الحكومة المصرية تقدم تنازلات للقوى السياسية وتدخل تعديلا على المبادئ الحاكمة للدستور

عقب اجتماعه بالمجلس العسكري.. السلمي: الوثيقة غير ملزمة

TT

في محاولة لاحتواء موجة الغضب التي أعقبت الإعلان عن وثيقة تحتوي مبادئ حاكمة ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع دستور البلاد الجديد، قالت الحكومة المصرية أمس إن الوثيقة «ليست ملزمة»، وإنها مجرد اقتراح قابل للنقاش، كما أدخلت تعديلا على مادة تسببت في غضب قوى كانت مساندة لصدور الوثيقة، معتبرة أنها «تمنح سلطات مطلقة للجيش».

واجتمعت قيادات المجلس العسكري صباح أمس برئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ونائبه لشؤون التنمية السياسية والتحول الديمقراطي الدكتور علي السلمي، الذي تولى إعداد الوثيقة، وعقب اللقاء قال السلمي إن «وثيقة المبادئ، التي طرحت على المؤتمر العام للقوى السياسية والحزبية بمصر يوم الثلاثاء الماضي غير ملزمة».

وتابع السلمي، الذي طالبت قوى سياسية بإقالته، قائلا «الوثيقة عبارة عن مقترحات تقدمت بها الحكومة فقط، وما هي إلا مجرد مواضيع رئيسية يمكن البناء عليها في إعداد الدستور»، نافيا أن تكون الحكومة بهذه الوثيقة تفرض رأيا على القوى السياسية أو الشعب في إعداد الدستور الجديد، مشيرا إلى أن الوثيقة ما هي إلا خريطة طريق، وأنه يمكن الاستغناء عنها وعدم العمل بها. وأثارت وثيقة السلمي غضبا في الشارع السياسي، وهددت جماعة الإخوان المسلمين الأكثر تنظيما بمظاهرة مليونية في حال تم إصدار الوثيقة في إعلان دستوري، وهو ما كان متوقعا.

وأعلن السلمي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بمكتبه عقب لقاء قيادات المجلس، تعديل مادتين من الوثيقة وهما المادة 9 التي تحفظت عليها كل القوى السياسية، بالإضافة إلى المادة 10. وكانت المادة التاسعة تنص على أن «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة، ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقما واحدا في موازنة الدولة»، وتم تعديل هذه الفقرة بحذف جملة «دون غيره».

وقال السلمي إنه تمت إضافة فقرة أخرى في المادة نفسها، وهي «يجب عرض أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره على المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، مشيرا إلى إضافة فقرة جديدة إلى المادة 10، والتي كانت تقول: «ينشأ مجلس للدفاع الوطني يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشؤون الخاصة بتأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصات أخرى»، حيث أضيفت لها فقرة مراجعة واعتماد «موازنة القوات المسلحة التفصيلية». كما أعلن السلمي عن تغييرات في معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد، كانت أبرزها زيادة تمثيل أعضاء من المؤسستين الدينيتين في مصر (الأزهر والكنيسة) من عضو واحد عن كل مؤسسة إلى ثلاثة أعضاء.

وبدا أن تراجع المجلس العسكري عن دعم وثيقة السلمي وإدخال التعديلات عليها نجح في احتواء غضب القوى السياسية، وقال الدكتور عصام العريان النائب الأول لرئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب سيعيد النظر في مشاركته في مظاهرة 18 الحالي على ضوء تصريحات السلمي، نحن أمام وضع جديد الآن»، وتابع: «سنراجع موقفنا وسندخل في حوار مع القوى السياسية.. الحكمة تقتضي المضي قدما في استحقاق الانتخابات البرلمانية». وردا على سؤال بشأن مطالبة «الإخوان المسلمين» وحزبها بإقالة السلمي، قال العريان «ليس بيننا وبين الدكتور السلمي عداء فهو رفيق كفاح وجمعتنا مشاورات سياسية كثيرة آخرها التوافق حول وثيقة التحالف الديمقراطي الذي يضم طيفا سياسيا واسعا، ونحن نعلم أن السلمي طلب الإعفاء لأسباب صحية، ومن الأفضل للجميع أن يتقدم هو باستقالته.. لكننا في أجواء أعياد في النهاية».

وأضاف العريان أن حزب الحرية والعدالة يرى أن الضغط من أجل تسريع انتقال السلطة لرئيس منتخب، سوف يتم من خلال البرلمان الذي سيكون ممثلا عن الشعب.

إلى ذلك، قال مصدر عسكري إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة رحب خلال الاجتماع بشرف ونائبه بحكم المحكمة الإدارية بتمكين المصريين بالخارج من التصويت في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها نهاية الشهر الحالي. وطالب المجلس شرف بالبحث عن آليات تمكن المصريين بالخارج من التصويت، وتوفير الأجواء المناسبة لذلك.