القوى السياسية في مصر تصطف لمواجهة «وثيقة السلمي»

«الإخوان» دعوا لمليونية «الثورة الثانية»

TT

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس العسكري (الحاكم) في مصر يتجه لإصدار وثيقة الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء، التي تضع مبادئ حاكمة للجنة صياغة الدستور الجديد، في إعلان دستوري لتحصينها، بعد أن فشل السلمي في إقناع القوى السياسية بتبني الوثيقة التي تم إعلانها أول من أمس في مؤتمر قاطعته التيارات الإسلامية. وأنهت الوثيقة حالة الاستقطاب السياسي في البلاد، واصطفت القوى السياسية لمواجهتها، اعتراضا على مادة قالوا إنها «تمنح الجيش سلطات مطلقة». وفي تطور لافت دعت جماعة الإخوان المسلمين إلى مظاهرة مليونية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «الثورة الثانية»، احتجاجا على الوثيقة. وقال عضو باللجنة التي استعان بها السلمي لوضع الوثيقة، إن «المادة التاسعة التي تمنح الجيش حصانة لم يتم الاتفاق عليها أو عرضها خلال عمل اللجنة».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس العسكري يتجه لإصدار وثيقة السلمي للمبادئ الحاكمة، ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية للدستور، في إعلان دستوري جديد، وهو ما أكدته جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها صدر أمس، قائلة: «فوجئنا بدعوة من الدكتور على السلمي للأحزاب السياسية لإقرار مواد دستورية، واعتبار هذه الأمور ملزمة للشعب كله وإصدارها في صورة إعلان دستوري جديد».

وقال الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين لـ«الشرق الأوسط»، إن «السلمي قال بشكل واضح، إن الوثيقة ملزمة، ولا توجد طريقة لجعلها كذلك إلا بإصدارها في إعلان دستوري».

وعلق مصدر مقرب من السلمي قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الأمر ليس بجديد، كان المجلس يستعد لإصدار الوثيقة في إعلان دستوري قبل نحو شهر، إلا أن الأمر كله تأجل بعد الأزمة الصحية التي ألمت بالدكتور السلمي».

وكان المجلس العسكري قد أصدر في وقت سابق إعلانا دستوريا مكملا تضمن نصا واحدا يحصن إجراء الانتخابات البرلمانية بالجمع بين نظامي القائمة (ثلثي المقاعد) والفردي (ثلث المقاعد)، وقالت القوى السياسية حينها، إنه صدر بشكل سري، وهو ما يعمق مخاوفها بشأن أن يتخذ المجلس العسكري إجراء مماثلا.

ومنيت القوى السياسية الداعمة للوثيقة بالخيبة بعد إعلان نصوص الوثيقة أول من أمس، واحتجت القوى والأحزاب السياسية على تضمين الوثيقة مادة قالت إنها تضع المؤسسة العسكرية فوق الدستور وتمنحها سلطات تفوق سلطات رئيس الجمهورية. وتوالت أمس بيانات القوى السياسية التي رفضت الوثيقة، وأعلنت القوى الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، تحديها للسلمي في مؤتمر عقد أمس، وطالبت بإقالته، ودعت إلى المشاركة في مليونية 18 نوفمبر، للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) الماضي. وفي تصعيد لافت، اتفقت قوى التحالف الديمقراطي الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين ويضم 15 حزبا وحركة سياسية على رفع شعار «الثورة الثانية» في مظاهرة الجمعة 18 الحالي، بعد أن كانت الجماعة، الأكثر تنظيما في البلاد، تتحفظ على هذا الشعار الذي رفعه نشطاء مصريون في وقت سابق.

وتضمنت المادة التي أثارت استياء القوى السياسية، أنه «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقما واحدا في موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره. ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب».

وقال الدكتور عمرو حمزاوي، أحد أعضاء اللجنة الاستشارية التي اعتمد عليها السلمي في إعداد وثيقة المبادئ الحاكمة لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة لم يعرض عليها نص المادة التاسعة بالصيغة التي صدرت بها». وأضاف حمزاوي، أحد الوكلاء المؤسسين لحزب «مصر الحرية» الليبرالي، أنه يرفض الوثيقة.

وأبدت الدكتورة تهاني الجبالي، عضو بلجنة السلمي الاستشارية، دهشتها مما سمته «الضجة المفتعلة» بشأن المادة التاسعة التي تضمنتها الوثيقة، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حالة من انعدام الرشد.. لم أعد قادرة على الفهم.. هذه المادة عرضت خلال المناقشات مع القوى الحزبية المختلفة ومحاضر هذه الاجتماعات موثقة وموجودة لدى مجلس الوزراء».