الحركة الشعبية تؤكد لـ «الشرق الأوسط» وقوع معارك في جنوب كردفان.. والجيش السوداني ينفي

البروفسور الجعلي عضو المكتب السياسي لـ«الاتحادي الديمقراطي»: اتفقنا مع «المؤتمر الوطني» على أمهات القضايا الوطنية.. لكننا لم نتفق على المشاركة في الحكومة

TT

أعلنت الحركة الشعبية في جنوب كردفان عن معارك جرت أمس في مدينة تلودي بولاية جنوب كردفان، دون أن تعطي تفاصيل عن عدد قتلى أو جرحى، بينما ينفي الجيش السوداني وقوع أي قتال في المدينة. فقد أكد قمر دلمان، المستشار الإعلامي لرئيس الحركة الشعبية في جنوب كردفان، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك معارك عنيفة تدور بين الجيش الشعبي لشمال السودان والقوات الحكومية وميليشيات تابعة لها في منطقة الخزان داخل مدينة تلودي. وأضاف أن المتحدث باسم الجيش السوداني لا يعلم شيئا عما يدور من معارك، مشيرا إلى أن منطقة الخزان بها أكبر معسكر للقوات الحكومية وميليشيات الدفاع الشعبي والجنجويد. وقال «نعلم أن هناك أسلحة خطيرة جاءت بها الحكومة من ليبيا ونقلت إلى تلودي وكادوقلي، وتم تدريب الميليشيات والقوات الحكومية بواسطة إيرانيين». وأضاف «نحن نريد تدمير المعسكر والأسلحة لنقدمها كدليل للمجتمع الدولي على أن الخرطوم أدخلت سلاحا ليبيا إلى السودان». وتابع «معركتنا في تلودي مع ميليشيا (المؤتمر الوطني) مهمة للغاية، وتدمير معسكرهم يمثل أكثر من 75% من قواتهم»، مشددا على أن المدينة ليست تحت سيطرة أي من طرفي الحرب. وناشد دلمان المواطنين للابتعاد عن المنطقة. وقال إن «المؤتمر الوطني» يستخدم المدنيين كدروع بشرية في تلودي وعاصمة الولاية كادوقلي، مضيفا أن قيادة حركته طلبت من الأمم المتحدة إيضاحات حول وجود طائرات تحمل شعار الأمم المتحدة ويتم استخدامها من قبل الحكومة لقصف المدنيين. وقال «لقد شاهد المواطنون أن الطائرات التي تقصفهم تحمل شعار الأمم المتحدة والطلاء الأبيض الذي يميزها، ولذلك استفسرنا المنظمة الدولية، التي قالت إنها ستحقق في الأمر».

من جهته، نفى العقيد الصوارمي خالد سعد، المتحدث باسم الجيش السوداني، وقوع معارك في تلودي. وقال «الحديث عن معارك اليوم (أمس) في تلودي لا أساس له من الصحة، والمقصود به الفرقعة الإعلامية. والمدينة منذ معارك يوم الاثنين الماضي لم تجر فيها عمليات،ولا وجود للحركة الشعبية حول تلودي». وكان الجيش السوداني أعلن يوم الاثنين الماضي أنه صد هجوما لمتمردي الحركة الشعبية على مدينة تلودي. وقال أحمد هارون، والي ولاية جنوب كردفان، في تصريحات صحافية، إن المئات من جنود الحركة الشعبية قتلوا في الهجوم. وتدور مواجهات في جنوب كردفان، الواقعة على حدود السودان مع دولة السودان الجنوبي، بين القوات الحكومية السودانية ومتمردي الحركة الشعبية شمال السودان.

وكان سكان منطقة جنوب كردفان من قبائل النوبة قاتلوا مع الجنوب ضد الشمال في الحرب الأهلية (1983 إلى 2005)، على الرغم من انتمائهم لشمال السودان.

وعلى صعيد آخر، تصاعدت الخلافات بين المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، إثر بيان أصدره الأخير أول من أمس منددا فيه ما نقلته صحيفة «الأخبار» السودانية مؤخرا، عن الرئيس السوداني عمر البشير، قوله إنه أبلغ رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، محمد عثمان الميرغني، أن دخول حزبه في الحكومة المقبلة رهين بحسم وضع نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين والتوم هجو، لأنه انطوى على المطالبة بفصل أشخاص معينين كشرط مسبق للمشاركة في الحكومة المقبلة.

