الإسلاميون يتسابقون لإغراء المصريين بـ«عطايا الأضحى» لتحقيق مكاسب انتخابية

تشمل هدايا للأطفال في صلاة العيد و«شوادر لحوم» وتذاكر عمرة وخرافا للمصلين

ملصقات حزب الحرية والعدالة تدعو المواطنيين إلى صلاة عيد الأضحى في مساجد يشرف عليها «الإخوان» («الشرق الأوسط»)
TT

بينما كان محمود محمد علي (50 عاما)، موظف حكومي، في طريقه لشراء مستلزمات عائلته عشية أول أيام عيد الأضحى، واجه زحاما غير معتاد في ضاحية المطرية (شرق القاهرة)، وعندما وصل إلى المكان المزدحم، اكتشف أن سببه وجود أحد شوادر بيع اللحوم بأسعار مخفضة، وقيام الشباب بتوزيع دعوات «وكوبونات» لأداء صلاة عيد الأضحى في الساحات والمساجد التابعة لـ«السلفيين».

المشهد الذي شاهده محمود في منطقة المطرية تكرر في أغلب شوارع وميادين القاهرة والمحافظات. وفرضت الدعاية الانتخابية التي تزامنت بدايتها مع عيد الأضحى واقعا مختلفا على التيار الإسلامي في شكل الدعاية الانتخابية وترويج المرشحين لأنفسهم، والسباق لإرضاء أكبر شريحة ممكنة من الناخبين، مستخدمين سلاح «لحوم الأضاحي» و«الإعانات» في العشوائيات والأحياء الفقيرة؛ لضمان الفوز بأكبر نسبة أصوات.

وظهر نشاط الإسلاميين في أول عيد الأضحى عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) بشكل غير مسبوق، ففي عهد نظام الرئيس السابق، حسني مبارك، كان لا يسمح لأعضاء التيار الإسلامي بإمامة الصلاة في المساجد والساحات في الأعياد، وغالبا ما كانت قوات الأمن تنفذ حملات اعتقال بين صفوفهم قبل الأعياد أو خلالها.

ولم يكن التيار السلفي فقط الذي قام بإقامة شوادر لتوزيع اللحوم؛ بل نافسه في ذلك جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، طمعا في أصوات الناخبين.

واشتد صراع الإسلاميين على الساحات المخصصة لأداء صلاة العيد، وتكثيف الوجود في التجمعات الكبيرة التي تحدث في العيد بدءا من الصلاة حتى أماكن المتنزهات والنوادي، للترويج والدعاية الانتخابية لمرشحيهم في الانتخابات البرلمانية المقرر أن تبدأ مرحلتها الأولى في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وأعلنت الدعوة السلفية عن منحها جوائز وهدايا للأطفال لمن يصلي في المساجد الخاصة بها؛ إلا أنها تركت الجائزة الأولى مفاجأة لم تعلن عنها، بالإضافة إلى توزيع منشورات تابعة لحزب النور ذي التوجه السلفي، تمنح تخفيضات بنسبة 10 في المائة لبعض المحلات والصيدليات والمحلات السوبر.

وحسب أحد أعضاء حزب النور في منطقة المطرية، فإن الحزب سوف يقوم بتوزيع منشورات على المصلين في صلاة العيد تروج لمشاريع الحزب السياسية، بالإضافة إلى نشر أعضاء الحزب بين المصلين لشرح برامج مرشحيه في الانتخابات.

وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين، عن عدة جوائز لمن يحضر صلاة العيد في الساحات التابعة لها، وستكون الجائزة الأولى «خروفا»، بالإضافة إلى رحلات عمرة وأجهزة كهربائية.

وفي قنا، تسابق «الإخوان» والسلفيون في أشكال الدعاية، بدءا من وجود أماكن للأطفال والنساء، والإعلان عن سحب جوائز قيمة للحضور.

ولم يقتصر نشاط «الإخوان» على شوادر الأضاحي فقط والجوائز، فقد أطلق حزب الحرية والعدالة (الذراع الرسمية للجماعة) مشروع «سيارة الأحلام» وهي عبارة عن سيارة تجوب شوارع وميادين مصر، ومعها عدد كبير من متطوعي الحزب لجمع رغبات المصريين وأولويات الإصلاح، تحت شعار «أولويات الشعب.. برنامج الحزب». وأكد الحزب أن فكرة السيارة تأتي وفاء للوعد الانتخابي الذي يطرحه الحزب في حملته للبرلمان المقبل.

وفي السياق ذاته، اعتبر حقوقيون، نشاط الإسلاميين استغلالا لمناسبة دينية في الدعاية الانتخابية. وقال الناشط الحقوقي نور عبد الحميد: «كان على التيارات الإسلامية عدم استغلال هذه الأساليب في الدعاية لها»، لافتا إلى أن هذه الأساليب هي استغلال لظروف للبسطاء عن طريق توزيع مواد تموينية، مؤكدا أن ما يقوم به الإسلاميون هو نفس نهج مرشحي الحزب الوطني (المنحل) قبل أي انتخابات مصرية.

ويرى عبد الحميد، أنه لا يجوز التستر بعباءة الدين، ولا بد من إبعاد الدين عن الرغبات والانطباعات الشخصية؛ ليفتح المجال للمنافسة الحقيقية، وشدد على ضرورة أن لا تستغل خطبة العيد في الدعاية الانتخابية. وعن مظاهر «تسابق التيار الإسلامي» للظهور في عيد الأضحى، قال الدكتور أيمن عبد العزيز، أستاذ علم الاجتماع في جامعة جنوب الوادي في محافظة سوهاج: «إن مواكبة فترة الدعاية الانتخابية لعيد الأضحى هذا العام كانت فرصة سانحة لاستغلال توزيع اللحوم كنموذج حي للرشى الانتخابية وشراء أصوات الفقراء».

ويوضح عبد العزيز أن الشعب المصري ليس شريحة اجتماعية واحدة، وما زالت مشاعر الفقراء كما هي، خصوصا في مثل هذه المناسبات التي ينتظرونها كل عام.

وحول تأثر الناخبين بالدعايات الانتخابية، يرى عبد العزيز أن الشعب المصري بطبعه شعب ودود وعاطفي للغاية ويرحب بأي شكل جديد.

من جانبه، أعلن المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أنه يتم حاليا اتخاذ وضع اللمسات الأخيرة بشأن تمكين المصريين المقيمين في الخارج من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة، تنفيذا للحكم القضائي الصادر عن مجلس الدولة في هذا الصدد.