محافظ صلاح الدين لـ «الشرق الأوسط»: قرار الفيدرالية بيد أبناء المحافظة

مرجعية النجف تحمل غياب العدالة في توزيع الثروات مسؤولية الاندفاع نحو إعلان الأقاليم

TT

أكد محافظ صلاح الدين، أحمد عبد الله، أن «قرار تحويل محافظة صلاح الدين إلى إقليم ليس بيده لكي يتراجع عنه أو لا يتراجع، بل هو بات اليوم بيد أبناء محافظة صلاح الدين وهم من يقررون مصيرهم طبقا للدستور». وقال عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما قاله النائب علي الصجري بشأن تراجع مجلس محافظة صلاح الدين عن تحويل المحافظة إلى إقليم وأولهم المحافظ أمر غير دقيق لأننا في النهاية جزء من أهالي المحافظة ولا يمكن أن نتبنى رأيا أو موقفا يخالف ما يريده أبناء المحافظة»، مشيرا إلى أن «القرار هو بيد شعب المحافظة فإذا أراد الفيدرالية مشينا وفق رغبته، وإذا لم يردها فنحن ننفذ إرادته من دون تردد أو ضغوط من أي جهة كانت».

وردا على سؤال حول الرسالة التي تلقاها من رئيس الوزراء، نوري المالكي، وما إذا كانت تتضمن موقفا جديدا من المالكي بشأن ما أقدم عليه مجلس محافظة صلاح الدين، قال عبد الله إن «الرسالة التي تلقيناها من رئيس الوزراء تتضمن طلبا لعقد لقاء معه من قبل مجلس محافظة صلاح الدين ولا تتضمن أي شيء مسبق»، مشيرا إلى أن مجلس المحافظة وخلال الجلسة التي عقدها أول من أمس «قرر أن يؤجل الرد على رسالة رئيس الوزراء إلى الثامن عشر من الشهر الحالي».

وكان النائب في البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين والقيادي في ائتلاف وحدة العراق علي الصجري قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن «مجلس محافظة صلاح الدين، وأولهم محافظ صلاح الدين، قد تراجع عن فكرة تحويل المحافظة إلى إقليم فيدرالي». مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه «بحث مع المالكي مطالب أبناء المحافظة في ما يتعلق بمسألة الاجتثاث التي قرر المالكي التريث بها والاعتقالات، مع وعد بأن يكون التحقيق شفافا». في أول رد فعل لها بشأن عزم محافظة صلاح الدين التوجه إلى الفيدرالية، وجهت مرجعية النجف الشيعية ممثلة بالمرجع الأعلى، آية الله علي السيستاني، انتقادا إلى الحكومة المركزية اعتبرت فيه ضمنا أن الأسباب الرئيسية التي باتت تدفع الناس إلى التوجه إلى الأقاليم تعود إلى عدم وجود عدالة في توزيع الثروات وضمان تطبيق القانون.

وبينما يبقى موقف كل من محافظة صلاح الدين من جهة والحكومة المركزية من جهة أخرى على حاله بانتظار نهاية عطلة العيد لتبدأ جولة من المباحثات بين الطرفين من أجل التوصل إلى حل وسط، فقد أكد ممثل السيستاني في كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة الجمعة، أمس، أنه «لا بد من مراعاة 3 أمور مهمة مجتمعة من أجل استقرار الأوضاع في البلاد، أولها مراعاة الحقوق لجميع العراقيين وفقا لمعايير العدالة، وتوزيع الأموال والمشاريع الخدمية بالتساوي على المحافظات وتوفير العمل للعاطلين، بحيث يشعر جميع المواطنين بعدم وقوع الغبن عليهم، وهذا الأمر سيساعد على استقرار البلاد وعدمه سيؤدي إلى تأزم الأوضاع الداخلية». وأضاف الكربلائي أن «الأمر الثاني هو الانتباه والحذر من أي خطوة تؤدي إلى تفتيت العراق مستقبلا، وأهمية دراسة التأثيرات المستقبلية لأي خطوة يقدم عليها أي طرف على وحدة العراق وتماسكه، ومدى تأثير ذلك على الأجيال القادمة، ولا بد من ملاحظة مصالح الحاضر والمستقبل». وثالثا أكد الكربلائي أن «تطبيق القانون أمر مهم جدا ولا يمكن أن يتقدم العراق ويخرج من أزماته بمراعاة ذلك فحسب، لكن لا بد أن يطبق القانون على الجميع بشكل شامل».

ويعد هذا الموقف الأول من نوعه من قبل المرجعية الدينية التي اعتاد ممثلوها كل يوم جمعة توجيه انتقادات ذات طبيعة عمومية تتعلق بنقص الخدمات أو الامتيازات التي يحصل عليها كبار المسؤولين ويحرم منها عموم المواطنين، فضلا عن ملفات الفساد المالي والإداري. وفي هذا السياق أكد القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي جمعة العطواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية الدينية سعت منذ البداية أن لا تتدخل في الشأن السياسي المباشر وأن تكون راعية لجميع العراقيين وفي كل المناطق والمحافظات»، مشيرا إلى أنها «وإن كانت لا تزال تقف الموقف ذاته إلا أنها كثيرا ما نبهت المسؤولين إلى ضرورة الانتباه إلى معيار مهم وهو معيار المواطنة في التعاطي مع المواقف والأزمات، وهو ما يعني أن يكون المواطن هو الهدف الأول لكل ما يمكن أن تقدم عليه من خطوات وإجراءات».

وأشار العطواني إلى أن «من الواضح أنه اليوم لا توجد عدالة كاملة لدى الحكومة سواء في توزيع الثروات أو في تطبيق القانون على الرغم من أن الدستور الذي تعلن الطبقة السياسية، ومنها الحكومة، الالتزام به واضح جدا في التعامل مع المواطنين، علما بأن الحكومة لم تراع حقوق حتى المحافظات التي كانت تعاني الحرمان في السابق». وبشأن الكيفية التي يمكن من خلالها إيجاد مخرج للازمات المتكررة في البلاد، قال العطواني إن «الصراعات السياسية بين أفراد الطبقة السياسية تلقي بلا شك بظلالها على البلاد وتنعكس على كل شيء بما في ذلك الدعوات إلى الفيدرالية».

واعتبر العطواني أنه «لو كانت الحكومة قد طبقت قانون (البترودولار) الذي يعطي المحافظات المنتجة للنفط حصة منه لإعادة الإعمار لما فكر البصريون في الفيدرالية إلا بطريقة هادئة ووفقا للدستور، وفي السياق نفسه ينطبق على أهالي صلاح الدين الذين جاء قرار إعلانهم الفيدرالية انفعاليا ومبنيا على رد فعل يمكن أن يندموا عليه، لكن رد الفعل لم يأت من فراغ، بل هناك أسباب تقف وراءها وهو ما جعل المرجعية الدينية تحذر من خطورة التمادي في عمليات يفهم منها أنها عمليات مقصودة للإيذاء وعدم التوصل إلى حلول حقيقية». ونوه العطواني بأن «المرجعية الدينية في النجف لا تتدخل في قضية الأقاليم والفيدراليات لكنها تلفت انتباه المسؤولين إلى مراعاة الجوانب المتعلقة بذلك».