ريك بيري و«الجدل الأخلاقي» حول الطائرات الخاصة

المرشح الرئاسي قبل 200 رحلة بكلفة 1.3 مليون دولار خلال عمله حاكما لتكساس

TT

في صباح أحد أيام شهر يوليو (تموز) عام 2008، استقل حاكم ولاية تكساس، ريك بيري، وعدد من مساعديه، طائرة متجهة إلى واشنطن لمحاولة التأثير على المسؤولين بشأن منع استخدام الإيثانول، وهي قضية هامة بالنسبة للمزارعين الذين يقومون بزراعة الذرة والأشخاص الذين يملكون ماشية في ولايته.

كان المزارعون قد أيدوا قواعد فيدرالية تتطلب استخدام وقود يعتمد على الذرة في صناعة البنزين، غير أن موردي الدجاج ولحوم الأبقار ذكروا أن هذه القواعد ستعمل على زيادة أسعار علف الماشية. وكان بيري يقف في معسكر مربي الماشية بالطبع، وقام بعرض هذه القضية مباشرة على رئيس «وكالة حماية البيئة»، وطلب منه أن يتغاضى عن قرار استخدام الإيثانول لخفض تكاليف الذرة.

وعلى الرغم من أن المسؤولين عن قطاع الماشية لم يحضروا الاجتماع الخاص الذي عقده بيري في «وكالة حماية البيئة»، لم يكن الحاكم يستطيع أن ينجح في هذا الأمر هناك دون مساعدتهم، حيث كانت طائرة «الهوكر 800 إكس بي» التي أقلت بيري وفريقه من أوستن إلى واشنطن ثم عادت بهم مستأجرة على نفقة لوني بيلغريم، أحد أكبر منتجي الدجاج في العالم ومعارض بارز لاستخدم الإيثانول.

كان بيلغريم قد طلب من بيري خلال اجتماع في مارس (آذار) أن يتولى هذا الأمر، وقد تعاون عضو مجموعة ضغط يعمل لدى شركة بيلغريم مع مكتب الحاكم لإعداد طلب الإعفاء. كما قام عملاق الدواجن بتزويد الحاكم بإحدى طائراته ليذهب بها إلى واشنطن ليشارك في مؤتمر صحافي في هذا الشأن. وتعد تلك الرحلتان، التي تبلغ قيمة الواحدة منهما 9179 دولارا، من بين أكثر من 200 رحلة يبلغ مجموع تكلفتها 1.3 مليون دولار وافق عليها بيري، مجانا، من المسؤولين التنفيذيين للمجموعة والمتبرعين الأثرياء خلال عمله كحاكم للولاية لمدة 11 سنة، وفقا لتحليل قامت به لجنة أخلاقيات ولاية تكساس Texas Ethics Commission حسبما ذكرت جريدة «نيويورك تايمز».

وعلى الرغم من أن العديد من الرحلات كانت لحضور أحداث سياسية أو احتفالية - وهو أمر معتاد بالنسبة للمسؤولين المنتخبين - فإن هناك رحلات أخرى تضمنت مهام حكومية، كان من ضمنها بعض المهام المتصلة بمصالح مالكي الطائرات. ونتيجة لذلك، فإن مجموعة من رجال الأعمال الأثرياء، ساعدوا بشكل فعال في تأمين بعض من أنشطة بيري كحاكم للولاية. فقد أنفق مالك إحدى مصافي تكرير النفط في تكساس نحو 20,000 دولار لنقل بيري وفريق عمله لاجتماع تجاري في مكسيكو، حيث طلب الحاكم هناك من مسؤولي طاقة مكسيكيين النظر في المزيد من المشاريع المشتركة مع شركات النفط في تكساس. كما قام بعض رجال الأعمال في تكساس بتمويل رحلات بيري إلى واشنطن لممارسة ضغط بشأن قضايا الهجرة، قبل أن يجتمع الكونغرس مع وزيرة الأمن الداخلي.

