توسيع الاستيطان وحجب الأموال مقدمة لسلسلة عقوبات قادمة ضد الفلسطينيين

مسؤولون في الجيش والمخابرات الإسرائيلية: المساس بالسلطة هو عقاب لنا

نتنياهو ينصت إلى يعلون خلال حفل إحياء ذكرى اغتيال رحبعام زئيف وزير السياحة الإسرائيلي عام 2001، أمس (رويترز)
TT

رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض اعتبار قراره توسيع الاستيطان عقوبة للشعب الفلسطيني على قبول فلسطين عضوا كاملا في اليونيسكو، أكدت مصادر إسرائيلية رفيعة أن هذا القرار هو مقدمة فقط لسلسلة عقوبات أخرى أقرتها اللجنة الوزارية الثمانية بقيادة نتنياهو وتنوي تنفيذها على عدة مراحل في المستقبل. لكن مصادر في قيادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية حذرت من هذه العقوبات، وقالت إن من يتعمق في الآثار السلبية التي ستتركها على الفلسطينيين ورد فعلهم، سيدرك أنها ستكون عقوبات لإسرائيل في الواقع وليس للسلطة الفلسطينية.

وكانت اللجنة الوزارية، التي تضم رئيس الوزراء و7 وزراء آخرين، يتولون اتخاذ القرارات المصيرية في الحكومة الإسرائيلية قد اجتمعوا بحضور قادة الأجهزة الأمنية حتى ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، للبحث في الرد الإسرائيلي على قرار ضم فلسطين إلى اليونيسكو والرد على القصف الصاروخي من قطاع غزة. وشهدت الجلسة خلافات شديدة حول هذا الرد، أدى إلى تقليص العقوبات المقترحة. فقد أراد نتنياهو وعدد من الوزراء المتطرفين، أمثال موشيه يعلون، عقوبات صارمة. وبعث وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الذي تغيب عن الجلسة لارتباطه باجتماع آخر في وزارته، برسالة يطالب فيها بقطع الصلة مع السلطة الفلسطينية تماما. ولكن اعتراض الجنرالات وبعض الوزراء، جعل العقوبات محدودة، حسب مصادر أمنية.

وقررت اللجنة إطلاق مشروع لبناء 2000 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة، و«غوش عتصيون» (قرب بيت لحم) و«معاليه أدوميم» جنوب شرقي القدس المحتلة. وادعى مكتب رئيس الحكومة أن البناء الاستيطاني سيكون في مناطق ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية ضمن أي اتفاق سلام مستقبلي ولن يغير الوضع في الضفة الغربية.

وطرح وزير المالية، يوفال شتاينتس، اقتراحا بحجب أموال الجمارك التي تجبيها إسرائيل شهريا لصالح السلطة الفلسطينية، بقيمة 100 مليون دولار. لكن اعتراض الجيش ووزير الدفاع إيهود باراك، جعل القرار «مؤقتا حتى الجلسة القادمة للجنة»، على أن يجتمع نتنياهو وشتاينتس في القريب ويتخذا قرارا نهائيا في الموضوع. ويرى شتاينتس أن حجب الأموال هذا الشهر، عشية عيد الأضحى المبارك سيشكل ضربة موجعة للسلطة الفلسطينية لأنها لن تستطيع دفع رواتب الموظفين ورجال الشرطة الفلسطينية. وقال باراك في الجلسة إن وقف تحويل هذه الأموال من شأنه أن يعرض للخطر استمرار التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومن الممكن أن يؤدي إلى «تفجر العنف». كما قررت اللجنة عدم السماح لبعثة من منظمة اليونيسكو بدخول إسرائيل، إضافة إلى دراسة سحب بطاقات «شخصية مهمة جدا» من عدد من المسؤولين في السلطة الفلسطينية. وقررت عددا آخر من العقوبات، لكنها لم تحسم تنفيذها حاليا بانتظار دراستها في الأجهزة الأمنية.وأثارت هذه القرارات موجة من الاعتراضات في الحلبتين السياسية والأمنية الإسرائيلية. فقالت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني إنها قرارات غبية تمس بمصالح إسرائيل الاستراتيجية وتدل على عجز الحكومة عن اتخاذ قرارات شجاعة لبدء المفاوضات واستبدالها بقرارات مغامرة تهدد بانفجار الأوضاع الأمنية وتشديد العزلة على إسرائيل. وقالت رئيسة حزب العمل المعارض، شيلي يحيموفتش، إن حكومة نتنياهو - باراك قررت عمليا دفع السلطة الفلسطينية إلى الانهيار. وقالت إن ما يسير هذه الحكومة ليس العقل والمسؤولية، بل الغرائز وروح الانتقام.

وحذر رئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك) الأسبق، يعقوب بيري، من دفع السلطة إلى الانهيار، وقال إن «هذه السلطة كيان قائم، ويعمل ويحقق وينجح في فرض القانون والنظام في الضفة الغربية، وهي مقبولة ولها مكانة في غالبية دول العالم ويظهر ذلك في النتائج في الأمم المتحدة واليونيسكو، كما أنها تمكنت من عزل إسرائيل عن أمم العالم. والمساس بها يضر بإسرائيل أكثر مما يفيدها».

وقال موشي مرزوق، المستشار للشؤون العربية في قيادة «تنسيق العمليات في المناطق (الضفة الغربية وقطاع غزة)»، إنه يعتقد أن حل السلطة سيكون بمثابة «عقاب شديد لإسرائيل». وبحسبه فإن حل السلطة سوف يضطر إسرائيل إلى العودة إلى السيطرة الأمنية الكاملة على الضفة الغربية، وتضاف إلى ذلك المسؤولية عن التعليم والصحة وكافة مجالات الحياة الأخرى. وأضاف «في الواقع سوف نعود إلى الفترة التي سبقت إقامة السلطة». وتابع مرزوق، الذي يعمل كباحث في «معهد السياسات ضد الإرهاب»، أن مثل هذا الوضع سيكون له أبعاد دولية خطيرة، خاصة أن وضع إسرائيل الآن ليس جيدا.

وحذر مرزوق من أن «حالة الفراغ تضع إسرائيل في صورة شعب يحتل سكانا مدنيين من دون قيادة، وهو وضع حساس من الناحية القضائية والإعلامية». ويقول أيضا إن هذه الخطوة سيكون لها تأثير اقتصادي بعيد المدى، وليس من المستبعد أن توقف الدول الأوروبية المساعدات الاقتصادية التي تقدمها اليوم للسلطة الفلسطينية.