10 قتلى صبيحة عيد الأضحى.. والمظاهرات انطلقت من المقابر والمساجد

الأسد يصلي العيد على بعد 300 كيلومتر من دمشق.. ويقول: لا خيار لنا سوى أن ننتصر في المعركة

متظاهرون في دمشق يرفعون لافتة تشبه الاسد بمسيلمة الكذاب (موقع أوغاريت)
TT

حمل أول أيام عيد الأضحى المزيد من الضحايا الذين سقطوا برصاص القوى الأمنية السورية في مناطق مختلفة من سوريا خلال مشاركتهم في مظاهرات انطلقت من مساجدها عقب صلاة العيد، بينما قال الرئيس السوري، بشار الأسد، إنه «لا يوجد خيار أمامنا سوى أن ننتصر في أي معركة تستهدف سيادتنا وقرارنا الوطني»، مؤكدا أن «وقوف الشعب السوري ضد الفتنة والإرهاب والتدخل الخارجي والتمسك بالمبادئ والمعتقدات القائمة على الحقوق المشروعة هو أساس صمود سوريا في وجه ما يحاك ضدها من مؤامرات».

وقد اختار الرئيس السوري، بشار الأسد، مدينة الرقة التي تبعد نحو 300 كيلومترا عن العاصمة دمشق ليؤدي هناك صلاة عيد الأضحى في جامع النور في حي الدرعية برفقة وزير الأوقاف وعدد من رجال الدين الإسلامي، والفعاليات الشعبية والنقابية والحزبية، ووجهاء من مدينة الرقة، التي لا تزال مشاركتها خجولة في الاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ 9 أشهر.

وبعد الصلاة اجتمع الأسد في مبنى المحافظة مع «عدد من رؤساء العشائر والوجهاء والفعاليات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الرقة»، وتناول اللقاء «الأوضاع الخدمية في المحافظة وسبل الارتقاء وتطوير العمل فيها بما ينعكس على المواطنين في هذه المحافظة»، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا) التي قالت إن الرئيس «توجه بكلمة للحشود الجماهيرية التي كانت تنتظره عند مبنى المحافظة»، أكد فيها أن سوريا «قوية بشعبها وخياراتها الوطنية وقرارها الحر، ومصرة على العمل على استعادة حقوقها الوطنية كاملة»، مضيفا أنه «لا يوجد خيار أمامنا سوى أن ننتصر في أي معركة تستهدف سيادتنا وقرارنا الوطني»، معتبرا أن «وقوف الشعب السوري ضد الفتنة والإرهاب والتدخل الخارجي والتمسك بالمبادئ والمعتقدات القائمة على الحقوق المشروعة هو أساس صمود سوريا في وجه ما يحاك ضدها من مؤامرات». وأعرب عن تقديره الكبير «للمحبة» التي غمره بها أهالي هذه المحافظة، قائلا إن «هذه المحبة والوطنية ليست غريبة عن أهالي الرقة ولا عن الشعب السوري الذي أثبت للعالم أنه الحامي الحقيقي للوطن».

وفي السياق ذاته كرر الشيخ عبد العظيم شيخو، الذي أم المصلين، في خطبته عقب صلاة العيد، ما سبق وقاله مسؤول في وزارة الخارجية السورية بأن الولايات المتحدة الأميركية متورطة في الأحداث التي تشهدها سوريا، و«الدليل على ذلك اتضح حين أعلنت وزارة الداخلية العفو عن كل من تورط في الأحداث الأخيرة ولم تتلطخ أيديهم بالدماء، فسارعت الولايات المتحدة إلى الطلب من المسلحين بأن لا يسلموا أنفسهم ولا سلاحهم للحكومة السورية». وأضاف أن «أعداء الوطن والأمة يحاولون استغلال المساجد لغير ما أرادها الله». وخاطب شيخو الرئيس الأسد بالقول: «سر إلى الأمام فالشعب كله معك يسير خلفك نحو العزة والكرامة».

ميدانيا، قال ناشطون إن أكثر من 10 أشخاص على الأقل قتلوا في مدينة حمص برصاص قوات الأمن والجيش يوم عيد الأضحى، وهم: جهاد سليمان اللدي من حي كرم الزيتون، وحمدان عبد الجبار من حي باب الدريب، ويحيى القبجي، والطفل عبد الرحمن حداد، وعبد الحكيم الشمسيني، وأيمن زياد شجراوي، وسليمان البويضاني، ومحمد إياد حاكمي، وامرأة من حي باب عمرو، وأيمن دياب من المخيم.

