المعارضة السورية تبحث مع العربي «الخروقات الجسيمة» للمبادرة.. وتناشد اللجنة العربية التدخل لمنع تحويل حمص لـ«مدينة منكوبة»

سرميني لـ: الجيش يطلب إخلاء «حي بابا عمرو» تمهيدا لقصفه بالدبابات

TT

شككت المعارضة السورية مجددا أمس بإمكانية التزام النظام السوري موجبات المبادرة العربية رغم إعلانه الموافقة عليها. واستند المعارضون السوريون الذين التقوا في القاهرة أمس الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، إلى استمرار عمليات القتل، وتحديدا في حمص التي حذروا من تحولها إلى «مدينة منكوبة».

وقال عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس وجه نداء إلى الجامعة العربية والدول الراعية للمبادرة من «هجمة شرسة» يشنها النظام على المدينة، مشيرا إلى أن المعلومات الواردة من حمص تفيد بوجود نحو 40 دبابة قرب حي بابا عمرو في المدينة، وأن الجنود ينادون السكان عبر مكبرات الصوت لإخلاء المنطقة تمهيدا لقصفها، ومحذرا من أن حمص «ستكون مدينة منكوبة» وعلى الدول العربية والمنظمات العربية التحرك السريع لإنقاذها.

وأصدر المجلس الوطني السوري بيانا عن لقاء وفد المكتب التنفيذي مع الأمين العام للجامعة العربية الذي خصص «لبحث بشأن الجهود العربية المتعلقة بالأوضاع في سوريا والعنف الدموي الذي يمارسه النظام». وقال البيان إن الأمين العام «أكد للوفد أن المجلس الوطني السوري (طرف أصيل) في الجهود الإقليمية والدولية الخاصة بسوريا، وأن جهود الجامعة تنصب على إيقاف نزيف الدم، وأن المبادرة التي تقدمت بها تشدد على التنفيذ الفوري لوقف عمليات القتل التي يقوم بها النظام، والإفراج عن المعتقلين، وسحب عناصر الأمن والميليشيات والشبيحة من كافة المدن والبلدات والقرى، والسماح لممثلي منظمات الجامعة ووسائل الإعلام العربية والدولية برصد ومراقبة سلوك النظام السوري، وإطلاع الرأي العام على الانتهاكات والخروقات التي تقوم بها أجهزته».

وإذ أثنى وفد المجلس الوطني على «الجهود العربية الرامية لحقن الدم السوري»، شدد على أن «سلوك النظام السوري على مدى عقود يؤكد مسؤوليته عما وصلت إليه البلاد من ترد في المجالات كافة، الأمر الذي يحتم رحيله بكافة رموزه ورفض شعبنا للحوار معه، وضرورة تسليم السلطة إلى حكومة تمثل الشعب السوري وخياراته الحرة». وأشار البيان إلى أن «النظام السوري بدأ منذ لحظة الإعلان عن التزامه بمبادرة الجامعة في ارتكاب خروقات جسيمة»، موضحا أن وفد المجلس الوطني «قدم تقريرا مفصلا لما جرى خلال الساعات التي تلت الإعلان، متضمنا أسماء الشهداء، وطبيعة أعمال القصف والتدمير والدهم والاعتقال، خاصة في مدينة حمص البطلة». وحض المجلس الدول العربية ودول العالم على «مراقبة سلوك النظام المعروف بالمراوغة والاحتيال، واتخاذ المواقف الصارمة تجاهه، بما يمنعه من الاستمرار في استغلال الوقت لارتكاب مزيد من جرائم القتل».

وقد التقى وفد المجلس الوطني المعتصمين السوريين والعرب أمام مقر جامعة الدول العربية، حيث استمع إلى ملاحظاتهم وأجاب عن أسئلتهم، وقدم شرحا للمجالات التي يتحرك ضمنها المجلس الوطني، مقدرا «التفاف الشارع السوري حول المجلس بوصفه ممثلا للثورة والشعب وضميرا حيا للحراك الثوري في سوريا».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المعارضة السورية لديها وجهتا نظر، فهناك من رفع سقف مطالبه برحيل النظام ومن وافق على الإصلاحات وبدء الحوار، وهناك من يرى أن الوقت متأخر، وأن المبادرة العربية قد تقلل من تكلفة الخسائر في سوريا، تجنبا لما حدث من تدخلات في الثورة الليبية.

