دمشق تعلن توصلها إلى اتفاق مع اللجنة العربية لحل الأزمة.. وترحل إلى اجتماع القاهرة اليوم

دبلوماسي عربي لـ «الشرق الأوسط»: نحرص على حل عربي.. لكن صبر العالم سينفد

TT

يجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم لبحث الموقف الذي سيتخذونه إزاء دمشق، في ضوء رد سوريا على الخطة العربية التي سلمت لوزير خارجيتها وليد المعلم، ولكن دبلوماسيين عربا يتوقعون أن يستمر نظام بشار الأسد في «المناورة»، اعتقادا منه أنه يستطيع إنهاء الانتفاضة في بلاده بالوسائل الأمنية.

وكان من المقرر أن تسلم سوريا أمس رد دمشق على الخطة التي سلمتها الأحد اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة في الدوحة لوزير الخارجية السوري.

من جهتها، أعلنت دمشق أمس توصلها إلى اتفاق مع الجامعة العربية بشأن خطتها لحل الأزمة في سوريا.

وعنونت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» في خبر عاجل لها «الاتفاق بين سوريا واللجنة الوزارية العربية على الورقة النهائية بشأن الأوضاع في سوريا، والإعلان الرسمي عن ذلك في مقر الجامعة العربية غدا (الأربعاء) في القاهرة»، دون أن توضح مزيدا من التفاصيل.

وقال مصدر دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط» إن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس الوزراء القطري رئيس اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الوضع في سوريا، سيقدم تقريرا اليوم للمجلس حول نتائج مهمة اللجنة في سوريا واجتماعها في الدوحة. وأضاف المصدر أن ورقة العمل التي أعدتها اللجنة للتعامل مع الأزمة في سوريا تتضمن وقف كل أعمال العنف، وسحب الآليات العسكرية، والإفراج عن المعتقلين، وإجراء حوار بين النظام والمعارضة في القاهرة تحت رعاية الجامعة العربية، مشيرا إلى أن النظام السوري تجاوب مع بعض البنود، ولكنه يصر على عقد الحوار مع المعارضة في دمشق وهو ما ترفضه المعارضة، والجامعة العربية ستحاول إقناع السوريين بالحوار في القاهرة. وأكد المصدر، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، حرص مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري على أن يكون حل الأزمة السورية «عربيا»، وبجهود عربية، لكن المصدر لمح إلى أن صبر العالم قد ينفد إذا استمرت عمليات القتل ضد المدنيين العزل، واستمرت مماطلات النظام السوري، قائلا «إن حلف (الناتو) انتهى من الملف الليبي، وبالتأكيد سيتدخل إذا استمرت عمليات القتل والعنف ضد المدنيين، كذلك الموقف الروسي والصيني لن يظلا إلى ما لا نهاية يساند النظام السوري، فهناك مطالبات منهما أيضا بصوت عال حاليا لوقف العنف».

وكان مجلس جامعة الدول العربية قرر خلال اجتماعه الطارئ على مستوى وزراء الخارجية، في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تشكيل لجنة وزارية برئاسة دولة قطر وعضوية كل من مصر وسلطنة عمان والجزائر والسودان والأمين العام للجامعة العربية، لإجراء اتصالات مع القيادة السورية بهدف إطلاق حوار وطني بين الحكومة والمعارضة السورية خلال 15 يوما.

وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي للصحافيين، أمس، إن «هناك موقفا اتخذته اللجنة الوزارية، وتحدثت فيه مع الحكومة السورية ممثلة في وزير الخارجية السيد وليد المعلم، والرد مفترض أن يصل للاجتماع الوزاري العربي».

وأوضح دبلوماسي رفيع المستوى أن الرد السوري النهائي على الخطة العربية المقترحة لمعالجة الأزمة السورية ينبغي أن يتم إبلاغه في وقت لاحق، أمس، إلى السلطات القطرية.

وقال الدبلوماسي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إن المعلم «طلب الاثنين تعديلات على المبادرة العربية» وإنه «تمت الموافقة على بعض التعديلات الطفيفة، ولكن الوفد العربي طلب منه ردا نهائيا الثلاثاء (أمس) على المبادرة العربية في مجملها» ليكون الموقف السوري واضحا قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر عقده في القاهرة اليوم.

وأوضح أن المبادرة العربية ترتكز أساسا على عنصرين، هما: «وقف العنف، والسماح بدخول منظمات عربية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتحقق من ذلك، ثم عند إحراز تقدم ملموس على الأرض بدء حوار وطني في مقر الجامعة العربية في القاهرة، يشمل كل أطياف المعارضة السورية».

وكانت مصادر مقربة من الوفد السوري قد كشفت في وقت سابق أن دمشق قدمت ورقة طالبت فيها بـ«وقف الحرب الإعلامية» ضدها وتهريب السلاح ورفع العقوبات مقابل جملة من الإصلاحات السريعة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى إجراء انتخابات رئاسية متعددة.

وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطة أن المسؤولين السوريين أجروا أمس مشاورات تتعلق بالخطة السورية، مؤكدة أن «المعلم سلم الجانب القطري أفكارا يراها مناسبة لحل الأزمة في سوريا (...)، وطلب أيضا وقتا للتشاور بشأن أفكار أخرى تضمنتها الورقة مع القيادة في العاصمة السورية».

من جانبه، صرح السفير السوري في القاهرة يوسف أحمد بأن بلاده ستتعامل بـ«إيجابية» مع الخطة العربية، وأدلى وزير الخارجية الجزائرية مراد مدلسي بتصريحات مماثلة.

وقال مدلسي في تصريحاته إنه تم التوصل إلى «اتفاق» مع السوريين خلال اجتماع لجنة المتابعة العربية في الدوحة، موضحا أنه «يأمل أن يتأكد في القاهرة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الدوحة خلال اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، مع السوريين»، كما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية.

إلا أن دبلوماسيين عربا شككوا في أن يتعامل الرئيس السوري بشار الأسد بشكل جدي مع الخطة العربية.

وأكد الدبلوماسيون، الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم، أن «الأسد ما زال يأمل الإفلات من خلال الحل الأمني، خصوصا أنه يدرك أن وضع سوريا مختلف كليا من الناحية الجيواستراتيجية عن وضع ليبيا، وهو على قناعة بأن قطاعات مهمة في المجتمع السوري ما زالت تؤيد النظام، ويدلل على ذلك بأنه ليست هناك حركة احتجاجية في أكبر مدينتين سوريتين، دمشق وحلب».

وقالوا إن الأسد «ربما يعطي إجابة من نوع (نعم ولكن)، في إطار سعيه إلى المناورة وكسب الوقت».

وعبر الدبلوماسيون عن اعتقادهم أن تصريح بشار الأسد الذي حذر فيه من أن أي تدخل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى «زلزال»، من شأنه أن «يحرق المنطقة بأسرها»، يعكس قناعته بأن وضع سوريا مختلف.

وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، حذر الأحد النظام السوري من «اللف والدوران والاحتيال»، داعيا إلى اتخاذ خطوات ملموسة سريعة في سوريا، لتجنب «عاصفة كبيرة» في المنطقة.

يعتقد الدبلوماسيون العرب أنه من المستبعد أن يستجيب وزراء الخارجية العرب لمطلب المعارضة السورية بتجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية.

وقال أحد الدبلوماسيين «هناك دول عربية عدة لا تؤيد مثل هذه الخطوة، وتعتبر أن تجميد عضوية دمشق يعني وقف الاتصالات معها واستمرار العنف وحرمان العرب من مواصلة الضغوط عليها».

ولم يتوقف النظام السوري، الذي لا يعترف بحجم مظاهرات الاحتجاج، ويعزو أعمال العنف في البلاد إلى «عصابات إرهابية»، عن قمع المحتجين الذين يطالبون بتنحي الأسد منذ 15 مارس (آذار). وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من ثلاثة آلاف شخص قضوا في أعمال القمع.

وبينما خيم الصمت والغموض على الموقف السوري الرسمي خلال الساعات الأخيرة للمهلة العربية، تناقلت مواقع إلكترونية سورية قريبة من النظام تصريحات لمصادر دبلوماسية لم تسمها، تؤكد «أن سوريا تعاطت بإيجابية مع الدور الذي أنيط باللجنة العربية، على اعتبار أن لا مصلحة للسوريين في الاختلاف مع الجامعة العربية»، خاصة أن «هناك من يسعى إلى عرقلة عمل اللجنة في سبيل تدويل الوضع في سوريا». وقالت تلك المصادر، بحسب المواقع الإلكترونية، إن هناك قناعة لدى السوريين بأن «عمل اللجنة العربية يجري تحريكه من قبل الولايات المتحدة، التي عجزت عن اتخاذ قرار في مجلس الأمن ضد سوريا»، وأن واشنطن «تسعى إلى تدويل الأزمة السورية بهدف إحراج الدول الداعمة للموقف السوري، خاصة روسيا والصين، وصولا إلى دفع العرب نحو التدويل تسهيلا لاتخاذ موقف في مجلس الأمن ضد سوريا»، وأن «قطر برئاستها للجنة العربية تحاول أخذ الجامعة نحو مواقف وقرارات لا تنسجم مع مصلحة الجامعة ومصلحة العرب».

وقالت تلك المصادر إنه «لم يكن هناك مبرر لمواقف وزير خارجية قطر بعد لقاء اللجنة مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، سوى أن قطر تريد دفع الجامعة نحو اتخاذ موقف سلبي إزاء سوريا»، ورجحت المصادر عدم موافقة السوريين على «إجراء الحوار خارج أراضيها».

وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة (الثورة) الرسمية في افتتاحيتها، أمس، عن حالة من الترقب والانتظار لما سيتمخض عنه العمل العربي بخصوص الوضع في سوريا، وشككت في وجود «أصابع غير عربية لتحقق بالسياسة ما عجزت عن تحقيقه بالتحريض».