رئيس الوزراء المصري الأسبق: الثورة سرقت.. وأتوقع فوز الإسلاميين بأغلبية البرلمان

عبد العزيز حجازي في حوار مع «الشرق الأوسط» : أرجح ظهور مرشح عسكري لرئاسة الدولة

عبد العزيز حجازي متحدثا لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

دعا رئيس الوزراء المصري الأسبق، الدكتور عبد العزيز حجازي، الذي يرأس حاليا الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، الحكومة المصرية والجيش إلى التدخل الحاسم والجاد لاستعادة هيبة الأمن القومي الداخلي، والتغلب على الانفلات الذي اتسم به الشارع المصري منذ سقوط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، في فبراير (شباط) الماضي، خاصة أن البلاد مقبلة قبل نهاية هذا الشهر على انتخابات نيابية سوف تستمر نحو ثلاثة أشهر. وتوقع حجازي في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة أن تشهد العملية الانتخابية «هرجا ومرجا»، وشدد على ضرورة وجود حزم من الحكومة والمجلس العسكري «الذي يجب أن تكون له سلطات رئيس الجمهورية ليتخذ موقفا جادا».

وقال الدكتور حجازي إن تيار الإسلام السياسي، وخاصة حزب الحرية والعدالة، المعبر عن جماعة الإخوان المسلمين، سوف يحوز الأغلبية في البرلمان المقبل، بسبب انضباطهم وتوجههم عادة لصناديق الاقتراع حين يطلب منهم ذلك، مشيرا إلى أن الوضع العام في الربيع العربي يتصدره الإسلاميون مثلما حدث في تونس، لكنه قال إن ترشح فلول الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، الذي كان يرأسه مبارك، واحتمال فوز الكثير منهم سوف يؤثر على نسبة الإسلاميين في الانتخابات، ومن المحتمل أن يحققوا التوازن مع الإسلاميين في البرلمان.

وأضاف الدكتور حجازي أن المجلس العسكري سيقبل بصعود الإسلاميين وتسليم السلطة لمدنيين، معربا عن اعتقاده أن المجلس الذي يدير البلاد منذ سقوط مبارك «لن يحيد عن هذا الأمر»، لأنه «لا يستطيع أن يقف أمام التيار الإسلامي الذي أصبح يشكل قوة مؤثرة في توجهات المقترعين».

وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بعد انتخابات البرلمان ووضع دستور للبلاد، قال الدكتور حجازي إنه يتوقع أن يكون هناك مرشح عسكري، لافتا إلى أن الشخصيات التي طرحت نفسها لا تتوافر فيها المواصفات المطلوبة للانتقال بمصر إلى مرحلة جديدة، وأعرب عن توقعه ظهور شخصيات جديدة في وقت لاحق من العام المقبل.

وتحدث حجازي عن الأحداث الطائفية التي تكررت مؤخرا في البلاد، مثل أحداث ماسبيرو وإمبابة، قائلا إنه كان واضحا أن هناك أيديا خفية أرادت أن تحدث وقيعة وفتنة، مشددا على الحاجة إلى الحوار من أجل التوافق بين المسلمين والمسيحيين. وإلى تفاصيل الحوار..

* مصر مقبلة الآن على انتخابات برلمانية، ويقول البعض إن الانفلات الأمني وأوضاعا أخرى يمكن أن تهدد هذه العملية.. فما رأيك؟

- لا بد من تدخل حاسم وجاد من وزارة الداخلية والجيش، لأنه لا يصح أن يترك البلد بهذا الشكل، ونجد 340 ألف أمين شرطة يضربون عن العمل على مستوى الجمهورية، واحتلال عمارات إسكان الدولة، وآخرين يوقفون خط السكة الحديد 9 أيام، لا يجب أن تترك الدولة بهذا الشكل. لا بد أن نستعيد الأمن القومي الداخلي، وأتوقع أن الانتخابات سيحدث فيها إضرابات و«هرج ومرج»، ولكن لا أتوقع أنها ستصل إلى وقف الانتخابات أو تأجيلها.. سيكون هناك تحسب للانتخابات. كان من المقترح أن تدخل (وزارة) الداخلية عناصر جديدة لها لدعم الجانب الشرطي، ويمكن أن تستعين بعناصر من القوات المسلحة.

