مشاورات بين الأحزاب التونسية حول المرحلة المقبلة

حمادي الجبالي يؤكد انفتاح «النهضة» على كل القوى السياسية في تونس.. ومخاوف المرأة متواصلة حول مكتسباتها

نساء تونسيات يخرجن في مظاهرات احتجاجية في تونس، أمس، للمطالبة بالحفاظ على مكاسبهن في الدستور الجديد للبلاد (رويترز)
TT

واصل قادة عدد من الأحزاب التونسية في المشهد السياسي الجديد أمس مشاوراتهم للاتفاق على مختلف مكونات المرحلة الانتقالية الثانية منذ قيام الثورة والإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل أكثر من تسعة أشهر. وكانت الأحزاب الثلاثة الرئيسية وهي: حزب «النهضة» الإسلامي الفائز بـ90 مقعدا، وحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» وهو يسار قومي وحصل على 30 مقعدا في المجلس التأسيسي، وحزب «التكتل من أجل العمل والحريات» اليسار الوسطي والفائز بـ21 مقعدا، عقدت أول من أمس لقاءات مع رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك الذي زار تونس اليومين الماضيين. ويضم المجلس التأسيسي 217 عضوا.

وأكد الأمين العام لحزب النهضة حمادي الجبالي في تصريحات للتلفزيون التونسي عقب لقائه بوزيك، انفتاح حزبه على كل القوى السياسية في تونس «الممثلة داخل المجلس التأسيسي وغير الممثلة» في المشاورات الجارية.

من جانبه، شدد رئيس حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» المنصف المرزوقي على أن حزبه يعمل على «الاتفاق على خارطة طريق المرحلة المقبلة، ثم نأتي إلى توزيع المسؤوليات وليس المغانم»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح مصدر مسؤول في حزب المؤتمر أن قيادته «تركز على الاتفاق على المضمون والبرامج والإصلاحات التي ستنفذ، قبل الأسماء أو المدة الزمنية، لأن البرنامج الذي سينفذ هو الذي يحدد من سينفذها وخلال أي مدة زمنية»، وأشار إلى مرونة موقف حزبه الذي لم يوقع وثيقة التزمت فيها الأحزاب الرئيسية بأن تكون الفترة الانتقالية سنة واحدة.

وقال المصدر إنه بخلاف ما توحي به تصريحات البعض، فإن «المشاورات والمفاوضات ليست سهلة، وقد يتطلب تشكيل الحكومة وقتا أطول مما يتصوره البعض»، كاشفا أن حزبه اقترح أن يتولى وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية المقبلة.

أما مصطفى بن جعفر زعيم «التكتل»، فقد وصف أول من أمس المشاورات واللقاءات الثنائية الجارية حاليا بأنها «جس نبض» نافيا وجود أي تحالف ثلاثي بين «النهضة» و«المؤتمر» و«التكتل»، ومؤكدا أنه سيشارك في الحكم وأنه يطرح «حكومة مصلحة وطنية»، ودعا إلى تشكيل قوة من الوسط واليسار لتعديل ميزان القوى مع «النهضة».

ويتوقع أن يدعو الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع المجلس التأسيسي المنتخب إلى الاجتماع الأسبوع المقبل. ويتولى المجلس التأسيسي اختيار رئيسه ونائبيه والاتفاق على نظامه الداخلي ونظام مؤقت لإدارة الدولة. كما يعين رئيسا مؤقتا جديدا خلفا للمبزع الذي كان أعلن أنه سينسحب من العمل السياسي حال تسليم الرئاسة.

وبعدها، يكلف الرئيس المؤقت الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس بتشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الإطاحة بنظام بن علي.

وبالتوازي مع تحضيرات الأحزاب الكبرى للتحالف وتحديد رؤيتهم لكيفية العمل وصياغة الدستور، تظاهر مئات التونسيات أمس أمام مكتب الوزير الأول الباجي قائد السبسي بالقصبة، للمطالبة باحترام حقوق المرأة في دستور البلاد المقبل وسط مخاوف من تراجع حريات المرأة بعد فوز حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي.

وتجمعت نحو 500 امرأة في ساحة القصبة ورفعن لافتات كتب عليها: «لن نفرط في مكتسباتنا»، و«نطالب بدستور يحترم كل حقوق المرأة» و«لا تمييز.. لا جهويات.. نريد مساواة».

وأثار فوز حركة النهضة الإسلامية المعتدلة بأكثر من 40 في المائة من مقاعد المجلس التأسيسي قلق وخشية بعض ناشطات حقوق الإنسان من إمكانية التراجع عن المكاسب التي حققتها المرأة التونسية.

ورغم أن زعيم «النهضة» راشد الغنوشي تعهد باستمرار احترام حريات المرأة وتعزيزها وعدم فرض الحجاب إضافة للسماح ببيع الخمور وحتى ارتداء ملابس البحر، فإن ذلك لم يقلل مخاوف البعض.

وقالت محتجة اسمها مديحة بلحاج: «نحن هنا لنطالب بإدراج ما يشير إلى احترام حقوق المرأة والابتعاد عن التطرف الديني.. جئنا إلى هنا بعد عدة إشارات للتطرف الديني في عدة مناطق من البلاد في الآونة الأخيرة»، حسب «رويترز».

وجاءت هذه المظاهرة بعد دعوات على «فيس بوك» إثر طرد طلبة لأستاذة من الفصل بسبب لباس قصير وحوادث مماثلة. وتسعى المتظاهرات إلى الحصول على تعهد من كل الأطراف السياسية في البلاد بضمانات كافية بأن يتضمن الدستور الجديد نقاطا تشير إلى تعزيز مكاسب المرأة باتجاه المساواة الكاملة.