق أن لا يكون أرض دمار وأرض حديد ونار بل أرض محبة وسلام وإخاء وطمأنينة وحضارة للشعوب».

وأضاف «حرام أن يكون شهداؤنا بذلوا دماءهم لأجل لا شيء».

وقالت إحدى المشاركات في الصلاة، مارغريت بولس «نحن حزانى جدا لما جرى». وأضافت «فليسامح الله الذين قاموا بهذا العمل». وحمل الاعتداء مئات من المسيحيين العراقيين على الفرار من البلاد، والذين لم يتمكنوا من ذلك يعيشون خوفا من تجدد الاعتداءات عليهم.