الانتخابات تظهر أن لا مكان في تونس للأحزاب «القديمة»

ناشط سابق: أحزاب المعارضة في عهد بن علي فقدت مبررات وجودها

TT

أظهرت نتائج الانتخابات التونسية أنه لم يعد هناك مكان لما يسمى بـ«الأحزاب القديمة»، ومنيت الأحزاب المحسوبة على التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل والأحزاب التي كانت موالية لحزب بن علي بهزيمة واضحة في انتخابات المجلس التأسيسي، ودعت معظم هذه الأحزاب مكاتبها السياسية إلى الانعقاد لتقديم تفسيرات لهذا الوضع الذي لم ينتظروه، حيث تقهقرت مواقعهم أمام الأحزاب التي تأسست بعد الثورة وخاصة حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية. فما عدا حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» الذي حصل على 21 مقعدا و«الحزب الديمقراطي التقدمي» الحاصل على 17 مقعدا في المجلس التأسيسي، لم تحقق بقية الأحزاب التي كانت موجودة منذ وقت نظام بن علي نتائج تذكر.

وجاءت ردود أفعالها متفاوتة، فقد أعلن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي (حزب قومي عربي) بزعامة أحمد الاينوبلي عن حل المكتب السياسي للحزب وجاء في الإعلان الذي وزعه على وسائل إعلام محلية «يعلن المكتب السياسي للحزب حل نفسه وتحوله إلى قيادة مؤقتة لتصريف الشأن اليومي للحزب إلى حين انعقاد المجلس الوطني للحزب»، وفسر محللون سياسيون هذا القرار بعدم حصول الحزب على أي مقعد من مقاعد المجلس التأسيسي فيما يشبه العقوبة الجماعية للأحزاب التي ناصرت بن علي أثناء 23 سنة من الحكم الفردي.

والاتحاد الديمقراطي الوحدوي ليس الحزب الوحيد الذي لم يحصل على أي مقعد من مقاعد المجلس، بل يضاف له حزب الوحدة الشعبية بقيادة محمد بوشيحة والحزب الاجتماعي التحرري بزعامة المنذر ثابت وحزب الخضر من أجل التقدم بزعامة المنجي الخماسي. كما أن الأحزاب السياسية التي دعمت بن علي ورشحته لرئاسة تونس خلال الانتخابات الرئاسية الماضية عرفت تقريبا نفس المصير، فحزب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي كان لها النصيب الأوفر من مقاعد مجلس النواب (البرلمان) في انتخابات سنة 2009 بـ16 مقعدا وهي بذلك قد احتلت المرتبة الثانية مباشرة بعد التجمع الدستوري الديمقراطي لم تتمكن في انتخابات المجلس التأسيسي من الحصول إلا على مقعدين.

وبشأن الأحزاب التي تكونت في عهد بن علي، قال عبد الكريم عمر عضو سابق للمكتب السياسي للاتحاد الوحدوي الديمقراطي (غادر الحزب يوم 15 يناير الماضي) إن معظم تلك الأحزاب المعارضة في عهد الرئيس السابق قد فقدت مبررات وجودها فقد كانت على حد قوله أحزاب ضرورة في مواجهة الظلم والاستبداد وأدت مهام محددة في ظل نظام القمع والترهيب. وبعد الثورة أشعت الشمس على الجميع ولم تعد تلك الأحزاب تؤدي أي دور من الأدوار التي أوجدتها وهي اليوم قد منيت بخسارة فادحة وقاسية في انتخابات المجلس التأسيسي وعليها أن تغير وجوهها السياسية وتركيبتها وخطابها السياسي فالحديث عن الحريات المصادرة والظلم والاستبداد قد تلاشى تدريجيا وليس هناك أي مبرر لمواصلة تلك الأحزاب الوجود إلى جانب قوى سياسية أخرى صعدت بعد الثورة ولها زخم كبير على مستوى الشرعية النضالية لا يمكن قياسها بأحزاب كانت في «جبة» (جلباب) الحزب الحاكم.