مدير مكتب الأحمر لـ «الشرق الأوسط»: جهود محلية لتثبيت الهدنة السعودية في صنعاء

قائد الجيش المنشق يعتذر عن دعمه لصالح خلال عقود.. وقتلى في تعز\

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يتبادل تهاني العيد مع أحد مناصريه بعد صلاة عيد الأضحى في صنعاء أمس (رويترز)
TT

تواصلت التطورات الأمنية، أمس، في مدينة تعز بجنوب غربي اليمن، حيث سقط ما لا يقل عن 3 أشخاص قتلى في قصف مدفعي، في وقت أعلن فيه قائد الجيش المنشق على النظام أنه لم ينشق عن النظام إلا بعد التأكد من «تورط» الرئيس علي عبد الله صالح في أحداث «جمعة الكرامة».

وقال ناشطون وناشطات في «الثورة الشبابية» بمدينة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح في الحرس الجمهوري قامت بقصف حي «الحصبة» بتعز بالمدفعية، وأسفر القصف عن سقوط 3 قتلى من المدنيين، إضافة إلى عدد غير قليل من الجرحى، وعبر الناشطون عن غضب شديد من النظام وأنصاره في تعز جراء استهداف هذه المحافظة التي كان صالح قائدا للواء فيها قبل أن يصبح رئيسا لليمن الشمالي عام 1978.

في موضوع آخر، كشف اللواء علي محسن الأحمر، قائد الجيش المنشق على النظام اليمني وهو الجيش المؤيد للثورة، عن أن الرئيس علي عبد الله صالح كان «متورطا بصورة مباشرة» في الاعتداء على المتظاهرين في «جمعة الكرامة»، بـ«ساحة التغيير» في العاصمة صنعاء، وهو الاعتداء الذي راح ضحيته أكثر من 50 متظاهرا قتلى ومئات الجرحى، وأنه عندما تأكد من ذلك هو وقادة الجيش، أعلنوا انضمامهم للثورة الشبابية.

وبعد ساعات قلائل من خطاب الرئيس علي عبد الله صالح الذي لم يعلن فيه صراحة أنه سوف يتنحى، وأعلنه الإعلام الرسمي، مساء أول من أمس، ألقى اللواء الأحمر خطابا بزي مدني اتهم فيه رفيق دربه السابق للعقود الماضية بأنه متماد في القتل والقوة المفرطة والخطف، حسب وصفه، وقال الأحمر في كلمته بمناسبة عيد الأضحى، إن صالح يشكك في «وطنية» قادة الجيش والمسؤولين وغيرهم ممن التحقوا بحركة الاحتجاجات وإنه «حاول تشويه الثورة وجمع بين العنف المستور والمكشوف، لكن الثورة تزايد زخمها».

وبشأن المبادرة الخليجية، قال اللواء الأحمر إن الرئيس صالح وبامتناعه عن التوقيع على المبادرة الخليجية «يعتقد أنه سيوقع عليها متى شاء، بعد إشباع غرائزه في القتل»، حسب تعبيره. أما بشأن حادثة «جامع النهدين»، وهي محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس علي عبد الله صالح وكبار مسؤولي الدولة اليمنية في مطلع يونيو (حزيران) الماضي، فاعتبر أنها لم تحظ بـ«تحقيق شفاف»، خاصة أن منطقة الرئاسة اليمنية في جنوب العاصمة صنعاء، منطقة مؤمنة، كما قال الأحمر.

واعتبر قائد الجيش المنشق في اليمن أن ما حدث في اليمن للمتظاهرين يستوجب «مثول صالح أمام العدالة»، واعتبر وصول صالح إلى الحكم «خطيئة كبيرة»، واعترف بدعمه له خلال العقود الماضية، وقال: «أتحمل شخصيا قدرا كبيرا، لأننا سكتنا عن الخطيئة واليوم نشعر بعذاب الضمير».

ويشير خطاب اللواء الأحمر الذي أعقب خطاب صالح، إلى عمق الأزمة في القوات المسلحة اليمنية وإلى تكاثف التحالف الذي يسعى إلى الإطاحة بنظام الرئيس علي صالح، خاصة حينما يؤخذ في الاعتبار دور أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، إضافة إلى الشارع المحتج.

على صعيد آخر، تعيش منطقة الحصبة وسط العاصمة اليمنية صنعاء هدوءا حذرا بعد أن شهدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أعنف قصف تعرضت له منذ الإعلان عن هدنة بوساطة سعودية قبل خمسة أشهر بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، وأنصار الزعيم القبلي، الشيخ صادق الأحمر، وتعرضت الهدنة لخروقات طول الفترة الماضية.