* لكن تعلم الفجوة والفراغ الذي حدث أثناء الثورة والذي انهار معه دور (وزارة) الداخلية.. فكيف برأيك يمكن استعادة الثقة فيهم؟

- هل هذا يعني أن نترك البلطجية في الشارع ونترك التجاوزات التي تحدث؟ لا بد من وجود حزم من الحكومة والمجلس العسكري الذي يجب أن تكون له سلطات رئيس الجمهورية ليتخذ موقفا جادا.

* لماذا لم يشعر الناس بالتغيير؟

- لأنه لا توجد مشاريع احتضنوها وحققوها، ونحن نحاول أن نوجههم حاليا، لكن هذا متأخر.

* أي من الأحزاب أو القوى تتوقع أن تحصد الأغلبية في الانتخابات البرلمانية؟

- الإسلاميون.. وتحديدا حزب الحرية والعدالة المعبر عن جماعة الإخوان المسلمين؛ لأن لديهم قواعد في الشارع.

* لكن هناك قوى أخرى لها قواعد مثل السلفيين؟

- أعتقد أنه سيكون هناك تنسيق بينهم وبين الإخوان، لأنهم إذا اختلفوا أو تصارعوا فسيضر بعضهم بعضا.

* يرى البعض أن صعود الإسلاميين سيأتي في صالح الدولة المصرية الجديدة؟

- الوضع العام في الربيع العربي تصدره الإسلاميون، في تونس حصلوا على أغلبية في الانتخابات. وسيناريو تونس سيتكرر في مصر مثلما تكرر في الثورة. وأنا أتوقع أن العائلات والعصبيات ستلعب دورا مهما في الانتخابات، وبالتالي يمكن أن ترشح «فلول الحزب الوطني (المنحل)»، وعليه فإن هذا سيؤثر على نسبة الإسلاميين في الانتخابات، وبالتالي يحققون التوازن مع الإسلاميين في البرلمان.

* توقعاتك بأغلبية برلمانية للإسلاميين هل سيكون لها آثار سلبية على مصر كما يتحدث كثيرون؟

- الإسلاميون منضبطون تنظيميا، وبالتالي عند توجيههم للتصويت يخرجون (لصناديق الاقتراع)، وهذا على عكس باقي القوى الأخرى.. وإذا كان (تيار) الإسلام (السياسي) معتدلا فلا بأس في ذلك، لأن هذه جماعات كانت محظورة وحاليا لم تعد محظورة. لا بد أن تكون برامجهم قائمة على الوسطية، ولكنني أخشى من السلفيين وما يعلن حاليا من فتاوى وغيرها.

* هل برامج القوى الإسلامية الحالية تمثل إسلاما وسطيا؟ وهل المجتمع الدولي سيقبل صعودهم؟

- لن يقبل.. لأن أثر المتطرفين يعلو على المعتدلين، ونجد أثر (الحركة) السلفية بارزا أكثر، وبالتالي نجد رفضا من المجتمع، وإذا نجحت القوى الوسطية في أن تحقق توافقا مع المتشددين فمن الممكن أن يخفف هذا من الهجوم عليهم.

* هل المجلس العسكري سيقبل بصعود الإسلاميين وتسليم السلطة لمدنيين؟

- أعتقد ذلك ولن يحيد عن هذا الأمر، لأنه لا يستطيع أن يقف أمام التيار الإسلامي الذي أصبح يشكل قوة ظهرت في الاستفتاء (في مارس – آذار الماضي)، فرغم أنه لم يكن معبرا عن رأي الناس التي كانت تريد الدستور أولا، فإن الإسلاميين استطاعوا أن يسيطروا ويوجهوا الشارع للتصويت بالموافقة على التعديلات.

* هل النظام الانتخابي (بالقائمة والفردي) الموجود مناسب لطبيعة المرحلة؟

- أنا أرفض نظام القوائم؛ لأنه قائم على أساس برامج أحزاب ولا توجد برامج للأحزاب، وكان من الأفضل أن نعتمد النظام الفردي حتى يعبر عن كل القوى، فالثورة لا تعني تغييرا جذريا في كل شيء، كما أن معدل الأمية في الشعب نسبته عالية.

* في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية.. كيف تقيم الشخصيات التي طرحت نفسها كمرشحين محتملين للرئاسة؟ وهل تتوقع ترشح شخصية ذات خلفية عسكرية؟

- نعم.. أتوقع أن يكون هناك مرشح عسكري، وقد نفاجأ بشخصيات جديدة لأن الباب مفتوح.. فيجب أن نحدد المواصفات التي يجب أن تتوفر في الرئيس المقبل، مثل أن يأخذ الكاريزما من عبد الناصر، والسياسية من السادات، والخبرة والممارسة الحقيقية مثل (الدكتور محمد) البرادعي (المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية)، أو شخصية مارست سلطة.

