منظمة أميركية تتهم الخرطوم وميليشيات تابعة لها بقتل واغتصاب مدنيين في النيل الأزرق

الحكومة السودانية ترفض تجديد الولايات المتحدة عقوبات عليها وتعتبر الخطوة كيدا سياسيا

TT

رفضت الحكومة السودانية تجديد الولايات المتحدة عقوباتها المفروضة على الخرطوم منذ 14 عاما، معتبرة الخطوة بالكيد السياسي الذي يستهدف مصالح الشعب السوداني ويرمي لإحداث تنازلات في المواقف السياسية فيما يتصل بمشاريع الهيمنة الأميركية في المنطقة، في وقت اتهمت منظمة حقوقية أميركية الثلاثاء القوات المسلحة السودانية والميليشيات التابعة لها بقتل واغتصاب المدنيين في ولاية النيل الأزرق التي تشهد قتالا بين القوات الحكومية وثوار الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية في شمال البلاد.

واعتبرت الخارجية السودانية في بيان لها أن العقوبات التي فرضتها واشنطن سياسية وأن القصد منها الإضرار بمصالح شعب السودان الحيوية وممارسة المزيد من الضغوط على حكومته لتقديم تنازلات بشأن مواقفها السياسية، خاصة تلك التي تتصل بمشاريع الهيمنة الأميركية في المنطقة. وقال البيان إن الدولة ظلت ترفض تدابير اقتصادية قسرية كهذه، باعتبارها وسيلة للإكراه السياسي والاقتصادي، وتشكل مخالفة صريحة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون والاتفاقات الدولية المنظمة للعلاقات التجارية والاقتصادية والمالية بين الدول، وأكدت الخارجية السودانية أنه تقديرا للثقل الأميركي على الساحة الدولية، انخرطت الحكومة في حوارات جادة مع الإدارة الأميركية لتوضيح المواقف وتفنيد المزاعم المتعلقة باتهامات السودان، وأضاف البيان أن الإدارة الأميركية اعترفت لأكثر من مرة بأن السودان أوفى بما التزم به، إلا أنها، ظلت تنكص المرة تلو الأخرى عن الوعود التي تقطعها على نفسها برفع تلك العقوبات.

وجدد البيان رفض السودان الصارم لتجديد تلك العقوبات، وإدانة سلوك الإدارة الأميركية ومعاييرها المزدوجة بأقوى العبارات، وأعلنت الخرطوم تمسك الدولة باستقلال القرار الوطني، وحق الشعب في أن يعيش حرا مستقلا، دون ترغيب أو ترهيب من أحد.

من جانبه كشف رئيس البرلمان السوداني أحمد إبراهيم الطاهر، عن اتصالات وترتيبات لإجراء حوار مباشر مع أعضاء الكونغرس الأميركي حول ما سماه المواقف العدائية التي تضمرها بعض المجموعات داخل الكونغرس حيال السودان، وقال إن هناك مجموعة من المسيحيين الجدد وبعض المجموعات تمسك بملف السودان تتصرف فيه بعدائية ظاهرة، مشيرا إلى أن تلك المجموعات تغذيها الحركة الشعبية وأصدقاؤها بمعلومات وأجندة معلومة. وقال إن بعض الشخصيات كالأمين العام للحركة الشعبية في الشمال ياسر عرمان والأمين العام للحركة الشعبية في جنوب السودان باقان أموم درجت على مد الكونغرس بمعلومات عن السودان مما أسفر عنه مواقف عدائية للكونغرس ضد السودان.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد جدد أمس العمل بقانون الطوارئ الوطني الأميركي على السودان الذي ظل ساريا من عام 1997، وبعث برسالة إلى الكونغرس قبل انتهاء مدة سريان العمل بالقانون المعني اليوم، مشيرا إلى أن التمديد يشمل توسعة نطاق القانون المعني فيما يتعلق بالسودان الذي تم في السادس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2006 ليشمل تجميد ممتلكات بعض المسؤولين السودانيين المتورطين في الصراع في دارفور، معتبرا أن الوضع في دارفور يشكل تهديدا غير عادي واستثنائيا للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، مشددا على أن تمديد العمل بالقانون يأتي على خلفية تصرفات وسياسات الحكومة السودانية، وقال: «لذا، قررت أن من الضروري مواصلة حالة الطوارئ الوطنية المعلنة فيما يتعلق بالسودان والحفاظ على القوة لفرض عقوبات ضد السودان للرد على هذا التهديد».

