النظام يعامل سكان القصير على أنهم «عملاء».. والمدينة تعيش تحت الترويع والإرهاب

ناشط: لدى النظام قناعة بأن المنطقة تستخدم لتهريب السلاح من لبنان إلى الثوار والمنتفضين

دبابات تقصف الشوارع في حمص أمس (موقع أوغاريت)
TT

منذ أكثر من 10 أيام تقصف مدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية والواقعة في محافظة حمص. المدينة المزنرة بالفقر والمحرومة منذ سنوات، تبدو على استعداد دائم لتلقي «ضربات» موجعة من النظام الذي يتهمها بأنها «منطقة خارجة عن سيطرته وعميلة»، ويعامل سكانها على أنهم «عملاء» و«مندسون». ومنذ أيام تخضع المدينة لقصف يومي عبر دبابات مدججة بالسلاح ومن خلال طيران جوي، وتغير الطائرات فوق سمائها ليلا ونهارا في «محاولة حثيثة لإرهاب السكان وترويعهم»، على حد قول أحد الناشطين السياسيين في المدينة لـ«الشرق الأوسط».

يبدو المشهد في القصير «مخيفا»، على حد تعبيره، فـ«الحالة سيئة هناك، رعب وخوف، والموت يلاحق كل شخص فيها». وعلى الرغم من كل الظروف الصعبة، يخرج الآلاف من سكان القصير إلى الميدان ويتصارعون مع قدرهم. يصطفون في مظاهرات حاشدة يناصرون فيها أهلهم في حمص التي تتعرض إلى «حملة شعواء من قبل نظام الأسد المجرم لأن الجنود ينشقون من جيش الأسد ويأوون إليها»، بحسب الناشط.

اعتاد السكان العيش في حالة اللاهدوء منذ اندلاع الانتفاضة السورية، إلا أن الوضع اشتد سوءا بعد «أن صوب النظام أهدافه على هذه المنطقة الملاصقة للقرى اللبنانية». ويشير الناشط إلى أن «لدى النظام قناعة بأن القصير تستخدم كمنطقة عبور لتهريب السلاح من لبنان إلى الثوار والمنتفضين، على الرغم من أن المظاهرات في سوريا لا تزال سلمية». ويؤكد أن «النظام يستهدف القصير لأنه يتم فيها إسعاف الجرحى وإيواء النازحين الهاربين من بطش الأجهزة الأمنية والشبيحة التابعين للنظام».

يقول أهالي القصير إنهم يعانون من ظلم النظام السوري وإهماله منذ سنوات طويلة، وعندما قرروا أن ينتفضوا مثلهم مثل باقي المدن السورية للمطالبة بـ«إسقاط النظام»، كانت النتيجة استهدافهم وقتل المدنيين منهم. ويذكر الناشط أن «النظام اقتحمها أول مرة لخمسة أيام متتالية وقطع الكهرباء عن أحيائها وقراها ومنع الماء عن سكانها وأغرقها في ظلام دامس وصار الطيران يرهب أهلها في تحليقه فوق سمائها مرات عدة في اليوم. أما الدبابات فأمست تقصف بيوتها الآمنة وتدمرها فوق رؤوس المدنيين». وأكد أن بيتا في قرية الجوسة القريبة، قصف «وبقي تحت الردم 3 فتيات صغيرات».

وأوضح الناشط أن «النظام قام بمجزرة في القصير منذ 6 أيام، ورمى جثث القتلى في نهر العاصي الذي يمر في المنطقة». وأشار إلى أن «إسعاف الجرحى صار يتم في البساتين بعد أن تحول المستشفى الوطني في المدينة إلى مركز أمني للشبيحة. حيث يدخل الجريح ويخرج مقتولا على أيديهم. بعد أن صار النظام يعتمد أسلوبا في التصفيات داخل المستشفيات الآمنة».

الضحايا المدنيون في القصير، بلغ عددهم حتى يوم أمس 60 شخصا، والعدد في ازدياد بسبب استمرار استهداف الأحياء وقصفها. ويزنر المنطقة مجموعات مسلحة تابعة لقوات الأمن السورية، المعروفون بـ«شبيحة» النظام، ويؤكد الناشط أنهم «يحوطون الأبنية والبيوت الفقيرة ويقتحمونها». ويقول إن «القصير اقتحمت ودكت بالدبابات وقصفت أكثر من 3 مرات خلال 10 أيام».

معظم سكان المنطقة يعملون في الزراعة، ولا شيء يعيلهم على الحياة سوى الأرض وتربتها التي تسقى اليوم بدماء شبابها الثائر على «نظام بائس وظالم»، وفق الناشط. ويوضح أن النظام «يجبر أهالي الضحايا قبل تسلم جثث أبنائهم على إمضاء أوراق تثبت أن أبناءهم قتلوا على يد مسلحين مجهولين وليس على يد الجنود التابعين لجيش الأسد»، مضيفا أن «المقدم عمار الجرس، مسؤول مفرزة الأمن في القصير العسكرية، يوجد أثناء دفن القتلى في المقابر ويمنع الأهل من البكاء على أولادهم أو الخروج في مظاهرات تشتم الأسد ونظامه ويهدد الأهالي بالإبادة والقتل».

ويشير إلى أن «شبيحة» النظام صاروا يسرقون البيوت ويهددون السكان ويبتزونهم بالمال، مؤكدا أن في كل حي وحارة هناك حاجز أمني يتم فيه تدقيق الهويات. ويضيف «أن حظر التجول يبدأ منذ الساعة السادسة مساء، ولا يمكن لأحد أن يتجول وكل شخص معرض للقتل»، مؤكدا أن «المدارس معظمها مغلقة والحياة مشلولة». ويقول: «لقد بدأنا في مظاهراتنا سلميين وسنسقط بشار الأسد سلميين بإذن الله».

يشار إلى أن القصير تبعد عن مدينة حمص غربا نحو 35 كم، وعن الحدود اللبنانية 15 كم، وهي في أغلبها أرض سهلية لا تتخللها ارتفاعات كثيرة، والقسم الأكبر من أراضيها هي أراض مروية، تتغذى من مياه نهر العاصي، وهناك قسم آخر بعلي لا تصل إليه مياه النهر. اسم «القصير» أتى من كون هذه المدينة في القديم مرتعا للغزلان، التي تعود إلى عائلة مردم بيك.