المباحث الأميركية تكشف بالصور عملية مثيرة لتعقب جواسيس روس

«قصص الأشباح» تتضمن وثائق عن الشبكة

TT

في الليلة نفسها لاحتفالات «الهالوين»، التي تشهد تخويف بعض الناس بعضا برموز الأموات والهياكل البشرية والأشباح، نشر مكتب المباحث الفيدرالي (إف بي آي) الأميركي صورا من عملية «قصص الأشباح»، وهي العملية التجسسية الروسية التي اشترك فيها عشرة رجال ونساء، واستمرت في الولايات المتحدة عدة سنوات، وأعلن كشفها في السنة الماضية.

ورغم أن الصور والوثائق التي نشرت محدودة وفيها أجزاء كثيرة محذوفة، فإن الصور أوضحت أن مكتب «إف بي آي» كان يتعقب أفراد الشبكة ساعة بساعة، وأنه جمع آلاف الصور والوثائق وشرائط الفيديو. وقال متحدث باسم «إف بي آي» إن نشر الصور يجب أن يحذر كل دولة أو منظمة أو أفراد «يعتقدون أن عيون رجال الأمن الأميركيين لا تتابعهم». وركزت الصور على نجمة الشبكة، الشقراء آنا تشابمان، وفيها تعترف خلال مقابلة صحافية وهمية، أنها مهاجرة روسية وتتعمد الاختلاط أكثر بالأميركيين حتى تتعلم سريعا ثقافتهم، وتحس بأنها أميركية. وفي صورة أخرى ظهرت وهي ترسل رسالة بالشفرة إلى رئيس الشبكة.

وبعد اكتشاف الشبكة وعودة أعضائها إلى روسيا، صعد نجم شابمان أكثر، وأعلنت أنها ستصبح سياسية. وقال مراقبون في واشنطن إن عملية «قصص الأشباح» تفوقت على غيرها من عمليات التجسس؛ سواء كانت شرقية أو غربية، لأنها شملت شبكة، وليس فقط شخصا واحدا، ولأنها أمرت الجواسيس بالاختلاط بالأميركيين، والحصول على وظائف عادية. والسبب الآخر، هو أنه تم اكتشاف الشبكة قبل فترة طويلة من الإعلان عنها، مما سمح لشرطة «إف بي آي» بتعقبها وتوثيقها.

وقال المراقبون إن العملية واكتشافها، ثم تبادل أعضائها مع جواسيس أميركيين كانوا معتقلين في روسيا، كانت مثل فيلم جواسيس مثير.

في السنة الماضية، وقفت طائرة أميركية وأخرى روسية، متقاربتين في مطار فيينا، واتجه عشرة تجسسوا لصالح روسيا من الطائرة الأميركية نحو الروسية، فيما اتجه أربعة تجسسوا لصالح أميركا إلى الطائرة الأميركية، من دون الخروج من المطار ومن دون وضع أختام على أي جواز سفر، وعادت كل طائرة بمسافريها الجدد إلى حيث أتت.

وزاد من الإثارة أن المسؤولين الأميركيين أعلنوا الخبر بطريقة لم يسبق لها مثيل. فقد قدمت وزارة الخارجية مسؤولين كبيرين للصحافيين للحديث عن الموضوع، واشترطت عدم نشر اسميهما أو وظيفتيهما، وأن يكون اسم واحد «مسؤول كبير رقم واحد» والثاني «مسؤول كبير رقم اثنان». وأن الأول «دبلوماسي»، والثاني «قانوني»، وأن لا يخلط الصحافيون بينهما.

كل ذلك من دون أن يشاهد الصحافيون المسؤولين لأن المؤتمر الصحافي كان بالهاتف، وشهد تحذير الصحافيين من أن أسماءهم وأسئلتهم ستسجل، وأن أي صحافي يعترض على ذلك «يجب عليه أن يغلق الهاتف الآن، ولا يشترك معنا».

وبالنسبة للذين وافقوا على الاشتراك، تعين عليهم الضغط على الرقم «1» للسؤال، والرقم «2» بعد نهاية السؤال. وفي كل الحالات، لا يتحدث الصحافي والمسؤولان مباشرة، ولكن عن طريق «عاملة اتصال»، تنقل السؤال إلى المسؤولين، ثم تنقل الإجابة إلى الصحافيين. وبعد هذا كله، كرر المسؤولان كثيرا من المعلومات التي كانت وكالات الأخبار نقلتها في وقت سابق عن تبادل الجواسيس في مطار فيينا، في أكبر عملية من نوعها منذ نهاية الحرب الباردة.

وكان اليوم المثير بدأ بنقل الجواسيس الروس العشرة إلى محكمة فيدرالية في نيويورك حيث كانوا تجمعوا منذ اليوم السابق بعد عشرة أيام من اعتقالهم ووضعهم في ثلاثة سجون: في بوسطن ونيويورك وواشنطن.

في المحكمة، وحسب الترتيبات السابقة، اعترف العشرة بأنهم تجسسوا لصالح روسيا، وأن أسماءهم خلال وجودهم في الولايات المتحدة لم تكن أسماءهم الحقيقية. ثم أعلن كل واحد عن اسمه الحقيقي؛ اسمه الروسي. كما أعلنوا أنهم تنازلوا عن أي حقوق قانونية لهم في الولايات المتحدة لأن أسماءهم وتوقيعاتهم في كل العقود والبيانات والاتفاقيات وبيانات القروض والمساعدات والمعاملات لم تكن حقيقية. وبعد ذلك، حكم القاضي، حسب ترتيبات مسبقة مع ممثلي الادعاء، على كل واحد بالسجن بـ12 يوما، هي الفترة التي قضاها في السجن، وبإبعادهم فورا من الولايات المتحدة. وألا يعود أي واحد منهم إلا بقرار خاص من وزير العدل.