حلب تدخل تدريجيا في أجواء الانتفاضة السورية

نفوذ رجال الأعمال فيها يجعل المدينة أقل مشاركة من ريفها

TT

بدأت مدينة حلب في سوريا والتي تعد أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان، تنضم أكثر إلى مشهد الانتفاضة السورية المندلعة ضد حكم عائلة الأسد منذ أواسط شهر مارس (آذار) الماضي. ويقول ناشطون معارضون يعيشون داخل المدينة إنها شهدت في جمعة «الله أكبر على من طغى وتجبر» حراكا ملحوظا «قد يكون مقدمة لدخول المدينة بشكل كامل في حالة الاحتجاج السورية فيما بعد». ويشير الناشطون إلى أنهم «يحاولون في كل يوم جمعة النزول في مظاهرات معارضة للأسد في العديد من الأحياء والشوارع، لكن سرعة حضور الأمن والشبيحة تكون مذهلة».

المدينة وفقا لتوصيف المعارض تعاني حصارا أمنيا غير مرئي أو مباشر، «لا توجد حواجز أو سيارات عسكرية، لكن الأمن والمخابرات في كل مكان، فضلا عن وجود مجموعات من الشبيحة جاهزة للهجوم على أي تجمع معارض تبدأ بوادره في الظهور».

وأشار ناشطون إلى أن أهالي مدينة حلب «قد خرجوا في مظاهرات مناهضة لنظام بشار الأسد وممارساته القمعية، حيث خرجت مظاهرة حاشدة في الحارات الفرعية لحي الفردوس وقام المتظاهرون بالكتابة على كل الجدران في طريق المظاهرة في الحارات الداخلية التي مروا فيها. وفي حي الأتارب خرجت مظاهرة تنادي بإسقاط النظام السوري ولنصرة حمص وجميع المدن المحاصرة. أما المظاهرة الكبيرة فخرجت من حي صلاح الدين، حيث خرج المتظاهرون بعد الصلاة من جامع أويس القرني وهتفوا لإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد، مما دفع مجموعات كبيرة من الشبيحة لمهاجمة المتظاهرين بالعصي والحجارة». وكان نشطاء سوريون قد نشروا على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» شريط فيديو يوثق حادثة الاعتداء على المتظاهرين في حي صلاح الدين في حلب.

أما فيما يتعلق بريف حلب فقد خرجت مظاهرات معارضة لنظام الأسد وفقا لشريط بث على مواقع الإنترنت في مدينة تل رفعت عقب صلاة الجمعة قرب المجمع التجاري تنادي بإسقاط النظام ورفع الحصار عن مدينة حمص. كما خرجت المظاهرات في منبج والباب ومارع وعندان وحريتان هتفت جميعها ضد نظام الأسد وطالبته بالرحيل.

ويجزم ناشطون معارضون يعيشون في المدينة التي تعد أهم مركز صناعي في سوريا إضافة إلى أهميتها التجارية والزراعية، بأن حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري «ستتوسع أكثر في الأحياء الحلبية مهما وصلت درجة القمع والترهيب»، ويلفت الناشطون إلى حال غليان تسري داخل المجتمع الحلبي بسبب القمع الوحشي الذي تتعرض له بقية المدن سواء درعا أو حمص أو ريف دمشق.

ويعزو الناشطون اتساع مساحة الاحتجاجات في الريف الحلبي أكثر من المدينة إلى عدة عناصر أبرزها، انحسار نفوذ طبقة رجال الأعمال المتحالفة مع النظام والتي تتحكم بمفاصل المدينة وتفرض سيطرتها الاقتصادية عليها، مما يترك هامشا لدى الناس للتحرك، بعيدا عن الابتزاز الاقتصادي الذي يلجأ إليه تجار المدينة لإبقاء موظفيهم الذين تتجاوز أعدادهم مئات الآلاف بعيدا عن حركة الاحتجاج، ويقول ناشط لـ«الشرق الأوسط»: «ليس كل الريف الحلبي يشارك في المظاهرات فالمناطق هناك ذات طابع عشائري، الأمر الذي يخلق تفاوتا في نسب المشاركة تبعا لموقف العشيرة من النظام حيث يلتزم عادة جميع أفرادها قرار زعامتها».

وكانت مدينة حلب قد تعرضت إلى انتقادات لاذعة من قبل السوريين بسبب مشاركتها الضعيفة في مشهد الانتفاضة السورية ضد نظام بشار الأسد، ويُرجع الكثيرون ضعف هذه المشاركة للتحالف الوثيق الذي أقامه النظام السوري مع طبقة رجال الأعمال الذين لم يحسموا أمرهم بعد بالوقوف إلى جانب الثورة، بل إن بعضهم كما يقول أحد الناشطين يقوم بتمويل الشبيحة.