الليبيون يحتفلون بأول عيد أضحى في غياب القذافي.. وحذر من عمليات إرهابية محتملة

رئيس مجلس ثوار طرابلس لـ «الشرق الأوسط» : نرفض تحويلنا إلى «الأطرش في الزفة»

أجواء تحضيرية لعيد الأضحى أمس في طرابلس (رويترز)
TT

على الرغم من أجواء الفرح التي تسود ليبيا، خصوصا عاصمتها طرابلس، بقدوم أول عيد للأضحى في غياب العقيد الراحل معمر القذافي، فإن المخاوف من احتمال إقدام بعض الخلايا النائمة التابعة للقذافي في المدينة بارتكاب أعمال إرهابية طغت على النكهة الاحتفالية بالعيد بعدما أعلنت مختلف الكتائب الموالية للثوار، حالة الطوارئ تحسبا لأي هجوم مفاجئ.

ومع ذلك فقد ازدانت مختلف شوارع المدن الليبية، وبخاصة في العاصمة طرابلس، وبنغازي ثاني أكبر المدن الليبية ومقر المجلس الوطني الانتقالي ومعقل الثوار، بالأضواء الباهرة وأعلام الاستقلال احتفالا بقدوم أول عيد أضحى في غياب القذافي نهائيا.

لكن هذه الأضواء والأجواء الاحتفالية ذات الطابع الشعبي، لم تمنع البعض من التركيز على الهواجس الأمنية المحتملة وسط معلومات عن احتمال قيام بعض الموالين للقذافي بعمليات تخريبية.

وقال عبد الله ناكر الزنتاني، رئيس مجلس ثوار طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لتأمين طرابلس، مشيرا إلى معلومات تتحدث عن نشاط محتمل قد تقوم به بعض الخلايا النائمة من مؤيدي القذافي أو ما بات يعرف باسم الطابور الخامس.

وأوضح الزنتاني، الذي وصل إلى مسقط رأسه في الزنتان للاحتفال بقدوم عيد الأضحى، لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيقطع عطلة العيد، ويعود اليوم، الأحد، إلى طرابلس بالنظر إلى ما وصفه بعدم استقرار الوضع الأمني فيها والتخوف من حدوث عمليات إرهابية محتملة.

وأضاف: «نتخذ كل إجراءات الحيطة لضمان أمن المواطنين والمنشآت العامة والاستراتيجية، نتابع في خلايا نائمة قد تفكر في استغلال أول أيام العيد للقيام بعمل لا أخلاقي لترويع المواطنين والسكان. سنضرب بيد من حديد في وجه كل من تسول له نفسه المساس بالأمن والاستقرار في العاصمة».

وقال مسؤول في المجلس الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إن إجراءات أمنية مماثلة اتخذت تقريبا في معظم المدن الليبية، وبخاصة بنغازي معقل الثوار ومقر المجلس الانتقالي، لكنه رفض الحديث في المقابل عن معلومات بشأن احتمال وقوع علميات إرهابية.

وكان تنظيم ما يسمى بجبهة تحرير ليبيا الذي يعتقد أن سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي يقف وراءه بالتمويل والإشراف، قد اعتبر في بيان نقلته وكالة «سيفين دايز» عبر موقعها الإخباري الموالي لأسرة القذافي، أن هذا العيد يأتي محملا بالكثير من الأسى والجراح، ومثقلا بأغلال الاستعمار الصليبي والخليجي الغاشم.

واعتبر أن «قضيتنا عادلة لأنه ليس من العدل أن يكون عملاء الصليبيين الذين باعوا ليبيا ينعمون بالفرح في هذا العيد، في حين أن المدافعين عن شرف ليبيا وعن عهد الأجداد الصامدين في وجه الهجمة الاستعمارية يعصرهم الحزن بين المقابر والمنافي والأطلال».

كما نقلت الوكالة عن سالم الورفلي، الذي وصفته بأنه أحد المقربين من سيف الإسلام القذافي والموجودين معه ممن خرجوا بصحبته من مدينة بني وليد، أنه بخير وأنه لم يغادر ليبيا لأن معركته فيها.

وأضاف الورفلي أن نجل القذافي دعا جميع أفراد التشكيلات السياسية والعسكرية والأمنية للدولة الليبية إلى رفع درجة التأهب والاستعداد لديها للانضمام إلى المقاومة التي ستكون في إطارها الرسمي الذي يمثله الجيش الليبي، الذي أعلن أنه سيتحول إلى جيش تحرير.

وأعلن أن نجل القذافي الهارب سيصدر توجيها مفصلا يجيب فيه عن كل التساؤلات حول المرحلة المقبلة ومتطلباتها، «ويضع فيه النقاط على الحروف» ببيان موقع كل فرد وكل جماعة في أداء الواجب الوطني، على حد تعبيره.

وقللت مصادر من القيادات العسكرية والأمنية للثوار تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، عبر الهاتف في طرابلس وبنغازي، من أهمية هذه الرسائل وشككت فيها، وقالت إنها لا تعدو إلا أن تكون مجرد عمل إعلامي يقوم به بعض المحسوبين على القذافي في محاولة يائسة لإرباك الثوار والإيحاء باستمرار وجود مؤيدين للنظام السابق في الشارع الليبي.

ولا يعرف مقر إقامة نجل القذافي الهارب منذ مقتل والده وسقوط نظامه السياسي. وبينما يقول المجلس الانتقالي إن لديه معلومات تفيد بوجود نجل القذافي في مكان ما في الجنوب الليبي، فإن مصادر أخرى قالت إنه من المرجح أن يكون سيف الإسلام قد انضم إلى شقيقه الآخر الهارب، الساعدي، الموجود منذ بضعة أسابيع في النيجر تمهيدا لالتحاقهما ببقية أسرة القذافي في دولة ثالثة، يعتقد أنها جنوب أفريقيا.