وكان العربي قد التقى ظهر أمس مع عدد من سفراء دول العالم المعتمدين لدى مصر وفي مقدمتهم سفراء أميركا وأوروبا وأفريقيا والصين وفرنسا وروسيا وتركيا والبرازيل وأطلعهم على ما تم التوصل إليه من اتفاق مع سوريا خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب وقبول سوريا للحل العربي. وأكد الجميع أن تنفيذ المبادرة العربية ضروري للحل، لكن بعض الحضور تساءل عما سيحدث إذا لم تلتزم سوريا، وكانت الإجابة هي أنه على دمشق أن تتحمل المسؤولية في عدم التنفيذ، كما وجه العربي نداء عاجلا إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للتوقيع على المبادرة الخليجية.

وتقوم اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية التي ترأسها قطر وتضم في عضويتها مصر والجزائر والسودان وسلطنة عمان والأمين العام للجامعة العربية ومن يرغب من الدول العربية بزيارة مرتقبة إلى دمشق لمتابعة تنفيذ الخطة العربية بشأن الإصلاح التي وافقت عليها سوريا بلا تحفظ.

إلى ذلك، حذر تيار «بناء الدولة» المعارض في سوريا السلطة من «التهرب من التزاماتها» بتنفيذ بنود الاتفاق بين الجامعة العربية والسلطة السورية ومن محاولة «تقويض» المبادرة العربية. ودعا التيار الذي يرأسه المعارض لؤي حسين السلطة في سوريا إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية وأن تتوقف نهائيا عن قمع معارضيها. وذلك بعد أن رحب التيار «بما آلت إليه مبادرة الجامعة العربية» في بيان صدر يوم أمس أعلن فيه التيار عن موافقته على المبادرة العربية «بمجملها وببنودها كأساس مقبول لإنهاء الحالة العنفية التي سادت البلاد طيلة الأشهر التي عاشتها انتفاضة شعبنا حتى الآن». وأكد التيار أنه سيسعى «لتكون هذه المبادرة بوابة انتقال البلاد إلى صراع سياسي سلمي»، وتمنى التيار على جميع أطياف وفرقاء المعارضة السورية قبول المبادرة «كي لا تتذرع السلطة بموقفهم لخرق الاتفاق». وقال التيار إنه بناء على هذه المبادرة، واختبارا لجدية السلطة السورية بتنفيذ التزاماتها، يتمنى على جميع المتظاهرين الخروج «بمظاهراتهم السلمية مظهرين سلميتهم بوضوح بيّن». وأنه «لن يكون من المقبول إطلاقا في هذه الفترة من أي متظاهر أو محتج استخدام أي شكل من أشكال العنف لأي سبب كان»، داعيا الجميع إلى «التحلي بضبط النفس».

كما دعا تيار بناء الدولة السورية يوم أمس إلى تأسيس «لجنة رصد مركزية» لرصد مدى التزام السلطة السورية ببنود الاتفاق الذي وقعته مع اللجنة الوزارية العربية، وكذلك لرصد حالات إطلاق النار والاعتقالات والاختطاف من أي طرف كان، ليصار إلى توثيقها لدى لجنة الرصد المركزية بدمشق، لتقوم بدورها بإطلاع اللجنة الوزارية العربية عليها، تطبيقا لما جاء في مبادرة الجامعة العربية. ودعا التيار منظمات وجمعيات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وجميع الناشطين الحقوقيين والمدنيين في سوريا لتشكيل لجنة رصد مركزية يكون لها لجان محلية في المحافظات والمدن والبلدات السورية.