* هل هذه المواصفات تتوافر في الشخصيات التي طرحت نفسها؟

- لا تنطبق على أي مرشح.. ومتوقع أن تظهر شخصيات جديدة في نهاية الانتخابات البرلمانية.

* في وثيقة الحوار (الوطني) كانت هناك توصيات بخصوص الحوار بين الأديان والأحداث الطائفية بعد الثورة.. كيف يمكن معالجة هذه القضية؟

- الأحداث التي جرت كانت لأسباب فردية، ولكن الإعلام ضخم المشكلة، فلا بد أن تكون هناك مشاركة في الحوار والمعاملات.

* الأحداث الطائفية تكررت كثيرا بعد الثورة مثل أحداث ماسبيرو وإمبابة.. فهل هي قابله للاشتعال في أي وقت؟

- كان واضحا في أحداث ماسبيرو أن هناك أيدي خفية أرادت أن تحدث وقيعة وفتنة، لكن الأمر يحتاج لمزيد من الحوار، وبالفعل مجلس بيت العائلة (برعاية الأزهر والكنيسة القبطية) تم إنشاؤه لجمع الطرفين في حوار مشترك، فالفروق في العقيدة أمر لا نقترب منه، ولكن هناك مشتركات يمكن البناء عليها، ولكن نحن لم نمش حتى الآن على الطريق السليم نحو التوافق بين المسلمين والمسيحيين.. وسبق أن اشتركت في حوار الأديان مع الأمير حسن بالأردن بين الإسلام والمسيحية واليهودية، وركزنا في أول موضوع على أخلاقيات التعاملات بين الأديان الثلاثة، ثم تحدثنا عن العدل والتوافق والسماحة ولكنه أعلن، ولم يصل إلى القواعد.. ونتمنى أن تكون هناك لقاءات على مستوى القواعد لنقل تلك المشتركات.

* إلى أي مدى تعبر وثيقة الحوار الوطني التي أعلنت مؤخرا بمصر، عن الواقع المجتمعي في البلاد حاليا؟

- تعبر عن آراء المشاركين في جلسات الحوار الوطني، وضمت ممثلي الأحزاب وشباب الثورة والنقابات والمجتمع العلمي والأكاديمي، وبالتالي فهي غطت كل فئات الشعب، ووضعنا كل الوثائق الخاصة بالحوار على الإنترنت لنشر تفاصيل الحوار على الجميع.. بجانب حوارات في 13 محافظة أيضا، وأحيي المصريين العاملين بالسعودية برئاسة السفير والمستشار الثقافي؛ لأنهم أجروا مناقشات حوارية حول محاور الحوار الوطني الخمسة، وهي «الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية البشرية والاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الثقافية، وعلاقة مصر بالخارج».

* هل تلقيتم مشاركات من مصريين آخرين ممن يعملون بالخارج؟

- لم يحدث.. المصريون في أميركا اتصلوا للمشاركة لكنهم لم يستطيعوا أن يديروا حوارا هناك بسبب تشتت الأماكن الموجودين فيها بين الولايات المختلفة.. وفكرنا في إجراء استقصاء حول وثيقة الحوار الوطني لكن عدم توافر التمويل اللازم جعلنا لا نفكر فيه.

* لكن القوى التي شاركت في الحوار الوطني منذ مايو، وخاصة شباب الثورة، لم تعد فاعلة في الشارع، على عكس قوى تصدرت المشهد كثيرا حاليا مثل التيار الإسلامي.

- لا نستطيع أن نقول شباب الثورة غير موجود؛ لأن لدينا 222 ائتلافا من شباب الثورة حاليا، وشارك في الحوار وقتها نحو 150 شابا من الائتلافات المختلفة، وفي جلسات الحوار المصغرة كان يشارك 20 متخصصا و5 من شباب الثورة، ولكن الذي ركب الموجة جماعات التغيير والأحزاب السياسية، لذا أقول إن الثورة سرقت.

* كيف سُرقت الثورة؟ ومن سرقها؟

- عدم وجود قيادة لها، والتشتت.. (كل هذا قلل) من أهمية نشاطهم إلا في الاعتصامات والمظاهرات.

