عائلات سورية نازحة إلى الشمال اللبناني تعاني «شظف العيش».. وهاجس الملاحقة

أحد اللاجئين لـ «الشرق الأوسط»: لا عيد في جو مليء بالدم والقتل

TT

تختبر عائلة أبو ربيع للمرة الأولى قضاء عيد الأضحى خارج مدينة حماه السورية. أجبرها الوضع «الاستثنائي» في سوريا على الهرب إلى لبنان، حيث سكنت العائلة شأنها شأن عائلات سورية أخرى في شمال لبنان، واستأجرت شقة صغيرة في منطقة المنية القريبة من مدينة طرابلس.

«العيد خارج سوريا لا طعم له، خصوصا أن الوضع الاستثنائي هناك يزيد من كآبة الجو»، هكذا يؤكد الرجل الستيني لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا بنبرة حزينة إلى أن «لا عيد في جو مليء بالدم والقتل، ومراوغة النظام لن تفيده بشيء وسيسقط لا محالة».

ترك أبو ربيع، الذي يجزم أن «سوريا تعيش انتفاضتها بمخاض دموي سيؤدي حتما إلى الحرية»، بيته في حماه منذ منتصف شهر رمضان هربا من أجواء القتل والدمار التي عاشتها الأحياء القريبة من بيته، وجاء إلى لبنان مع 20 شخصا من عائلته. عاش أفراد العائلة ظروفا سيئة أثناء انتقالهم داخل سوريا وصولا إلى الحدود، حتى استقرارهم في شقة متواضعة مكونة من 3 غرف.

يوضح أبو ربيع «إننا هربنا أثناء عبورنا إلى لبنان من الحواجز والقصف وكنا نخاف على الأطفال»، لافتا إلى أن «أفراد الأسرة تنقلوا في بداية الحوادث السورية في بيوت القرى والبلدات المجاورة لمدينة حماه». إلا أنه بعد أن صار النظام يضيق على أبو ربيع، وهو رجل متدين وملتح وله نشاط دعوي في مساجد حماه وسجل حافل مع التوقيفات الأمنية في فترات سابقة، بات «من الضروري ترك سوريا والهرب إلى لبنان»، متخذا القرار «الصعب».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل شيء نملكه فقدناه هناك، تركنا وراءنا كل شيء ومنذ اندلاع الانتفاضة صرنا نخسر في أعمالنا، إذ إننا نعمل في تجارة المواشي». وأشار إلى سجنه مرات عدة واتهامه بالأصولية وملاحقته مرارا بسبب «لحيتي ونشاطي في الدعوة للإصلاح وتغيير هذا النظام البائس».

يجلس أبو ربيع في غرفة متواضعة، لا فرش فيها سوى حصيرة ممدودة يستقبل عليها بعض الزائرين، وغالبا ما تكون هذه الزيارات ذات طابع «سري». ولا يبدو الوضع في لبنان للأسرة النازحة إليه أفضل من حماه، إذ يؤكد أبو ربيع أن «الحياة في لبنان صعبة في ظل الخوف من ملاحقات أمنية للسوريين النازحين»، مشيرا في الوقت عينه إلى أن «لا عمل ولا قدرة على العيش في هذا الوضع المتأزم، فلا أحد من أولادي استطاع أن يجد عملا، لكن أهالي المنطقة يساعدوننا في حياتنا اليومية ويقدمون لنا المال لنصرف على طعامنا وشرابنا ولباسنا».

تعيش معظم العائلات السورية النازحة، التي يقدر عددها بـ60 عائلة، في منطقة المنية، وهم يقطنون في بيوت أقاربهم وفي شقق قدمها الأهالي بالتنسيق مع «جمعية سبل السلام الاجتماعية» التي يرأسها الشيخ رسلان ملص، وتتولى توزيع المساعدات على النازحين السوريين ضمن منطقة المنية. ويؤكد الشيخ ملص لـ«الشرق الأوسط» أن «توزيع المساعدات على العائلات النازحة تم على مرحلتين حيث تم في المرحلة الأولى توزيع بطانيات شتوية، وتوزيع الخبز والحلوى على الأطفال ومن ثم في المرحلة الثانية توزيع حصص غذائية وتموينية من جميع الأصناف».

داخل شقة أخرى في المنية، تسكن عائلة جمال (اسم مستعار). يلعب أطفاله الصغار في الفناء الخارجي للبيت، وتتقاسم أسرته الغرف مع أسرة مالك المنزل اللبناني. لا يذهب الأطفال إلى المدارس، إلا أن الوالد استطاع أن يعمل نجارا، بواسطة من مالك المنزل. يقول جمال إن «الحياة لا تطاق في سوريا في ظل القتل المستشري الذي يقوم به نظام الأسد»، متمنيا لو أن «الحكومة اللبنانية تستطيع مساعدتنا».