المدارس السورية تتحول بعد المساجد إلى مراكز لانطلاق المظاهرات

مديرون وأساتذة يؤيدون ويشجعون.. وآخرون يتصلون بالأمن

TT

يبدو أن بدء العام الدراسي في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لم يناسب حال النظام السوري الذي يواجه انتفاضة شعبية عارمة منذ نحو سبعة أشهر، سقط خلالها ما يزيد على 4000 قتيل برصاص الأمن السوري وفق إحصاءات المعارضة السورية.

طلاب المدارس في معظم أنحاء سوريا لا يتوقفون عن الخروج في مظاهرات معارضة تهتف لرحيل الأسد وتطالب بالحرية، حيث يخرج الطلاب - وفقا لناشطين معارضين - في مظاهرات حاشدة بعد انتهاء الدوام المدرسي، وأحيانا يحدث أن يحرض أحد التلاميذ زملاءه فيبدأون بالهتاف أثناء الدوام أو في الحصص التدريسية.

ويختلف سلوك مديري المدارس وكيفية تعاملهم مع المظاهرات التي تخرج من مدارسهم، كما يشير الناشطون، ففي بعض المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام وأصبح النسيج الاجتماعي فيها معارضا له، يتعامل المدرسون والمديرون بإيجابية مع المظاهرات، وبعضهم يشارك فيها ويشجع التلاميذ على المشاركة أيضا، أما في المناطق التي ما زال يسيطر عليها النظام، حيث ينشر فيها دباباته ومدرعاته، إضافة إلى الأمن والشبيحة، فإن المدرسين ومدير المدارس يسارعون إلى الاتصال بالأمن حين تخرج أي مظاهرة تطالب بالحرية من مدارسهم.

ورغم أن نظام التعليم في سوريا مجاني، فإنه يعاني من ترد كبير في أوضاعه، سواء على المستوى التعليمي السيئ أو الفساد الذي ينخر في مؤسساته. وقد قام الرئيس الراحل حافظ الأسد لحظة وصوله إلى السلطة سنة 1970 بإنشاء منظمتي «طلائع البعث» و«شبيبة الثورة» التابعتين إلى حزب البعث العربي الاشتراكي. ويقول الناشطون المعارضون إن «وظيفة هذه المنظمات كانت تدجين التلاميذ في أطر حزبية تعلم الطالب كيفية عبادة القائد الملهم حافظ ومن بعده ابنه بشار، حيث يعرف القائد كل شيء ويتصرف بذكاء وحنكة، لا يخطئ أبدا، علينا جميعنا أن نخضع له». ويضيف الناشطون «عمد الأسد الأب إلى إدخال مادة التربية القومية الاشتراكية إلى مناهج الدراسة في جميع المراحل التعليمية، ككتاب تدريسي يعلم الطلاب مبادئ حزب البعث ويلقنها للطلاب»، لكن الهدف الأساسي من هذا الكتاب الذي مرت عليه جميع الأجيال السورية بعد وصول الأسد إلى السلطة، كما يؤكد الناشطون «هو تقديس القائد وتمجيد إنجازاته».

وقد تصدرت المظاهرات الطلابية التي تخرج من مدارس سوريا وتطالب برحيل الأسد ومحاكمة أركان نظامه مشهد الانتفاضة السورية، وخاصة أن الكثير من المدن والقرى السورية المنتفضة قد تمت محاصرتها من قبل الجيش والأمن السوريين، كما تم تقطيع أحيائها بحواجز أمنية مشددة، الأمر الذي جعل استراتيجية الخروج من المدارس ناجحة، فهي تجمع بشري لا يستطيع النظام السوري منعه.

ويقول ناشط معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجيال التي تربت على مبادئ حزب البعث وكثيرا ما أجبرت على الخروج في مسيرات تؤيد الرئيس، ها هي الآن تثأر من هذا التاريخ المخزي الذي لوث عقول الأطفال الصغار بأفكار الاستبداد والطغيان». ويشير إلى أن «الثورة السورية جعلت تلاميذ سوريا يخرجون في مظاهرات معارضة ويطالبون بحريتهم التي لم يعش أهلهم في ظلها بسبب حكم عائلة الأسد».

يذكر أن الانتفاضة السورية ضد نظام بشار الأسد أشعلت شرارتها الأولى مجموعة من الطلاب في مدينة درعا تأثروا بشعار إسقاط النظام الذي رفع في تونس ومصر، فكتبوه على جدران مدرستهم، مما دفع أجهزة الأمن إلى اعتقالهم وتعذيبهم بقسوة، الأمر الذي جعل أهالي المدينة يخرجون في مظاهرات منددة تمددت لاحقا إلى معظم المدن السورية وارتفع سقف شعاراتها إلى إسقاط النظام ومحاكمة الرئيس.