النظام السوري يعلن إخلاء سبيل 553 موقوفا.. وبدء سحب الجيش من المدن اليوم

مسؤول سوري: حريصون على تنفيذ المبادرة العربية ولكن هناك جماعات مسلحة علينا حماية الشعب منها

TT

أعلنت السلطات السورية مساء أمس عن إخلاء سبيل 553 من الموقوفين ممن قالت إنهم من «المتورطين بالأحداث ولم تتلطخ أيديهم بالدماء»، وذلك بمناسبة عيد الأضحى، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا). وتقول جماعات حقوقية وإنسانية إن هناك نحو 11 ألف معتقل في السجون السورية على خلفية الأحداث الأخيرة، إضافة إلى آلاف المختفين.

وجاء ذلك في وقت أعلن فيه معاون وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة في تصريحات لصحيفة الـ«ديلي تلغراف» البريطانية نشرت أمس، أن «السلطات السورية ستسحب قوات الأمن والجيش من الشوارع اليوم (الأحد) في إطار مبادرة جامعة الدول العربية لإنهاء العنف في البلاد». وأكد عمورة أن «سوريا تعني ما تقول وسننفذ اتفاق جامعة الدول العربية، كل بند من بنوده، إذا ما وافقنا على شيء، فإننا نفعله». وأضاف: «نحن نعمل على تنفيذها، سنراها قريبا جدا ونأمل أن يكون ذلك مع أول أيام عيد الأضحى».

وذكر عمورة للصحيفة البريطانية أيضا، أنه سيتم العفو عن سجناء على مراحل. إلا أنه أضاف في ما فسرته الصحيفة على أنه تمهيد للتراجع عن الاتفاق مع الجامعة العربية، إن نجاح الاتفاق يتطلب «وقف العنف من قبل أي طرف»، وليس فقط من جانب النظام. وأضاف: «الحكومة والقيادة حريصون على تنفيذ الاتفاق، ولكنها مسؤولية أي حكومة حماية شعبها من الجماعات المسلحة. ومن الواضح جدا أن هناك جماعات مسلحة تهدد أمن سوريا».

وكان النظام السوري قد أعلن موافقته على المبادرة العربية يوم الأربعاء الماضي التي تنص على الوقف الكامل للعنف وإطلاق سراح المحتجين المعتقلين وسحب قوات الأمن والجيش من المناطق المدنية والسماح لوسائل الإعلام الأجنبية بحرية دخول البلاد. إلا أن أكثر من 25 شخصا قتلوا في مظاهرات يوم الجمعة، ونحو ثلاثة أشخاص قتلوا يوم أمس، في وقت واصلت فيه قوات الجيش والأمن السوري ممارسة القمع العنيف في أنحاء مختلفة من البلاد، لا سيما في حمص.

كما تداولت مصادر إعلامية شبه رسمية معلومات عن أن السلطات السورية «أبلغت وحدات الجيش بضرورة تطبيق انسحاب تدريجي من المناطق المأهولة إلى قواعدها أو مداخل المدن، حيث ستستعيض عنها للمرة الأولى بوحدات من قوات حفظ النظام، وهي قوات تدربت حديثا على مواجهات غير مسلحة مع مدنيين، وتضمّ ما يقارب الـ4 آلاف عنصر لملأ الفراغ الذي سيتركه الجيش، بحيث يكون لها لباسها الخاص الذي يغلب عليه اللون الأزرق، كما ستستخدم معدات خاصة مطلية باللون ذاته وتتبع لوزارة الداخلية السورية».

إلى ذلك، اتهمت الحكومة السورية أمس الولايات المتحدة بـ«إثارة الفتنة ودعم القتل والإرهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق المواطنين السوريين» و«تمويل المجموعات الإرهابية» وذلك في ردها على نصيحة الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند للمواطنين السوريين بعدم الاستجابة لنداء وزارة الداخلية السورية للمواطنين السوريين «ممن حملوا السلاح أو باعوه أو قاموا بتوزيعه أو نقله أو شرائه أو تمويل شرائه ولم يرتكبوا جرائم القتل إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى أقرب مركز شرطة في منطقتهم وسيصار إلى تركهم فورا». واعتبر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أن الإدارة الأميركية كشفت بذلك «مرة أخرى عن تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لسوريا وعن سياستها الداعمة للقتل وتمويلها للمجموعات الإرهابية فيها». وعبر المصدر في تصريحات نقلتها «سانا»، عن إدانة حكومته لتصريحات نولاند ووصفها بأنها «لا مسؤولة» و«لا يمكن تفسيرها إلا بأنها تهدف إلى إثارة الفتنة ودعم القتل والإرهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق المواطنين السوريين». وقال إن حكومته تطالب «المجتمع الدولي بالوقوف في وجه هذه السياسات التي تتناقض مع أحكام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله».

وكانت الخارجية الأميركية دعت أيضا جامعة الدول العربية لإصدار قرارات لمعاقبة حكومة الأسد بعد أن «رفض تنفيذ مطالب وفد جامعة الدول العربية»، وقالت إن هذه العقوبات على سوريا يمكن أن تكون، على الأقل، مثل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة منذ بداية قمع حكومة الأسد للمظاهرات المعارضة. وقالت نولاند إن الأسد «لم ينفذ أي واحد من التزاماته التي كان قدمها لجامعة الدول العربية». وأضافت: «لدينا تاريخ طويل وعميق عن عدم الوفاء بالوعود من جانب نظام الأسد. ويبدو أن هذا متواصل دون انقطاع، وحتى الآن.. والحكومة الأميركية ليست متفائلة بحدوث تغييرات إيجابية في موقف الحكومة السورية».

وفي سياق ردود الفعل على نداء وزارة الداخلية السورية للمواطنين السوريين ممن حملوا السلاح لتسليم أنفسهم مقابل العفو عنهم، انتقد «تيار بناء الدولة السورية» المعارض هذا الإجراء. واعتبرته «إجراء جديدا تؤكد فيه الحكومة السورية أنها ماضية في تسلطها». وقال التيار في بيان له تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه «هذا الإجراء يدل على أن السلطة ما زالت تعتبر أن المعارضين هم المخالفون للقانون والشرعية وليس هي»، وذلك بعد الإشارة إلى أن «موضوع جمع السلاح من المدنيين يحتاج إلى برنامج وطني - وليس سلطويا - بعد أن انتشر وتعمم جزء كبير منه عن طريق أجهزة السلطة الأمنية والتسلطية، وتشكيل ما سميناه في وقت سابق مجموعات (الشبيحة) المسلحة المحمية من السلطات الأمنية».