إلى ذلك، اتهمت منظمة حقوقية أميركية القوات الحكومية السودانية والميليشيات التابعة لها بقتل واغتصاب المدنيين في ولاية النيل الأزرق، الولاية الواقعة في جنوب البلاد والتي تشهد نزوح العديد من سكانها هربا من أعمال العنف والقصف.

وقالت منظمة «ايناف برودجكت» التي تنشط في سبيل السلام في السودان إن جنودا يطاردون المدنيين بالسلاح في ولاية النيل الأزرق، وأضافت أنه في الوقت الذي يعبر فيه قسم من سكان هذه الولاية خط الحدود إلى إثيوبيا المجاورة، يؤكد سكان آخرون أن القوات الحكومية ترتكب جرائم قتل واغتصاب.

وأشارت المنظمة في تقريرها الذي أوردت فيه شهادات لاجئين فروا من الولاية إلى أنها استقت هذه المعلومات بعد زيارة قامت بها لكل من مخيم (شيركول) للاجئين في إثيوبيا حيث يقيم 29 ألف لاجئ ومدينة (الكرمك) الحدودية، وأضافت نقلا عن لاجئ أن القوات الحكومية السودانية يدعمها عناصر من ميليشيات إثنية (الفلاتة) اعتقلوا مدنيين وقتلوا آخرين بمن فيهم نساء وأطفال، ولم يتسنى الحصول على رد من المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة للتعليق على تقرير المنظمة الأميركية.

وفر أكثر من 28 ألف شخص إلى إثيوبيا المجاورة، بحسب المفوضية العليا لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي توقعت موجة جديدة من اللاجئين بسبب الغارات الجوية التي يشنها الجيش السوداني.

من جهة أخرى، أكد السودان أمس أهمية مساندة المجتمع الدولي لوثيقة الدوحة للسلام في دارفور من خلال المشاركة في التنمية هناك.

وشدد أمين حسن عمر وزير الدولة بالرئاسة السودانية رئيس مكتب متابعة السلام في دارفور على أهمية دعم المجتمع الدولي لوثيقة الدوحة ليس من خلال الحماية وحفظ السلام والتحرك السياسي وإنما إعطاء إشارات واضحة إلى أن المجتمع الدولي شريك في التنمية في دارفور ومساعدة أهل دارفور لإعادة حياتهم إلى سيرتها الطبيعية.

وقال أمين في تصريح لوكالة الأنباء السودانية (سونا) عقب لقاء وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام هيرفيه لادسو الذي عين مؤخرا في هذا المنصب والبروفسور إبراهيم جمباري رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) «أطلعنا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة على الأوضاع في دارفور وموقف الحكومة من وثيقة الدوحة بالإضافة إلى موقف الحكومة بشأن التباحث مع الحركات الأخرى إذا كانت راغبة في السلام على أساس وثيقة الدوحة».

ومن جانبه، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة أن الأمم المتحدة تعمل على متابعة عملية السلام وطالب المجتمع الدولي بلعب دور أساسي في عملية التنمية في دارفور الذي يصب في مصلحة الدارفوريين. وكان اجتماع الآلية الثلاثية المشتركة بين السودان والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الذي عقد أمس في العاصمة السودانية الخرطوم قد استعرض عمل البعثات الأممية بالسودان. وشارك في الاجتماع السفير رحمة الله محمد عثمان وكيل وزارة الخارجية والفريق مجذوب رحمة ممثل وزارة الدفاع عن الجانب السوداني وهارفيه لادسو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام وإبراهيم جمباري رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد).

من جانبه، قال جمباري إنه ليس لدى الأمم المتحدة رغبة في توسيع التفويض الممنوح لليوناميد وإنما هناك حاجة لتطوير آلية عمل اليوناميد وفقا للمستجدات على ساحة دارفور خاصة بعد توقيع اتفاق الدوحة. وأضاف أن هناك إيجابيات حدثت خلال الفترة الماضية منها اتفاق الدوحة والوضع على الحدود بين السودان وجنوب السودان.