وقال بيان الحزب الاتحادي إنه كحزب مارس العمل السياسي كحكومة إبان العهود الديمقراطية وكمعارضة للأنظمة الشمولية، «لن تجدي مع قيادته أساليب الترغيب أو الترهيب ليتخذ موقفا لا يتماشى مع النهج الذي ارتضته مؤسساته في معالجة قضايا الوطن والمواطنين». وتابع «وعليه، فإن اشتراط رئيس (المؤتمر الوطني) على رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بأن يختار المشاركة أو المعارضة، يعتبر تدخلا في إدارة شأن الحزب.. وهذه التصريحات غير لائقة في إطار الممارسة السياسية»، مؤكدا تبني الحزب لدعوة الوفاق الوطني الشامل لحل مشاكل وأزمات البلاد، مما يوجب التواصل مع كل القوى السياسية في الحكومة والمعارضة.

وقال البروفسور بخاري عبد الله الجعلي، عضو المكتب السياسي وعضو لجنة التفاوض من الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) مع المؤتمر الوطني، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن، «إن ما نشرته صحيفة (الأخبار) منسوبا للسيد رئيس الجمهورية ورئيس (المؤتمر الوطني) المتعلق بشروط حتى يتسنى للحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) المشاركة في الحكومة المقبلة، كان مفاجأة بالنسبة لنا في الحزب، ولهذا رفضناه جملة وتفصيلا، ليس فقط لأنه انطوى على المطالبة بفصل قياديين من قيادات الحزب كشرط مسبق للمشاركة، إنما لأننا قد وصلنا سلفا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع إلى طريق مسدود بشأن المفاوضات الخاصة بالمشاركة، لأن (المؤتمر الوطني) يريد حزبا في قامة الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أن يشترك معه كديكور، وليس شريكا أصيلا». وأضاف البروفسور الجعلي «إنه من المدهش أن يطلب منا (المؤتمر الوطني) أن نتحمل المسؤولية، ولا يمنحنا السلطة والآليات للوفاء بها. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الذين يديرون الأمور في (المؤتمر الوطني) ما زالوا في المربع الأول الذي بدأوا به منذ أكثر من 20 عاما».

وأوضح عضو المكتب السياسي وعضو لجنة التفاوض من الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أنه «بالنسبة لمواصلة الحوار، فإن توجيهات السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب، هي مواصلة الحوار والاتصال مع حزب (المؤتمر الوطني) وكل القوى السياسية الأخرى، ليس بغرض المشاركة في الحكم، وإنما بهدف التوصل إلى وفاق وطني شامل بين كل القوى السياسية لمواجهة ما يواجه السودان من أزمات اقتصادية ضاغطة، وسياسية معقدة داخليا وخارجيا، وأخريات أمنية مقترنة بقضايا ومشاكل اجتماعية». وأكد البروفسور الجعلي أن «الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في حواره مع (المؤتمر الوطني)، في ما يتصل بأمهات القضايا الوطنية ناقشنا معهم قضية الدستور وقطعنا فيه شوطا بعيدا، حيث اتفقنا على العديد من جوانبه مع الاختلاف في بعض الجوانب. والحزب الاتحادي يتبنى فكرة التوصل إلى دستور مؤقت لتغطية ما نعتبره فراغا دستوريا بانفصال الجنوب، وعدم توافر تراض بين كل القوى السياسية على الدستور الانتقالي لعام 2005 المبرم بين (المؤتمر الوطني) والحركة الشعبية، وعلى النقيض مما يدعو له (المؤتمر الوطني)، وهو كتابة دستور دائم للبلاد، ومناط الاختلاف يعود إلى أننا نعتقد في الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أنه من الميسور جدا التوصل إلى دستور مؤقت تتفق عليه كل القوى السياسية في السودان خلال وقت قصير، ولنا في ذلك تجربة اتفاق القوى السياسية في غضون أيام معدودات في دستور عام 1955، الدستور المؤقت، حتى يتسنى إعلان استقلال السودان. أما عملية التوصل إلى دستور دائم، فهي عملية طويلة ومعقدة وشائكة، تتطلب بين أمور أخرى تكوين لجنة قومية في البدء، تشترك فيها كل القوى السياسية، ثم لجنة فنية ذات طابع قانوني، ثم عرضه على جمعية تأسيسية منتخبة لإجازته، وقد يرى آخرون بعد إجازته من الجمعية التأسيسية عرضه لاستفتاء عام، مؤدى العملية الطويلة والمعقدة أننا بحاجة إلى زمن طويل جدا قد يكون عاما وقد يمتد إلى أعوام عديدة. لهذا تبنينا في الحزب الاتحادي فكرة الدستور المؤقت في هذه المرحلة».