غزة تعاني نقصا في مياه الشرب وتلوثها

رئيس جودة البيئة لـ «الشرق الأوسط»: 95% من المياه الجوفية في القطاع غير صالحة للاستخدام الآدمي

TT

يصطف الأطفال أمام بوابة مسجد الأنصار في منطقة بركة الوز، غرب مخيم المغازي، وسط قطاع غزة، وهم يمسكون بزجاجاتهم الفارغة في طابور، في انتظار ملئها بمياه عذبة من خزان الماء الخاص بالمسجد، الذي تزوده به إحدى محطات تحلية المياه المحلية. بالنسبة لعائلات هؤلاء الأطفال، كما هو الحال بالنسبة لجميع العائلات في قطاع غزة، فإنه ليس بإمكانها استخدام المياه التي تصل للمنازل للشرب بسبب ملوحتها وتلوثها وما يمكن أن تلحقه من أضرار صحية، وهو ما يجعل استخدام هذه المياه ينحصر في الاغتسال والأعمال المنزلية.

وحسب الدكتور يوسف إبراهيم رئيس سلطة جودة البيئة الفلسطينية، فإن 95 في المائة من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للاستخدام الآدمي. ومما يزيد الأمور تعقيدا حقيقة أن المياه الجوفية في قطاع غزة في تناقص مستمر. وحسب دراسة لسلطة المياه الفلسطينية، فقد كان حجم المياه الجوفية عام 1975 نحو 1200 مليون متر مكعب، أصبح حاليا أقل من 800 مليون متر مكعب. وتتوقع الدراسة أن ينضب الخزان الجوفي للمياه في قطاع غزة بحلول عام 2020، إذ إن كمية ما يضخ من المياه من الخزان الجوفي تبلغ نحو 130 مليون متر مكعب، في حين أن ما يرد من مياه الأمطار يقدر بـ80 مليون متر مكعب، وهذا يعني نقصان الخزان الجوفي بمعدل 2.5 سم سنويا. وتتوقع الدراسة أن تتفاقم مشكلة نقص وتلوث المياه في المستقبل بشكل كبير، بسبب الازدياد الكبير في عدد السكان. ووفق الدراسة، فإن الاحتياجات المائية الفلسطينية للأغراض المنزلية والصناعية قدرت عام 1995 بنحو 47 مليون متر مكعب، في حين يتوقع أن تصل إلى 217 مليون متر مكعب عام 2020.

وتؤكد الدراسة أن هناك علاقة وثيقة بين الضخ المتزايد للمياه الجوفية وارتفاع معدلات تلوثها. وحسب منذر شبلاق رئيس مصلحة مياه بلديات الساحل في قطاع غزة، فإن هناك عجزا سنويا في المياه قدره 100 مليون متر مكعب، مما أدى إلى ظاهرة زحف مياه البحر إلى عمق الخزان الجوفي. وينوه شبلاق بأن خطر الملوحة امتد على مساحة 100 كيلومتر من طول وعرض قطاع غزة. ويؤكد شبلاق أن ما زاد الأمور تعقيدا هو قيام المواطنين والمؤسسات بحفر آبار خاصة من دون تراخيص. وأصبح حفر الآبار ظاهرة مشهودة في قطاع غزة من دون رقيب أو حسيب.

وتتمثل معايير التلوث بزيادة نسبة الأملاح والنيترات، وهو ما بات يؤدي إلى أضرار صحية. وأثبتت تحاليل أجريت على عينات من مياه الشرب في قطاع غزة وجود نسبة عالية من النيترات المؤكسدة التي تؤدي إلى أضرار صحية وبشكل خاص لدى الأطفال.

وتبين في نفس الوقت أن نسبة كل من عنصري الكالسيوم والماغنسيوم في مياه غزة متدنية، وهذا بدوره يؤدي إلى أمراض متعلقة بالقلب، سيما لدى الأطفال حديثي الولادة. ومن مظاهر التلوث في مياه الشرب زيادة نسبة عنصر الكلوريد بشكل أكبر بكثير من الحد المعقول، حيث تصل هذه النسبة إلى 1500ملغم كلوريد لكل لتر مياه. وتشير دراسة لسلطة المياه الفلسطينية إلى أنه وحسب معيار «لانجوت» فإن مياه غزة قلوية مع وجود زيادة كبيرة في عنصر الكلوريد. وبسبب تلوث المياه، فقد اتجه الغزيون إلى تدشين محطات التحلية، بحيث تم إنشاء 300 - 400 محطة تحلية، كما يقول شبلاق، الذي يشير إلى أن محطات التحلية في قطاع غزة تعمل من دون رقابة، وأن مؤسسته لا تملك صلاحية فرض رقابة على هذه المحطات. أما الدكتور عدنان عايش، رئيس معهد المياه والبيئة في جامعة الأزهر فيؤكد أن الدراسات والتحاليل دللت على أن 30% من المياه التي تنتجها محطات التحلية ملوثة.