* لماذا لم يبادر الحوار الوطني بتجميع قوى الثورة لتوحيد صفوفهم من البداية؟

- حاولت أن أفعل ذلك، ودعوت لمؤتمر يضم الشباب جميعا لكي نناقش أفكارهم ورؤاهم، ولكن كل مجموعة من 5 أفراد مثلا يتجمعون ويشكلون ائتلافا، حتى إن بعض الحركات، مثل حركة 6 أبريل، انقسموا فيما بينهم، وحاولت أن أعمل ائتلافا موحدا من كل هذه الائتلافات لكن كان أمرا صعبا..

* وما هي الصعوبات التي واجهتك؟

- البحث عن الزعامة.. فكل شاب يريد أن يكون زعيما أو عضوا في الائتلاف الرئيسي الذي يشكل، حاولت أن أنظم لهم مؤتمرا.. قلت لهم ضعوا الأجندة وأسماء الناس التي تشارك، وبالفعل قدموا أجندة واجتمعت مجموعة تمثل الائتلافات، واختاروا أمينا لهذه المجموعة اسمه المستشار أحمد فؤاد، نائب رئيس مجلس الدولة، فجاءت مجموعة وقالت أين نحن من هذا؟ وبالتالي حصل تناقض.

* وأين دور الجمعيات الأهلية خاصة أن عددها نحو 32 ألف جمعية؟

- هناك أدوار تقوم بها الجمعيات، ونحن جمعنا في الاتحاد نحو 350 تجربة رائدة من الجمعيات بعد الثورة من خلال عمل ميداني حقيقي، فهناك مراكز تدريب، ونقوم بتدريب على مستوى المحافظات حول الانتخابات.. ونسعى لإنشاء اتحادات نوعية للتخصصات الصحية والثقافية، ولكن اختصاصات هذه الاتحادات ضعيفة؛ لأن القانون لا يعطي لها سلطات. ونحن أجرينا تعديلا على قانون الجمعيات وقدمناه للحكومة والبرلمان قبل الثورة، ولكنه ما زال حبيس الأدراج حتى الآن، واعترضت عليه المنظمات الحقوقية؛ لأنها تحصل على معونات خارجية ولا تريد أي رقابة عليها من الحكومة.

* كيف ترى هذه المشكلة؟ وما دوركم في الرقابة على هذا التمويل؟

- لدينا فلسفة في هذا الأمر، حيث تحدثنا مع المؤسسات المانحة، وقلنا لهم ليس هناك مانع من توجيه الدعم للجمعيات، ولكن حسب الأولويات التي تراها مصر، وليس حسب البرامج التي يتم وضعها، فلو أراد دعما للتعليم يأتي ونقدم له الجمعيات المتخصصة في هذا الأمر، وليس أن يقوم بتوجيه الدعم لجمعيات محددة، فهذا كان سبب الخلاف معهم.. الأمر الآخر نطالب بالإفصاح عن استخدام هذه الأموال وحجمها وأوجه صرفها، فنجد مثلا جمعية تحصل على 25 مليونا، وأخرى على 30 مليونا، في حين لا تحصل جمعيات أخرى على شيء.

* لماذا لا يراقب الاتحاد العام للجمعيات هذا التمويل حلا للمشكلة؟

- لا دخل لنا بهذا الأمر؛ لأن القانون لا يعطينا هذا الحق، وإنما وزارة التضامن يمكن أن يكون لها متابعة لهذا الأمر.

* قضية التمويل الخارجي للجمعيات تؤخذ على أنها أجندات خارجية تطبق داخل مصر عن طريق تلك الجمعيات، فكيف ترى ذلك؟

- في الخارج من يحصل على تمويل بهذا الشكل يعتبره القانون عميلا ويجب أن تطبق عليه عقوبة القتل.

* ولكن هل المؤسسات والجمعيات التي تحصل على تمويل من الخارج استطاعت أن تحقق شيئا للمجتمع؟

- طلبت منهم منذ عام أن يشكلوا اتحادا خاصا ومستقلا بهم، يكون للجمعيات الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن يكون هناك تنسيق بيننا، وتحدثت معهم بالفعل، ولكنهم رفضوا لأنهم لا يريدون رقابة من أي جهة. والأموال التي حصلت عليها هذه الجمعيات كان يجب أن تنفق في أشياء مفيدة للمجتمع، مثل (علاج مشكلات) الفقر والأمية، ولا تنفق على مؤتمرات وندوات والدعوات في الفنادق الكبرى، فهذه الأموال يساء استخدامها.. وأنا قلت للسفيرة الأميركية السابقة أنفقتم 3 تريليونات (دولار) على الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك لم تحققوا الديمقراطية أو تحموا حقوق الإنسان، فلو وجهت هذه الأموال للشعب لكان أفضل.