وفي دمشق وريفها خرجت العديد من المظاهرات بعد صلاة العيد، حيث خرجت مظاهرة طيارة من جامع الحنابلة في حي الصالحة وسط دمشق، وفي منطقة كفرسوسة خرجت مظاهرة حاشدة من جامعي الدقر والكبير، رغم الانتشار الأمني الكبير في المنطقة التي يوجد فيها أحد أكبر الفروع الأمنية. وقال ناشطون إن عملية كر وفر جرت بين المتظاهرين وقوات الأمن و«الشبيحة»، وقد قام المتظاهرون برشقهم بالحجارة، كما كسروا سيارات الشرطة وتضررت محال تجارية لموالين للنظام شاركوا في قمع المظاهرة، وفي حي القابون انطلقت مظاهرة عند جامع الكبير، وقام المتظاهرون بتوزيع منشورات ثورية، وسارعت قوات الأمن والجيش إلى إطلاق نار كثيف لتفريق المظاهرة في حين تمت محاصرة مقبرة القابون، حيث احتشد أهالي الضحايا من رجال ونساء وأطفال صباح العيد. وفي منطقة نهر عيشة، القريبة من حي الميدان، قامت قوات الأمن بمحاصرة المنطقة مع انتشار أمني كثيف طوال يوم أمس بعد خروج مظاهرة عقب صلاة العيد من جامع عبد الله بن أبي حذافة السهمي. وفي حي الميدان خرجت عدة مظاهرات، رغم الانتشار الأمني، من جامع زين العابدين، ومن جامع الدقاق، ومن جامع حسين خطاب في القاعة بعد صلاة العيد، ومن جامع الغواص، وفي الأخير جرت اشتباكات بين المتظاهرين ورجال الأمن. ولدى محاولة اعتقال شابين قام الأهالي بتخليصهما من أيدي الأمن، كما خرجت مظاهرة من جامع الحسن. وشهدت منطقة برزة مظاهرة جانب المقبرة، وقدر العدد بنحو 300 شخص رغم الانتشار الأمني الكثيف لقوات الجيش والأمن في محيط الجوامع بالسلاح الكامل «الروسيات والرشاشات والبومبكشن»، وقامت قوات الأمن بمهاجمة المتظاهرين واعتقلت عددا منهم.

وفي حي المزة الشرقية خرجت مظاهرة من جامع الشافعي. وفي حي ركن الدين الذي شهد أحداثا كثيرة في الأشهر الماضية على خلفية الاحتجاجات، فرض حصار خانق قبل صلاة العيد. وقال ناشطون هناك إن الخروج من الحارات إلى الصلاة كان يوم أمس بالهوية، وبالتحديد في حي الأكراد الواقع عند سفح جبل قاسيون.

وفي ريف دمشق قال ناشطون إن مظاهرة حاشدة، شارك فيها نحو 20 ألف شخص، خرجت في مدينة دوما وسارت من شارع الجلاء إلى شارع القوتلي وحتى المساكن، ولم تتعرض لها قوات الأمن والجيش التي انتشرت بكثافة وبالعتاد الكامل. وفي بلدة جوبر خرجت مظاهرة من جامع جوبر الكبير واتجهت نحو مقبرة المدينة وهناك جرى تفريقها من قبل الأمن. وفي مدينة قدسيا خرجت مظاهرة حاشدة من جامع العمري بعد صلاة العيد انضم إليها متظاهرون خرجوا من جوامع أخرى، وهتفت لنصرة حمص والمدن المحاصرة. وفي مدينة حرستا خرجت مظاهرة أيضا بعد صلاة العيد اقتحمت عقبها قوات الأمن و«الشبيحة» المدينة وقامت بتفريق المظاهرة. وفي مدينة التل خرجت مظاهرة ضمت أكثر من 600 شخص مع مشاركة نسائية وجرى تفريقها بقنابل غازية وإطلاق رصاص متشظ. وفي مدينة دير عطية في القلمون ريف دمشق التي لم يخرج فيها أي مظاهرة، فوجئ الأهالي هناك، ولدى زيارتهم للمقبرة صباح العيد، بأن الأرض مفروشة بكميات كبيرة من المنشورات التي تتضمن شعارات الثورة: «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«أربعون عاما نزداد إجراما»، و«القذافي طار طار.. إجا دورك يا بشار»، ووقعت المنشورات باسم «أحرار دير عطية» كما كتبت تلك الشعارات على جدران المقبرة.

وفي سياق مراقبة التزام النظام السوري باتفاقه مع الجامعة العربية أصدرت «لجنة الرصد المركزية»، التي شكلها تيار بناء الدولة السورية لمراقبة تنفيذ الاتفاق، بيانا اتهمت فيه السلطة السورية بالمراوغة والمناورة في تنفيذ الاتفاق الذي جرى بينها وبين جامعة الدول العربية. «طوال الأيام الـ3 التي مضت على الاتفاق استمرت السلطة في قمع المعارضين وإطلاق النار على المتظاهرين»، وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «رصدت (لجنة دمشق) خرق السلطة للاتفاق المذكور حين أقدمت على اعتقال نحو 50 شابا في منطقة جديدة عرطوز في ضواحي دمشق عند خروجهم من أحد الجوامع بعد صلاة الجمعة دون أن يبدي هؤلاء الشبان أي عنف أو مواجهة تجاه العناصر الأمنية، بل تم اعتقالهم قبل أن يتجمعوا، وبمجرد خروجهم من الجامع. وقد كان عناصر الأمن يرتدون اللباس المدني ولا يضعون أي شارة تدل على عملهم أو وظيفتهم». كما رصدت «لجنة دمشق» «سحب آليات عسكرية على محور السومرية - المعضمية تعود إلى ثكناتها يوم الخميس»، وفي ما يتعلق بإعلان السلطات السورية عبر إعلامها الرسمي عن إطلاق سراح 553 معتقلا، قال البيان إنه «لم يتم تأكيد الخبر من أي مصدر إعلامي آخر، ولا من مصادرنا المباشرة. وحتى لو كان الخبر صحيحا فإن هذا الرقم لا يمكننا احتسابه ضمن تنفيذ بنود الاتفاق المذكور، لأن أعداد المعتقلين أكبر من ذلك بكثير».

وأكد البيان أن السلطات السورية «لم تنفذ البند المتعلق بالإفراج عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات، بل تستمر في اعتقال وملاحقة المتظاهرين والناشطين. هذا، وقد تأكد اعتقال المخرج السينمائي الشاب نضال حسن، الذي اختفى منذ يومين، والطبيب محمد عرب».