«المجلس الوطني» يقترب من «الجيش الحر» ويعترف بـ«حق السوريين في الدفاع عن أنفسهم»

المعارضة السورية تفقد الأمل في «الدور العربي» وتطلب رسميا «الحماية الدولية».. تركيا تؤيد رفض الحوار مع النظام وترى في فشل المبادرة «تعزيزا للتدويل»

TT

بدت المعارضة السورية أمس وكأنها «نفضت يدها» من التحرك العربي بعد فشل المبادرة العربية الأخيرة التي أعلنت سوريا قبولها في وقف سقوط الضحايا من بين المتظاهرين، فاتجهت نحو طلب «تدويل» الأزمة، بالإضافة إلى تطور لافت تمثل في اعتراف «المجلس الوطني» السوري بحق المتظاهرين في «الدفاع عن النفس» بعدما كان يحاذر «عسكرة الثورة»، ولم يكتف بذلك، بل أطلق إشارات باتجاه «الجيش السوري الحر» الذي يتألف من منشقين عن الجيش السوري قد تمهد لتعاون أوثق بين الطرفين، في حين كان لافتا قول قائد المنشقين العميد رياض الأسعد إن الجيش الحر «هو الذراع العسكرية للمعارضة». وتلاه تطور آخر لا يقل أهمية تمثل بالإعلان عن طلب رسمي تقدم به «المجلس» إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن لحماية المدنيين في سوريا عبر «إرسال مراقبين دوليين» من دون أن يستثني أي خيارات أخرى.

وأكدت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أن فشل مبادرة الجامعة العربية «يدفع الأمور بقوة نحو خيار التدويل»، مؤيدة مسعى المعارضة برفض الحوار مع النظام بعدما اختار «الحل الأمني» مرة جديدة على الحوار. مشيرة إلى أن فشل المبادرة العربية سيعزز الاتجاه إلى تدويل الأزمة وفتح كل الاحتمالات.

وقال مستشار الرئيس التركي إرشاد هورموزلو لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نتمنى أن يتم كل شيء بشكل سلمي، لكن للأسف فإن مبادرة الجامعة العربية قوبلت بالحل الأمني مرة جديدة». وأضاف: «كنا نحث على الحوار والسلمية، وأن يتم الاحتكام إلى الحوار بدلا من السلاح، لكن كل المبادرات قوبلت بهذه التصرفات». وأشار هورموزلو إلى أن «المبادرة العربية هي نسخة طبق الأصل من المطالب التركية من الأسد». وقال: «لم يتم الاستماع إلى مبادرة الجامعة ولا الاستجابة إلى المبادرة، وبالتالي فإن الأمور قد تتطور نحو اتجاهات سلبية».

ورغم أن المجلس الوطني عاود الاجتماع مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام، فإن مصادر في المعارضة قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «يئست من قدرة الجامعة العربية على القيام بشيء يوقف نزيف الدم السوري». وأوضح المصدر أن «المعارضة تقوم بتوثيق الانتهاكات التي يرتكبها النظام منذ إعلانه قبول المبادرة لتقديمها إلى المعنيين في الجامعة العربية». وأكد أن «المعارضة سوف تدفع بكل قوتها في اتجاه تدويل هذا الملف وتحميل العالم مسؤولياته في وقف المجازر التي يرتكبها النظام في حق من يفترض أن يكونوا مواطنيه».

وكان العربي استقبل أمس أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوفد كرر مطالبة الجامعة بـ«تعليق عضوية سوريا وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على النظام» فيما أشار معارضون إلى أن غالبية الدول العربية في حال موافقتها سيكون في وسعها تجميد عضوية النظام في الجامعة، كما أشارت إلى أن كلا من روسيا والصين مستعدتان للضغط على النظام إلا أن لديهما خشية من تدخل عسكري يقوده الناتو في سوريا.

وقد أكد وفد المجلس الوطني أن دفاع السوريين عن أنفسهم مشروع في مواجهة الحملة الدموية للنظام وأجهزته وميليشياته، كما أن الجيش الحر والضباط والجنود الأحرار الذين انحازوا للثورة يتولون الدفاع عن المدنيين والمتظاهرين، وقد تمت الإشارة إلى قيام النظام باعتقال نحو 3 آلاف مدني خلال يومين. ونقل الوفد عن العربي أنه في حال استمرار النظام في عمليات قتل المدنيين فإنه ستتم الدعوة لعقد اجتماع لمجلس الجامعة دون انتظار فترة الأسبوعين التي نصت عليها المبادرة لبدء الحوار.

وقد خاطب رئيس «المجلس الوطني» برهان غليون أمس السوريين متوجها إليهم بعبارة «أيها الشعب السوري العظيم» لأول مرة منذ سقوط شكري القوتلي، في رسالة معايدة «رئاسية الشكل» تضمنت «تطمينات» إلى الأقليات السورية بأنه «لن يكون في سوريا الجديدة مكان للتمييز أو أي اعتبار قومي أو مذهبي أو طائفي». وتوجه إلى «جنودنا الأحرار» في إشارة إلى المنشقين مخاطبا إياهم بالإشادة برفضهم «تنفيذ الأوامر الجائرة».

وقال عضو المجلس التنفيذي أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن كلام المجلس عن «حق الدفاع» بديهي «لأن من حق الناس الدفاع عن أنفسهم»، لكنه أردف قائلا: «من حق الناس الدفاع عن أنفسهم، لكن الثورة بقيت سلمية لأن الدفاع ما يزال محدودا». أما عضو المجلس الوطني محمد سرميني فقد قال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن مغزى الإشادة بالمنشقين: «الجيش السوري الحر هو جزء من الشعب السوري، والمجلس الوطني معني بكل أبناء الشعب». وأضاف: «هم شرفاء رفضوا أن يقتلوا إخوتهم وأهلهم وخرجوا من الجيش المجرم يدافعون عن أنفسهم ويقومون بحماية المدنيين، ويقومون بدور مهم في كف يد النظام عن التنكيل بالمدن والقرى السورية».

وتزامنت تصريحات المجلس الوطني، مع تصريحات قائد المنشقين العميد رياض الأسعد الذي قال إن «الجيش السوري الحر» ليس الجناح العسكري للمجلس الوطني، لكنه سيكون «جيش المستقبل لسوريا الجديدة»، قائلا: «نحن لا ننتمي إلى أي طائفة أو دين أو حزب سياسي ونعمل على حماية جميع عناصر المجتمع السوري». وناشد المجتمع الدولي «فرض منطقة حظر جوي أو منطقة حظر بحري في سوريا». وأضاف: «نحن لا نملك القدرة على شراء الأسلحة، ولكننا بحاجة إلى حماية المدنيين، ونريد إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا وإقامة منطقة عازلة يمكن أن يديرها الجيش السوري الحر». وقال الأسعد إنه «يريد الاعتراف بالجيش السوري الحر باعتباره الجناح العسكري للمجلس الوطني السوري المعارض، ونحن بانتظار أن يشكل وفدا رفيعا ويرسل ممثلا للتحدث معنا حول الطريقة التي يمكن أن نقوم من خلالها بدعم أهدافه عسكريا».