غير أن رحلات بيري كانت تلتزم قواعد أخلاقيات تكساس، كما أنه لم يكن وحده الذي يقبل هدايا رحلات جوية. غير أنه الوحيد بين السياسيين الذي وافق على أخذ رحلات خاصة لأنشطة تعد جزءا من وظيفته كحاكم. وهذا يختلف عن رحلة لدعم حملة سياسية أو نوع من الرحلات شبة الرسمية التي يقوم فيها أصحاب المناصب الرسمية عادة باستخدام طائرات خاصة، مثل حضور مؤتمر أو إلقاء خطاب.

وقال روبيرت ستيرن، رئيس «مركز الدراسات الحكومية» بلوس أنجليس: «سيكون من غير المعتاد أن يستقل مسؤول طائرة إلى واشنطن ليدلي بشهادته أمام الكونغرس من أجل مصلحة خاصة من نوع ما، وفي أغلب الأحيان تقوم الولاية بسداد تلك النفقات».

وقد دافع راي سوليفان، المتحدث باسم بيري، عن استخدام الحاكم لطائرات خاصة، قائلا إن هذا كان جزءا من جهد لتوفير دولارات الضرائب. وأقر سوليفان أنه من الطبيعي أن تكون هناك بعض الانتقادات حول استخدام الطائرات المملوكة للولاية في مقابل الطائرات الخاصة، إلا أنه ذكر «لقد اخترنا أن نخطئ إلى جانب حماية دافعي الضرائب». وذكر أنه عندما طلب فريق عمل الحاكم استخدام طائرة خاصة، فإنهم لم يقدموا أي وعود أو وضعوا أي اعتبارات ما إذا كان مالك الطائرة لديه مصلحة ما في الرحلة.

وقد اضطرت حملة بيري من أجل ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة إلى الإجابة عن أسئلة بشأن استخدامه لطائرات مناصرين للدعاوى. وقبل أسبوعين، بعد أن تساءلت «نيويورك تايمز» حول ما إذا كان يقوم بدفع مبلغ مناسب مقابل تكاليف تلك الرحلات من أجل السباق الرئاسي، ذكرت حملته أنها أخطأت فهم تلك التكاليف وأنها ستدفع عشرات الآلاف من الدولارات التزاما بالقانون.

وقبل أن يقوم بيري بترشح نفسه للرئاسة، فإنه جذب اهتمام الأشخاص في تكساس نظرا لاستخدامه الطائرات. وقد وجد تقرير يعود إلى عام 2007، قامت به مجموعة تدعى «سكان تكساس من أجل العدالة العامة»، وهي مجموعة سياسية غير هادفة للربح، أن من بين الـ338 رحلة التي تمت على متن طائرة خاصة قام بها 81 سياسيا منتخبا خلال العامين الماضيين، بلغت نسبة بيري 18 في المائة من إجمالي تلك الرحلات.

وعلى صعيد الولايات المتحدة أدت مخاوف حول أخلاقيات مثل تلك الممارسات إلى حدوث تغييرات. فقد كان أرنولد شوارزينيغير، عندما كان حاكما لكاليفورنيا، يقوم برحلات بانتظام على متن طائرات يقوم بدفع أموالها بواسطة تبرعات ممنوحة لمؤسسة استخدمها لهذا الغرض، حتى تم حظر مثل هذا الإجراء من خلال قانون الولاية الذي صدر العام الماضي. ولا يستطيع أعضاء الكونغرس عامة استخدام طائرات خاصة لقضاء مهام متعلقة بوظائفهم، وذلك بموجب قانون فيدرالي، بحسب بول ريان، وهو محام في مركز الحملات القانونية «كمبين ليغل سنتر» غير الحزبي.

وتظل تكساس متساهلة نسبيا، حيث ينص قانون الولاية على أنه من الممكن أن يتم سداد نفقات أصحاب المناصب من خلال التبرعات إذا لم تكن «مستحقة الأداء بأموال الشعب»، وهو ما يبدو أنه يحكم الرحلات الرسمية. ورغم ذلك فقد ذكرت «لجنة أخلاقيات تكساس» أنه لا ينبغي على المسؤولين أن يقوموا بتحميل الولاية عبء تلك النفقات. علاوة على ذلك، وبينما يسمح قانون الولاية للمسؤولين بحساب تكلفة تلك الرحلات كجزء من هبات الحملات، فإنهم غير ملزمين بتعويض أصحاب تلك الطائرات.

* خدمة «نيويورك تايمز»