وتبذل لجنة محلية برئاسة رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، اللواء غالب القمش، وساطة بين قوات صالح ومسلحي الأحمر بغية تثبيت الهدنة بشكل نهائي ومنعا لمزيد من الاقتتال بعد سقوط العشرات من القتلى والمصابين جراء تلك الاشتباكات، وقال مدير مكتب الأحمر عبد القوي القيسي: «منذ أكثر من أربعة أيام ولجنة الوساطة تبذل جهودا لتثبيت الهدنة خلال الأيام الماضية، وقد تم الاتفاق على عدة نقاط بيننا وبينهم».

وأضاف القيسي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «من جانبنا وضعنا عددا من النقاط على القوات الموالية لصالح وعليهم أن يلتزموا بها، ومن أهم هذه النقاط: إخلاء المصالح والمباني الحكومية من قوات الحرس الجمهوري، بعد أن طردت قوات محايدة من طلبة الكلية الحربية من قبل قوات صالح ومهاجمتنا منها، إضافة إلى سحب الآليات العسكرية الثقيلة وحشدها في محيط منطقة الحصبة».

وطالب القيسي بعودة القوات العسكرية إلى ثكناتها لأنه «لا يوجد مبرر فنحن لم نعتد على معسكر ولا نعتد على منازل المواطنين مثلما تعمل قوات صالح بالاعتداء على منازلنا في الحصبة وحي صوفان». وأشار القيسي إلى أن وفد قوات صالح طالب لجنة الوساطة «برفع المسلحين القبليين التابعين للشيخ صادق الأحمر، إضافة إلى الالتزام بوقف إطلاق النار»، مؤكدا أن اللجنة «تبذل مساعيها بشكل جدي لإنهاء التوتر في منطقة الحصبة خاصة أيام عيد الأضحى المبارك وتثبيت الهدنة التي كان للمملكة العربية السعودية جهود تشكر عليها من أجل تثبيتها».

وبات حي الحصبة، وهو من أهم أحياء العاصمة صنعاء وكان سوقا شعبية كبيرة، مدينة أشباح وخاليا من السكان ومعظم مساكنه مدمرة، ومن أبرز المساكن المدمرة مبنى وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ووزارة التجارة والصناعة ومصلحة المساحة ومبنى شركة الخطوط الجوية اليمنية، إضافة إلى مبان أخرى كثيرة أهمها، أيضا، مبنى اللجنة الدائمة (اللجنة المركزية) لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، بالإضافة طبعا إلى مباني أسرة آل الأحمر التي دمرت أيضا.

واتهم بيان صادر عن الفرقة الأولى مدرع والجيش الموالي للثورة جهاز الأمن القومي والحرس الجمهوري بمحاولة اغتيال اللواء علي محسن وعدد من قيادات الجيش الموالية للثورة الشبابية في اليمن.

وقال البيان الذي نقله موقع «مأرب برس» إن «وحدة مكافحة التجسس والاستخبارات العسكرية بالمنطقة الشمالية الغربية وقيادة الفرقة الأولى مدرع استطاعت عند الساعة الخامسة وعشر دقائق من مساء السبت اكتشاف مؤامرة إجرامية تم التخطيط لها في الأمن القومي وقيادة النجدة والحرس الجمهوري لاستهداف قيادة أنصار الثورة وفي مقدمتهم اللواء الركن علي محسن صالح الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع».

وأضاف البيان أنه تم «اكتشاف سيارة محملة في صندوقها ما يعادل أنبوبتي غاز ممتلئة في جوفها بالمتفجرات ومرتبطة بشريحتين تليفونيتين يتم تفجيرها عبر الاتصال التليفوني تم إدخالها إلى قيادة المنطقة والفرقة مساء الجمعة عبر أشخاص تم تجنيدهم من قبل قيادات عليا في النجدة والأمن القومي والحرس الجمهوري».

وأكد البيان أن العناصر المضبوطة اعترفت خلال التحقيق الأولي بأنها كلفت بمهمة اغتيال علي محسن من قبل قيادات عسكرية وأمنية عليا، وأنه تم التخطيط للعملية منذ ما يقرب من شهر ونصف الشهر، وأن هذه العبوة المتفجرة تزن ما يقرب من 100 كيلوغرام من مادة الـ«تي إن تي» شديدة الانفجار وأنه قد تم تكليفهم بتفجيرها عند أداء صلاة عيد الأضحى المبارك أثناء حضور علي محسن الأحمر وقيادة أنصار الثورة لأداء الصلاة في ساحة صلاة العيد في معسكر الفرقة الأولى مدرع.

واستنكر الجيش الموالي للثورة هذه العملية التي وصفها بالإجرامية والمشينة وحمل الرئيس علي عبد الله صالح المسؤولية الكاملة عن هذه العملية، مؤكدا أنه «مهما أوغل نظام علي صالح في جرائمه فإنه لن يغير من مواقفهم الداعمة للثورة».