القضاء البريطاني يقضي بتسليم جوليان أسانج إلى السويد لمواجهة تهم اغتصاب امرأتين

أمامه أسبوعان لاستئناف الحكم.. وإلا ستبدأ إجراءات نقله

مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج يغادر المحكمة العليا في لندن أمس (إ.ب.أ)
TT

خسر جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس»، معركته مع القضاء البريطاني الذي قضى، أمس، بتسليمه إلى السويد، حيث يواجه تهما باغتصاب امرأتين خلال زيارته لاستوكهولم في أغسطس (آب) العام الماضي. وقال محامي أسانج بعد صدور الحكم، إن موكله سيقرر خلال أسبوعين ما إذا كان سيستأنف القرار أمام المحكمة العليا، وهو ما سيكلفه 19 ألف جنيه إسترليني (نحو 30 ألف دولار أميركي)، ملمحا إلى أن ذلك قد يكون غير ممكن بسبب التكلفة المالية الباهظة.

وأعلن القاضي اللورد توماس الذي أصدر حكمه بإرسال أسانج إلى السويد، بناء على مذكرة توقيف أوروبية، أنه سيحدد خلال 3 أسابيع موعدا لسماع أي قضية سيقدمها أسانج للسماح له بالاستئناف أمام المحكمة العليا. ولكي يستأنف القرار، فإن على مؤسس موقع «ويكيليكس»، الذي أغضب واشنطن بنشره وثائق دبلوماسية سرية مسربة، أن يقنع القضاة بأن هناك قضية ذات أهمية. وإذا نجح في إقناع القضاة بالسماح له بالاستئناف أمام المحكمة العليا، فقد تطول الإجراءات القانونية للعام المقبل، بينما يبقى قيد إطلاق السراح المشروط. أما إذا فشل في أخذ قضيته للمحكمة العليا، فعندها يكون على الشرطة البريطانية أن تنسق لنقله إلى السويد في مهلة 10 أيام، مما يعني أنه يمكن لأسانج أن يجد نفسه في السويد في نهاية الشهر الحالي لمواجهة تهم الاغتصاب.

وأعلن أسانج، الذي اعتقل قبل 11 شهرا تقريبا ثم أطلق سراحه بكفالة وبشروط، بعد سماع الحكم، للصحافيين أمام قاعة المحكمة، حيث تجمع مؤيدوه أيضا، أنه سيدرس الخطوات المقبلة في الأيام القادمة.

وتريد السلطات السويدية استجواب أسانج بشأن اتهامات وجهتها له متطوعتان سابقتان في مؤسسة «ويكيليكس» بالاغتصاب والاعتداء الجنسي. وأنصت أسانج بإمعان لما قيل خلال الجلسة التي استمرت 10 دقائق ولم يبد على وجهه أي رد فعل. والتف أنصاره حوله لدى وصوله إلى قاعة المحكمة ومغادرته لها. ولوح هو بيديه وابتسم عندما هتف محتج أمام كاتدرائية سان بول للتعبير عن دعم الحاضرين له.

وجاء في ملخص الحكم الذي قضى بتسليم أسانج للسويد أن «المحكمة رفضت الاستئناف»، قبل أن توضح الحجج التي استند إليها أسانج في طعنه بالقرار الذي أصدرته المحكمة الدنيا في فبراير (شباط) بتسليمه إلى السويد. ورفض القضاة طلب دفاع أسانج بأنه يجب أن لا يتم تسليمه إلى السويد لمجرد أنه مطلوب للتحقيق معه وأنه لم توجه إليه تلك التهم. ورفض القضاة أيضا حجة محامي أسانج بأن مذكرة الاعتقال كانت بمثابة العمل «المفرط» نظرا لأن أسانج عرض أن يتم استجوابه عبر دائرة فيديو، إلا أن المحكمة رفضت هذه الحجة. وينفي مؤسس «ويكيليكس» التهم الموجهة إليه وقال إنها ذات دوافع سياسية بسبب نشاطات «ويكيليكس». ويخضع أسانج للإقامة الجبرية منذ اعتقاله أول مرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وخلال جلسة الاستماع في تموز (يوليو) الماضي قال أسانج إن مذكرة الاعتقال الأوروبية التي اعتقل بموجبها في ديسمبر غير قانونية لأنها صدرت من قبل مدع وليس من قبل محكمة.

غير أن القضاة البريطانيين قالوا إن المذكرة خضعت للفحص القضائي المناسب في السويد، كما رفضوا تأكيد أسانج أن اتهام امرأة له بالاعتداء الجنسي وأخرى بالاغتصاب لا يعد مخالفات بموجب القانون البريطاني.

ويعيش أسانج في ظروف مقيدة تحت الكفالة، إذ إن عليه أن يرتدي جهازا إلكترونيا صغيرا في كاحله، كما أن عليه الخروج والدخول في مواعيد معينة من منزل مؤيده الكابتن السابق في الجيش فون سميث في شرق إنجلترا. وحضر سميث إلى المحكمة أمس مع عدد من أنصار أسانج ومن بينهم الصحافي جون بيلغر. وفي مذكراته التي نشرت في سبتمبر (أيلول)، أكد أسانج نفيه اتهاماته بالاغتصاب. وكتب: «لم أغتصب هاتين المرأتين، ولا أستطيع أن أتخيل أن شيئا حدث بيننا يجعل لديهما الاعتقاد بذلك إلا بدافع الحقد أو خطة مشتركة للإيقاع بي أو سوء فهم رهيب». وأضاف: «قد أكون متعصبا لرجولتي بشكل ما، لكنني لست مغتصبا».

وألقت هذه القضية بظلالها على أسانج وموقعه الذي نشر ما يزيد على 250 ألف برقية دبلوماسية أميركية سرية العام الماضي. وكان قاض بريطاني قد وافق على طلب من السويد بتسلم أسانج خبير الكومبيوتر في فبراير، ولكن أسانج طعن على هذا الحكم. ورفضت المحكمة العليا الطعن، أمس. ويعتبر أسانج أن القضية لها دوافع سياسية ربما من مسؤولين أميركيين غاضبين لكشف موقعه وثائق سرية لوزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين. وكان أسانج قد قال إن «ويكيليكس» ستوقف نشر البرقيات السرية وتكرس نفسها بدلا من ذلك لجمع أموال بسبب توقف شركات أميركية مثل «فيزا» و«ماستركارد» عن دفع أموال لها. وقال إنه إذا لم يتم إنهاء هذا الحصار المالي بنهاية العام فإن «ويكيليكس» لن تكون قادرة على الاستمرار.