* لكن هناك تمويلات تأتي أيضا للحركات السياسية والجماعات مثل السلفيين وما قيل عن حركة 6 أبريل؟

- أنا أطالب حاليا بإصدار قانون خاص لتنظيم جمع الزكاة والمنح والتبرعات، وهذا أوصيت به في وثيقة الحوار الوطني.

* البعض يتهم حكومة الدكتور عصام شرف بالتعامل مع الأزمات بنظام المسكنات؟

- الدكتور شرف لديه مجموعة من التحديات تمنعه من أن يقوم بالدور المنتظر منه، فهو كل يوم أشبه بالذي يطفئ حرائق فقط. كل يوم حادث جديد وأزمة مختلفة، وبالتالي انشغل عن القضايا الأساسية، وأصبحت المشكلات اليومية تطغى على نشاطه. وطبيعي أن يعمل بأسلوب المسكنات بسبب الأحداث المتكررة.

* بماذا تنصح حكومة الدكتور شرف؟

- يجب أن يركز على قضية الفقراء والمهمشين.. الحكومة لم تستطع أن تتحكم في قضية الغلاء بشكل كبير، ولكن نجحت في توفير السلع الأساسية، لكن القروض والديون والموازنة العامة للدولة تحتاج لجهد كبير.

* كنت رئيسا للوزراء في فترة مهمة في تاريخ مصر، وهي فترة حرب أكتوبر 1973، فهل هناك فروق مع الفترة التي نعيشها حاليا؟

- لا توجد فروق كبيرة. ويمكن أن تتبع نفس القواعد، لأن (الرئيس المصري الأسبق جمال) عبد الناصر وضع الأسس التي نسير عليها في ما يعرف ببيان 30 مارس (آذار)، الذي وضع فيه السياسات العامة وتعيين المسؤولين المعنيين لمتابعة هذا البرنامج، وبالتالي الهدف محدد وهو الناس ومطالبهم، وبالتالي يجب أن نحدد الهدف ثم النظام المالي المتبع.. هل هو رأسمالي أو اشتراكي أو مختلط.

* كنت وزيرا للمالية في عهد عبد الناصر ورئيسا للحكومة في عهد السادات، ثم عاصرت فترة حكم مبارك، فكيف تقيم فترات كل رئيس منهم؟

- عبد الناصر زعيم بكل معنى الكلمة، وأخطاؤه في (حرب عام) 1967 كانت بمؤامرة أميركية * إسرائيلية ضده للتخلص منه، وقالوا إنه «الديك الرومي» الذي نريده.. أما السادات فكان رجل سياسة أكثر من أي شيء، فلم يكن ينشغل بالمشكلات الداخلية.. كنت حين أعرض عليه أمورا كان يقول هذه مسؤوليتك، وكان تركيزه الأساسي على الإعداد لمعركة أكتوبر (تشرين الأول) على أعلى مستوى، وبالتالي دخلنا المعركة وكل واحد منا لديه هدف واضح، وبالتالي لم نفلس أو تحدث مشكلات.

* وفي ما يتعلق بفترة حكم مبارك..

- في كل فترة رئيس هناك سلبيات وإيجابيات.. فلا يمكن أن يكون العهد كله إيجابيا أو سلبيا، لأنه كانت هناك مشاريع استصلاح أراض وتنمية وطيران ومترو أنفاق، ولكن كانت هناك سلبيات.

* لماذا ثار الشعب ضده طالما حقق تنمية؟

- الفساد السياسي.

* وصفت مبارك قبل الثورة بأنه حكيم؟

- نعم.. لأنه طيار، والطيار يعمل حسابا لكل شيء والمخاطر التي تواجهه، ولكنه بعد عام 2005 لم يكن يحكم وهذا كان أكبر خطأ.

* قلت إنك تسعى لتوحيد قوى الثورة، فهل ستترشح للرئاسة مثلا؟

- شباب الثورة طالبوا بالفعل على «فيس بوك» بترشيحي للرئاسة، وطلبت منهم أن يرفعوا ذلك، لأني أديت دوري وأستطيع أن أفيد بتجاربي، كما أن ظروفي الصحية لا تسمح بترشيح نفسي حاليا.