مظاهر العيد تغيب عن المدن السورية

الإعلام الرسمي: الأسد تبادل التهاني مع ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية

TT

يستقبل السوريون عيد الأضحى اليوم بالدماء والحزن، وعدا مدينتي دمشق العاصمة وحلب، تكاد تغيب مظاهر العيد عن الأسواق في غالبية مناطق البلاد، لا سيما المنكوبة منها، في مقدمتها محافظتا حمص ودرعا اللتان تعيشان أياما عصيبة مع استمرار أعمال القمع الوحشي فيهما، وبعد سقوط مئات القتلى والجرحى فيهما، إضافة إلى آلاف المعتقلين والمفقودين. وتكاد لا توجد منطقة في سوريا، لم تفجع بفقدان أحد أبنائها سواء من المدنيين المعارضين للنظام أو من العسكريين أو قوات الأمن، من الذين يعلن رسميا كل يوم عن تشييع قافلة منهم، في حين يعلن الناشطون عن قوافل قتلاهم عبر مقاطع فيديو في الإنترنت. أما صفحات المعتقلين، فتولد منها العشرات يوميا للحصول على دعم من رفاقهم من المحتجين.

وحدها وسائل الإعلام الرسمية كانت تبث أمس خبر تبادل رئيس الجمهورية لبرقيات «التهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك مع ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية» دون ذكر اسم أي من قادة الدول التي قالت إنهم أرسلوا برقيات تهنئة، فيما نشرت نصوص برقيات التهنئة الثلاث كاملة التي أرسلها كل من القاضي الشرعي ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية، وكأنه الخبر ذاته الذي بث العيد الماضي.

وانتقد أمجد، وهو ناشط على المواقع الإلكترونية، وسائل الإعلام الرسمية التي «تصر على أن الحياة تسير بشكل طبيعي، وتحتفل بالعيد في حين يخيم الحزن على سوريا». وقال «لو أن الإعلام الرسمي يعبر عن الشعب كان سيعتبر أن هذا العيد هو عيد الشهداء، وأن الرئيس لن يتقبل التهاني حدادا على أرواح الشهداء على الأقل شهداء الجيش والأمن الذين ماتوا للدفاع عنه وعن نظامه إذا كان يعتبرهم شهداء كما يقولون».

وقالت الناشطة سهى (40 عاما) من درعا، إنها فقدت شخصين من عائلتها وخمسة من أصدقائها خلال الأحداث وإن «قلبها لم يعد يحتمل الحزن ولكنه فقد القدرة على الفرح لذا هي في عيد الأضحى لن تفعل شيئا سوى الصلاة لسلامة البلاد». أما هند (50 عاما) من ريف دمشق، والتي قالت لإن جيرانها فقدوا اثنين من خيرة أبنائهما، كتبت على صفحتها في موقع «فيس بوك»، أنها لم تشتر مستلزمات العيد وأنه «لا يمكن للعيد أن يمر في بيتها بينما جيرانها يطفئون أنوار بيتهم ويغرقون في الحزن».

في حمص وريفها، يقول الناشطون إن معظم المحال مغلقة وإن هناك نقصا في الأشياء الأساسية والضرورية، من بينها الخبز. ويقول أبو محمد صاحب سوبرماركت في ريف حمص إن «مدنا وقرى بأكملها توقفت فيها حركة البيع والشراء منذ عدة أشهر، وإنه بالكاد يستطيع تأمين بعض السلع الضرورية كالأغذية إذ ثمة صعوبة بالغة في نقل البضائع والسلع من منطقة إلى أخرى»، في حين أن «مناطق وقرى أخرى لا تشهد احتجاجات تبدو فيها الحياة طبيعية وكل السلع متوفرة إلا أن حركة السوق ضعيفة جدا بسبب تردي الوضع العام والقلق من المجهول».

غياب مظاهر العيد ترافق مع دعوات للناشطين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لجعل عيد الأضحى مناسبة للتضامن مع أهالي الشهداء وزيارتهم، فيما دعا آخرون إلى مقاطعة تبادل المعايدات عبر الرسائل القصيرة (إس إم إس) أو المكالمات عبر الجوال كي لا تزيد أرباح شركتي الخليوي اللتين يملكهما رجل أعمال من أعمدة النظام السوري. وتم توزيع مناشير تقول «لا تقتلني برسالة» لأن أرباح الخليوي تذهب لدعم الشبيحة وشراء رصاص لقتل المتظاهرين، لهذا اقترحت شابة حمصية أن تقتصر المعايدات على تعليم فقط، أي رنة واحدة دون مكالمة ولا رسالة. وقالت إنه بهذه الطريقة تبلغ صديقك أنك تذكرته في العيد وفي الوقت نفسه لا تدع شركة الخليوي تربح منك. إلا أن شركات الخليوي استبقت العيد وتلك الدعوات بالإعلان عن عروض ومسابقات لمن يستخدم الجوال أكثر عبر نظام نقاط تزيد كلما زادت مدة المكالمة وبالتالي تزيد فرص الربح.

لكن السوريين من المناهضين للنظام لا يرون في تلك العروض سوى نكات لا يمكن تصديقها وإنما تتم روايتها ضمن ما يروى من طرائف للتحايل على الألم.