نصف الإسرائيليين يؤيدون نتنياهو وباراك في إعلان الحرب على إيران

الصحافة تفضح الحكومة وتتهمها بالمبادرة لتسريب الأنباء

TT

-في الوقت الذي هاجمت فيه الصحافة الإسرائيلية رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزراءه الذين خرجوا بحملة تطهير لأنفسهم على حساب وسائل الإعلام، وفضحت حقيقة أن الحكومة وبشكل منهجي تعمدت تسريب أنباء للإعلام عن نية إسرائيل شن حرب على إيران، ذكر الموقع الإلكتروني لقناة «بريس تي في» الفضائية الإيرانية التي تتخذ من لندن مقرا لها، في افتتاحيته، أن أي هجوم عسكري إسرائيلي على إيران سيعني «نهاية إسرائيل».

وقال الموقع «هناك تكهنات قوية بأن إسرائيل ستشن هجوما على المواقع النووية الإيرانية.. وإذا شنت هجمات على الأرض بالفعل فإن ذلك سيمثل نهاية الكيان الصهيوني». وأضاف الموقع، أن «إسرائيل تدرك جيدا القدرات العسكرية لطهران، وأن إيران معروفة بأنها الأفضل في المنطقة وواحدة من الأفضل في العالم في مجال الصواريخ».

إلى ذلك، يتضح أن الهبة الإعلامية ضد نتنياهو، لا تؤثر على شعبيته المتصاعدة حتى الآن، حيث فاجأته نتائج استطلاع رأي تبين أن أكثرية الإسرائيليين تسانده في سياسته الحربية.

وبين استطلاع للرأي نشرته صحيفة «هآرتس»، أمس، أن 41% من الإسرائيليين يعتقدون أنه على إسرائيل أن تهاجم المنشآت النووية الإيرانية، مقابل معارضة 39%، في حين أن 20% أجابوا بأنهم لا يعرفون كيف يحددون موقفهم. وقد أجري هذا الاستطلاع على خلفية التقارير التي نشرت في وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة حول هجوم إسرائيلي محتمل على إيران، وفي أعقاب التقارير التي أشارت أول من أمس (الأربعاء)، إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول تجنيد غالبية وزارية مؤيدة لشن الهجوم، بعد أن كانت وسائل الإعلام قد انتقده على اتخاذ قرار في موضوع خطير كهذا خلال اجتماعات بأربع عيون بينه وبين وزير دفاعه إيهود باراك.

وبحسب الاستطلاع فإن 52% من الإسرائيليين يثقون بالقرارات التي يتخذها نتنياهو وباراك بشأن إيران، في حين قال 37% إنهم لا يثقون بقراراتهما.

وكان النقاش المحتدم في الحلبة السياسية والإعلامية في إسرائيل حول الموضوع الإيراني قد اتخذ، أمس، منحى جديدا في أعقاب تصريحات نتنياهو والكثير من وزرائه، التي تهاجم الصحافة على «خروجها بشكل عديم المسؤولية تناقش قضية استراتيجية خطيرة كهذه» وتهاجم عددا من كبار القادة العسكريين (وخصوصا الجنرال مائير دجان، الرئيس السابق لجهاز «الموساد»)، الذين اعترضوا علنا على مهاجمة إيران وقالوا إن مثل هذا الهجوم لن يحقق أي نتيجة تستحق الحرب وويلاتها. وبدا من أحاديثهم وكأن الجنرالات والصحافيين يسربون أسرارا عسكرية حساسة.

وقد ردت الصحافة الإسرائيلية، أمس، كلها على هذا الاتجاه بهجوم كاسح على الحكومة ورئيسها. فذكرتهم بأن أول من بادر إلى طرح الموضوع على النقاش الجماهيري هو رئيس الوزراء، نتنياهو، الذي بدأ يتحدث عن ضرورة طرح الخيار العسكري ضد إيران منذ يومه الأول في رئاسة الحكومة سنة 2009. ولم يبق منبرا دوليا أو محليا إلا واستخدمه للحديث عن هذا الخيار. وهو الذي سمح بنشر تحذيرات دجان، في مايو (أيار) الماضي، والذي قال يومها أن نتنياهو وباراك ينويان القيام بمغامرة جنونية ضد إيران. وحسب إيتان هابر، المحرر السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، فإن كل ما نشر عن نية نتنياهو وباراك في الصحافة الإسرائيلية عبر امتحان الرقابة العسكرية الإسرائيلية. وقد أجازت الرقابة هذا النشر من دون أي اعتراض أو تحفظ.

واستخفت الصحافة الإسرائيلية بما نشر عن تعليمات أصدرها نتنياهو إلى رئيس «الشاباك»، (جهاز المخابرات العامة)، يورام كوهين، بالتحقيق في مصادر التسريب بشأن الهجوم الإسرائيلي المحتمل على إيران. وذكرت بأن «ابن المؤسسة الأمنية»، رئيس الموساد السابق مائير دغان، ورئيس «الشاباك» السابق يوفال ديسكين، كانا من بين أول من حذر من مغامرة نتنياهو وباراك.

وكان من اللافت أن دجان تحدى نتنياهو، أول من أمس، عندما قال في محاضرة في تل أبيب، إنه مستعد للمثول أمام القضاء إذا كانوا يتهمونه بتسريب المعلومات. وقال: «نتنياهو وباراك، ولحسابات داخلية وخارجية هما اللذان يسربان المعلومات حول الهجوم على إيران».

وشككت صحيفة «هآرتس»، أمس، في حقيقة النشر عن النية ضرب إيران وقالت في مقال نشر على صدر صفحتها الأولى، إنه من غير المستبعد أن تكون كل هذه الضجة حلقة في مسلسل حرب الأعصاب. وإنه «ليس بالضرورة أن تكون هذه نيات حربية فعلية، إنما استهدفت إحداث حراك دبلوماسي متجدد ضد إيران، يفضي إلى تشديد العقوبات أكثر وأكثر».

وحذرت الصحيفة من أن لعبة نتنياهو وباراك هذه قد تكون مدمرة أكثر من الهجوم نفسه، فهما يثيران أجواء حربية بمجرد حديثهما عن الخيار العسكري. فإذا كانا يقصدان التوجه للحرب، عليهما أن يعدا الجيش لذلك بهدوء تام وتوفير عنصر المفاجأة، لأن هجوما كهذا سيكون بالغ التعقيد عسكريا. وإذا لم يكونا قد أعدا الجيش لهجوم كهذا، فإن الحديث عن الهجوم وما يتبعه من نقاشات محلية وخارجية من شأنهما لإثارة أجواء حساسة، تجعل الانتقال من الكلام إلى الأفعال سهلا جدا. وعندها قد تقع حرب لم يستعدوا لها بشكل جيد. وباراك معروف بورطاته في العمليات الكبرى والمعقدة.

ورأى مراقبون سياسيون أن مثل هذه الحرب تحتاج ليس فقط للإعداد العسكري، بل أيضا السياسي. وتساءل المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية، د. ألون لئيل: «كيف يمكن أن تشن حرب على إيران وأنت تقيم علاقات سيئة مع الولايات المتحدة ومع تركيا ومع العالم العربي؟ فمن أي سماء ستمر حتى تصل إلى إيران؟ وأي مياه إقليمية في الخليج تستقبل غواصاتك وسفنك الحربية؟ وهل أنت تملك كل الأسلحة الضرورية لهجوم كهذا؟».