بارزاني يواصل مباحثاته مع القادة الأتراك.. ويحمل مبادرة للتهدئة بين أنقرة و«العمال الكردستاني»

مستشاره لـ «الشرق الأوسط»: سيواصل جهوده لتهيئة الأرضية للمفاوضات

الرئيس التركي عبد الله غل مستقبلا أمس رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في اسطنبول (إ.ب.أ)
TT

واصل مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، أمس، لقاءاته مع القادة الأتراك والتقى الرئيس عبد الله غل وذلك غداة لقائه أول من أمس رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو ورئيس البرلمان جميل جيجك.

وأشارت مصادر مرافقة لرئيس الإقليم إلى أن «بارزاني بحث مع وزير الخارجية التركي سبل تعزيز وتطوير العلاقات بين إقليم كردستان وتركيا، وأكد خلال اللقاء على متانة العلاقات بين إقليم كردستان وتركيا»، مشيرا إلى أنه بحث مع وزير الخارجية التركي العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. فيما أعلن أوغلو أنه بحث مع بارزاني «معالجة المشاكل القائمة على الحدود المشتركة بين إقليم كردستان وتركيا».

وكان بارزاني قد التقى فور وصوله إلى مطار أتاتورك بمدينة اسطنبول برئيس البرلمان التركي وأجرى معه محادثات قصيرة سلط خلالها الضوء على مهمته في تركيا واللقاءات التي سيجريها مع قادة الدولة.

وبحسب المصادر المقربة من بارزاني، ستتركز محادثاته في تركيا حول الوضع على الحدود، خاصة بعد تصاعد هجمات حزب العمال الكردستاني على مواقع الجيش التركي ووقوع عدد كبير من القتلى في الاشتباكات الدائرة هناك، وسيلتقي بارزاني خلال وجوده في تركيا بقادة حزب السلام والديمقراطية الكردي الذي له 36 نائبا في البرلمان التركي بهدف الحصول على دعمه لمبادرة كشف ملامحها المستشار السياسي للرئيس بارزاني.

وأشار فلك الدين كاكائي، وزير الثقافة السابق بحكومة الإقليم المستشار السياسي لرئيس الإقليم، إلى أن بارزاني يحمل في زيارته هذه مبادرة لوقف القتال الدائر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني. وقال كاكائي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه «من منطلق اهتمام وحرص الرئيس بارزاني على العلاقات التركية الكردية، وكذلك بالوضع المتوتر على الحدود، فإنه سيطرح مبادرة على الجانب التركي لوقف هذا النزيف الدموي، لأن له تداعيات خطيرة ليس على الوضع الكردستاني والعلاقات التركية الكردية، بل على وضع المنطقة عموما، عليه فإن بارزاني سيحاول خلال هذه الزيارة إلى تركيا أن يبذل جهوده من أجل تخفيف حدة التوتر على الحدود، خاصة أنه سبق أن تقدم وعبر قنوات متعددة برسائل مباشرة وغير مباشرة إلى قيادة العمال الكردستاني بعدم التصعيد مع الجانب التركي، ومارس ضغوطا كبيرة على قيادة ذلك الحزب لوقف قتاله مع الجيش التركي مراعاة لمصلحة الشعب الكردي، وسيواصل بارزاني جهوده لتهيئة الأرضية المناسبة لنجاح مفاوضات سياسية بين الجانبين والتي انطلقت منذ فترة من العاصمة النرويجية أوسلو، وامتدت إلى داخل تركيا، فهو يرى بأن هناك إمكانية لدعم جهود السلام وتحقيق الحوار بين الأطراف المعنية وصولا إلى حل نهائي للقضية الكردية والصراع التركي الكردي».

وحول ما إذا كان يحمل تفويضا من قيادة الكردستاني لطرح تلك المبادرة، قال المستشار السياسي للرئيس بارزاني «ليس هناك تفويض بهذا المعنى، فبارزاني ليس بحاجة أساسا إلى أي تفويض لبذل جهوده نحو تحقيق السلام بين القوى المتصارعة مع دول الإقليم، ومع ذلك فالقائد الحالي لحزب العمال الكردستاني مراد قره يلان سبق أن أبدى دعمه الكامل لجهود الرئيس بارزاني لإحلال السلام في تركيا، وثمن مساعيه الخيرة لحل الصراع الكردي التركي، وكذلك صرح مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب الذي أشاد بجهود بارزاني بهذا الاتجاه، وهذا بحد ذاته يعني أن قيادة الحزب الكردستاني تدعم جهود بارزاني وترحب بها، كما أن هناك تصريحات مماثلة من حزب السلام والديمقراطية الكردي الممثل بالبرلمان التركي، والذي يعد الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، وهي تصريحات ترحب بالجهود التي يبذلها بارزاني لتحقيق السلام في تركيا». وأشار كاكائي إلى أهمية وقف القتال الدائر على الحدود لإنجاح جهود بارزاني، وقال «إن الجهود التي يبذلها بارزاني تصب في المحصلة على تحقيق السلام بين الطرفين، ولذلك فهو يحتاج إلى تهدئة للأوضاع على الحدود من خلال الاتفاق على وقف للقتال، ولذلك دعا دائما الحزب الكردستاني إلى وقف هجمات مقاتليه ضد الجيش التركي لإعطاء فرصة أكبر لإنجاح جهود السلام، وهذا هو المطلوب حاليا لتهيئة الأجواء نحو انطلاق مسيرة السلام». وبتذكيره بأن حزب العمال الكردستاني أعلن لثماني مرات مبادرات لوقف القتال من طرف واحد ولكن الحكومة التركية هي التي كانت ترفض دائما تلك المبادرات، أجاب كاكائي «صحيح أن الكردستاني أطلق العديد من المبادرات السلمية ولم تقبل الحكومة التركية بذلك لكن في المحصلة تحقق نوع من الهدوء على الحدود الذي أسهم في تخفيف حدة التوتر، ووقف القتال وإراقة الدماء أصبح اليوم مطلبا شعبيا إلى جانب كونه مطلبا سياسيا، بدليل أن معظم الأحزاب والتنظيمات السياسية الكردية في تركيا بما فيها حزب السلام والديمقراطية تركز دائما على وقف القتال حتى وإن كان من طرف واحد، لأن ذلك سيسهم في تخفيف التوتر ويهيئ الأجواء للمفاوضات السياسية، وسيحاول بارزاني خلال لقاءاته مع القادة الأتراك أن يقنعهم بالاستجابة لطلب وقف مشترك للقتال تمهيدا لتهيئة الأجواء لانطلاق مسيرة التفاوض والحوار لإنهاء هذا الصراع الدامي في تركيا والذي مضت عقود عليه، وحان الوقت لإنهائه وتحقيق الحلول السلمية للقضية الكردية في تركيا، وهذا ما يعمل من أجله الرئيس بارزاني بكل قوته».