وتقيم صفية فركاش، زوجة القذافي، مع محمد وهانيبال وشقيقتهما عائشة، أبناء القذافي، في الجزائر منذ اجتياح الثوار لمعقل القذافي في طرابلس نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، بعد حصولها على حق اللجوء السياسي لأسباب إنسانية. وقدم المجلس الانتقالي عدة طلبات رسمية إلى حكومتي الجزائر والنيجر لتسلم أبناء القذافي الذكور الهاربين، لكنه لم يتلق أي مؤشرات على إمكانية الاستجابة لهذه المطالب، وفقا لما أكده مصدر مسؤول في المجلس الوطني لـ«الشرق الأوسط». وبينما يواصل عبد الرحيم الكيب، رئيس الوزراء الليبي المنتخب من قبل أعضاء المجلس الوطني الانتقالي، مشاوراته لتشكيل أول حكومة انتقالية في البلاد بعد إعلان تحريرها وإسقاط نظام العقيد القذافي ومقتله، أكد الزنتاني لـ«الشرق الأوسط» أن الثوار معترضين على الطريقة التي تم بها انتخاب الكيب رئيسا للحكومة، مشيرا إلى أن انتخاب الكيب يمثل انتهاكا للمادة رقم 12 من الدستور الانتقالي التي تمنع أي عضو في المجلس الانتقالي من تولى أي مناصب تنفيذية أو الترشح للمقاعد الوزارية في الحكومة. وأضاف: «نعتقد أن ما بني على باطل فهو باطل، لا نعرف هذا الرجل، يقولون إنه أمضى معظم سنوات حياته في أميركا، نحن نرفض طريقة اختياره من قبل أعضاء المجلس الانتقالي». وفاز الكيب بمنصبه يوم الاثنين الماضي من الجولة الأولى بعدما نال 26 صوتا من أصل 51 عضوا من المجلس الانتقالي شاركوا في الجلسة التي عقدت في العاصمة طرابلس.

لكن الزنتاني قال لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا مشكلة مع الرجل، لكن من اختاروه لا يمثلون الشعب الليبي، لم يحدث أي استفتاء عام لكي يقرر الليبيون تسمية الرئيس الجديد للحكومة الانتقالية».

وصعد الزنتاني من حدة انتقاداته إلى حكومة الكيب والمجلس الانتقالي، معتبرا أنه يتعين على كل هؤلاء الاستقالة والتخلي عن أي مناصب حكومية أو رسمية.

وتابع: «يمكن لهؤلاء أن ينخرطوا في هيئة استشارية كمجلس الشيوخ أو البرلمان، لكن قيادة البلاد تحتاج إلى الشباب الذين لديهم القدرة الجسمانية والعقلية على القيام بالمهام المنوطة بهم».

ولفت إلى أن ليبيا تعيش مرحلة حرجة وحساسة وصعبة للغابة، مما يستوجب أن يشارك الشباب في عملية صنع القرار السياسي فيها على كافة المستويات.

واستنكر الزنتاني ما سماه «محاولة تهميش الثوار وإبعادهم عن عملية صنع القرار السياسي» على الرغم من الدور الحيوي الذي قاموا به لإسقاط نظام القذافي وتحرير ليبيا. وأضاف: «نحن مثلما يقول المثل الشعبي أصبحنا مثل (الأطرش في الزفة)، هناك محاولات دؤوبة لتهمشينا، وهذا لا نقبله جملة وتفصيلا». وشدد الزنتاني على أن كلامه لا يعني أي انتقاص من قيمة الكيب باعتباره رجلا أكاديميا ولديه قدرات معتبرة، مضيفا: «ليس لدينا مشكلة مع شخصه، نراه جيدا، لكنه بالتأكيد لا يصلح لهذه المرحلة». وتعني تصريحات الزنتاني أن جناحا واسعا من القادة العسكريين لكتائب وسرايا الثوار المنتشرين في مختلف أرجاء العاصمة، طرابلس، قد لا يتعاونون مطلقا مع حكومة الكيب على نحو يهدد إمكانية إقدامها على طرح آلية متكاملة لجمع السلاح وإدماج المقاتلين الثوار في مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للدولة الليبية الجديدة.

وعلى الرغم من أن الكيب تعهد بالنظر بشكل إيجابي إلى مطالب الثوار بشأن وجودهم في حكومته التي سيعلن عنها خلال الأسبوع المقبل، فإن تصاعد الانتقادات ضده حتى قبل أن يبدأ بالفعل ممارسة مهام عمله الرسمية تعني أنه سيتعين عليه بذل مجهود أكبر لإقناع الثوار بقبول حكومته والتعاون معها.

وفي مؤشر على الصعوبة التي يواجهها الكيب لإعادة الحياة إلى طبيعتها في طرابلس وجمع السلاح من الثوار، لاحظت قناة «ليبيا الأحرار»، الموالية للمجلس الوطني الانتقالي، أنه على الرغم من مساعي المسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي بالتعاون مع المجالس العسكرية للإسراع في عملية جمع الأسلحة من الفصائل المسلحة، فإن العملية باتت صعبة، وتتطلب إشراك كل الجهود. ونقلت القناة عن بعض سكان طرابلس قولهم إن إطلاق النار في الهواء من قبل مسلحين يتجولون في أحياء المدينة ليلا، أصبح ظاهرة مستفحلة، أودت بحياة بعض الأبرياء، مشيرة إلى مطالب السكان بتشديد الإجراءات الأمنية خوفا من فلول الكتائب. واعتبرت أن الانتشار الواسع للسلاح أصبح يؤرق سكان العاصمة ويهدد حياتهم بشكل يومي.