المالكي يزور واشنطن الشهر المقبل لـ«تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة»

جدل داخل أميركا حول تبعات الانسحاب من العراق

TT

بينما يواصل الجيش الأميركي إكمال خططه للانسحاب الكلي من العراق، حيث من المرتقب مغادرة 33 ألف جندي بحلول نهاية العام الحالي، ما زالت الأسئلة تدور حول السياسة الأميركية في العراق وتبعاتها. وتحمل صفحات مقالات الرأي في الصحف الأميركية وجهات نظر مختلفة يوميا حول المرحلة المقبلة من العلاقات العراقية - الأميركية، ولكن سيكون على القادة العراقيين والأميركيين توضيح هذه العلاقات. وهذا ما سيتطلع إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما عندما يستقبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البيت الأبيض الشهر المقبل.

وأعلن الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني أمس أن «الرئيس أوباما يتطلع إلى الترحيب برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البيت الأبيض يوم 12 ديسمبر (كانون الأول)»، موضحا أن «الزعيمين سيجريان محادثات حول تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الولايات المتحدة والعراق». وأضاف: «الرئيس يثمن تضحيات وإنجازات كل من خدم في العراق.. مما سمح بوصول هذه اللحظة المليئة بالوعود لصداقة أميركية - عراقية دائمة».

وستكون زيارة المالكي فرصة لإدارة أوباما لإبداء التزامها تجاه العراق من خلال العمل على «اتفاقية الإطار الاستراتيجي» بين البلدين وتوسيع العلاقات خارج النطاق العسكري بين البلدين. كما ستكون الزيارة مهمة في نفي الادعاءات بأن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة باستقرار العراق، أو ترك البلاد لنفوذ إيراني.

ودافع العضو السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك عن سياسة أوباما في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أمس قائلا «لو قمنا بحسب الأمور بشكل صحيح، هذه المرحلة الجديدة قد تكون أكثر أهمية من سحب القوات الأميركية». وأضاف أن هذه «ليست نهاية بل بداية في العراق»، التي ستسمح بعلاقات طبيعية ومتكاملة بين البلدين.

إلا أن المحلل اليميني تشارلز كراثومر اعتبر أن أوباما «فشل» في المفاوضات مع العراقيين لإبقاء القوات الأميركية في العراق. وقال في مقال رأي نشره أول من أمس، إن أوباما فشل في ابتاع «دبلوماسية» تجعل الحكومة العراقية راغبة في إبقاء القوات الأميركية، مما «قد يتسبب في خسارتنا للعراق». ويعكس رأي كراثومر رأي الكثير من الجمهوريين والمؤيدين أصلا للحرب في العراق بأن عدم إبقاء قوات أميركية في العراق يعني تراجع النفوذ الأميركي في بغداد أو حتى المنطقة.

ومن دون شك، فإن قرار أوباما بسحب القوات من العراق كان مبنيا جزئيا على حساباته استعدادا للانتخابات الرئاسية العام المقبل، خاصة أنه وعد بإكمال سحب القوات الأميركية من البلاد. إلا أن الموقف العراقي الرافض لمنح الجنود الأميركيين الحصانة كان في النهاية أساسيا في عدم إبقاء قوات عسكرية بعد انتهاء صلاحية اتفاقية «وضع القوات الأميركية» في العراق نهاية العام الحالي، التي شملت حصانة للقوات الأميركية.

وبالطبع فإن الدور الإيراني في العراق من أبرز القضايا التي تشغل الأميركيين في تقييم العلاقات العراقية - الأميركية. وهذا ما يؤكده الجمهوريون. فقد تقدم 10 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، وعلى رأسهم العضو الأقدم في لجنة القوات المسلحة لدى المجلس جون ماكين، بتوجيه رسالة تطالب بتوجيه أسئلة لأوباما حول قراره. واعتبر أعضاء مجلس الشيوخ أن الانسحاب من العراق «سيعتبره أعداؤنا في الشرق الأوسط، وخاصة النظام الإيراني، انتصارا استراتيجيا». أما عضو الكونغرس المؤيد أساسا للحرب في العراق ليندسي غراهام، فاعتبر أن «الإيرانيين يرقصون في شوارع طهران» بسبب فشل التوصل إلى اتفاق.

لكن المسؤولين في الإدارة الأميركية لا يعتبرون القرار انتصارا لإيران. وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن «العراقيين أثبتوا أنهم لا يريدون أن تتدخل إيران في شؤونهم، حتى وإن كانت علاقاتهم مع إيران جيدة». وأضاف: «لا يوجد فراغ في العراق لأن العراقيين أنفسهم يملأون المجال السياسي والعسكري». من جهته، اعتبر الكاتب في مجلة «تايم» أن غزو العراق، وليس مغادرته، شكل «هدية» للإيرانيين.

وتنعكس الآراء السياسية على تصورات الشعب الأميركي حول العراق. ويظهر استطلاع أجراه معهد «غالوب» هذا الأسبوع أن 75 في المائة من الأميركيين يؤيدون قرار أوباما للانسحاب من العراق، بينما يعارضه 21 في المائة. وأوضح الاستطلاع أن 96 في المائة من الديمقراطيين يؤيدون الانسحاب من العراق بحلول هذا العام بينما 77 في المائة من المستقلين يؤيدون هذه السياسية. إلا أن من اللافت أن 43 في المائة فقط من الجمهوريين يؤيدون الانسحاب، على الرغم من أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الجمهوري هو الذي وقع على هذا الاتفاق. وعبر 52 في المائة من الجمهوريين المشاركين في الاستطلاع عن معارضتهم للانسحاب من العراق.

وحذر المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية في الولايات المتحدة أندرو باراسليتي، من «إساءة تصوير تبعات إنهاء الحرب في العراق، خاصة في ما يخص العراق». وأضاف: «يجب إعطاء العراقيين حقهم»، في تقرير مصيرهم بناء على السياسة الداخلية العراقية. وأضاف أن عدم التوصل إلى اتفاق على تمديد بقاء القوات الأميركية في العراق «نتج من بغداد وليس واشنطن، العراق يتمتع بالحرية الآن ويملك خياراته».