مصر: الإسلام السياسي يسيطر على خطب العيد.. والمساجد تتحول لساحة منافسة انتخابية

خطباؤه طالبوا بتطبيق شريعة الله وإقامة حدوده.. وحرموا التعامل مع البنوك

المصريون يؤدون صلاة العيد وسط لافتات مرشحي التيار الإسلامي لانتخابات البرلمان («الشرق الأوسط»)
TT

في أول عيد أضحى بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، أدى ملايين المصريين الصلاة، أمس، في المساجد والساحات التي سيطر عليها بشكل ملحوظ الإسلام السياسي باختلاف تياراته، واستغلها رموز هذا التيار للترويج لمرشحيهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستبدأ مرحلتها الأولى في 28 من الشهر الحالي.

وبينما أدى المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الصلاة في مسجد القوات المسلحة بالنزهة (شرق القاهرة) بحضور الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأعضاء المجلس العسكري، والدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، أدى نحو ألف مصري صلاة العيد في ميدان التحرير، رمز ثورة يناير، وأمهم الشيخ مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم، الذي طالب في خطبته باستكمال مطالب الثورة، ودعا القوى السياسية إلى توحيد الصف للوصول إلى أهداف الثورة.

وعقب أداء الصلاة تجمع عشرات المصريين في الميدان، وهتفوا ضد المجلس العسكري مطالبين بتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة في أسرع وقت، ودعوا إلى وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وطالبوا بإقالة رئيس الوزراء ووزيري الإعلام والداخلية.

وفي الوقت ذاته، تجمع عشرات اليمنيين والسوريين أمام مبنى جامعة الدول العربية ورددوا تكبيرات العيد مستخدمين مكبرات صوت، رافعين في الوقت ذاته الأعلام اليمنية والسورية واللافتات المنددة بالرئيسين؛ اليمني علي عبد الله صالح، والسوري بشار الأسد.

وبدا لافتا في أغلب المحافظات المصرية سيطرة شيوخ الإخوان المسلمين والسفليين على إمامة الصلاة، وغلبت على خطبهم الصبغة السياسية. وانتشر أنصارهم خارج المساجد يوزعون الهدايا على الأطفال والعطايا على الفقراء، بينما طغت لافتات حزبي الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والنور السلفي، على لافتات بقية المرشحين. من جانبه، طالب الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، المرشح على قائمة الحزب للانتخابات البرلمانية في الدائرة الأولى بالجيزة في خطبة عيد الأضحى، بعد أن أم نحو ألف مصل في قاعة سيد درويش بمنطقة العمرانية، بإقامة حدود الله، قائلا: «إن الله أمر أن تقام حدوده في الأرض، وأن يحكم إسلامه، ويجب أن يمتثل الناس إلى الله، وأن يخضعوا إليه وهم في عهد جديد يتنفسون فيه الحرية»، مضيفا: «الله خلقنا لنوحده ونعمر الأرض ونقيم فيها شرعه ونطبق فيها أحكامه». وتابع العريان قائلا: «علينا أن نتذكر ونحن في هذه الأيام أننا على أبواب عهد يمتحننا الله فيه، بعد أن تمتعنا بحريتنا».

وفي محافظة الإسكندرية، انتشرت لافتات الدعاية لمرشحي الانتخابات البرلمانية وحول المساجد الكبرى، وتنافس حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي على إقامة الساحات للصلاة، حيث أقام كل منهما أكثر من 40 ساحة للصلاة في الخلاء، بينما قام العديد من الأحزاب الأخرى بتوزيع أوراق دعاياتها وصور وأسماء مرشحيها على المصلين.

وفي مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل، أدى آلاف المصريين صلاة العيد، وسط سيطرة لدعاية حزب جماعة الإخوان المسلمين التي علقت لافتة دعائية كبيرة على واجهة المسجد كُتب عليها «الإسلام هو الحل.. (الإخوان) أمل الأمة».

كما قرأ أحد أعضاء الجماعة بيانا على المصلين قبل بدء خطبة العيد دعا فيه إلى المشاركة في مليونية يوم 18 من الشهر الحالي تحمل اسم «مليونية المطلب الوحيد» التي تطالب بجدول زمني لانتقال السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية منتخبة. ودعا الشيخ أحمد المحلاوي، الذي أم الصلاة في مسجد القائد إبراهيم، إلى الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير بعد أن نجح المصريون في خلع مبارك بعد 30 عاما قضاها في الحكم.

وقام نشطاء من أعضاء الحملة الانتخابية للشيخ حازم أبو إسماعيل، المرشح المحتمل للرئاسة، بتوزيع بيانات تدعو إلى المشاركة في مليونية «المطلب الوحيد». من جانبه، أقام حزب النور، ذو التوجه السلفي، سرادقا كبيرا في نهر الطريق بميدان «محطة مصر» الرئيسي بوسط الإسكندرية، مما أدى إلى غلق الطريق أمام حركة السيارات، ونتج عن ذلك شلل مروري كامل في وسط المدينة، المطلة على ساحل البحر المتوسط.

وألقى عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية مرشح حزب النور بدائرة المنتزة (شرق الإسكندرية)، خطبة العيد في مسجد عمار بن ياسر التابع للدعوة السلفية بمنطقة الساعة (شرق المدينة)، انتقد فيها التعامل مع البنوك ووصفها بالربا المحرم في الشريعة الإسلامية، وقال إنها السبب وراء الأزمة المالية التي لحقت بالمؤسسات العالمية.

وفي محافظة الإسماعيلية، شهدت ساحات الصلاة في مختلف المناطق انتشارا لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية والدعوة السلفية، بينما أدى ما يقرب من 5 آلاف مصل الصلاة في ميدان الشهداء استجابة لدعوة التيار الإسلامي.

ودعا خطيب العيد صبري خلف الله، القيادي في جامعة الإخوان المسلمين والنائب السابق في البرلمان، إلى توحيد الجهود والوقوف صفا واحدا في وجه من أراد بالبلاد سوءا.

وشهدت شوارع مدينة الإسماعيلية لافتات وملصقات لعدد من المرشحين المستقلين للانتخابات البرلمانية، وبرزت أسماء عدد من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) في أماكن رئيسية بالمدينة. وفي ميدان الشهداء، رفع مؤيدو الدكتور حازم أبو إسماعيل صوره، ووزعوا بيانات تدعو إلى المشاركة في مليونية «المطلب الوحيد».

ووزع شباب وفتيات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين بمدينة الإسماعيلية، التي شهدت مولد الجماعة عام 1928 على يد الإمام حسن البنا، هدايا وألعابا على الأطفال طبع عليها شعار «الإخوان» ورمز حزبهم، كما تم توزيع مطبوعات صغيرة بالألوان تحوي معلومات عن الجماعة، ونشاطها في العمل السياسي وبرنامج حزبها السياسي، كما وزع شباب حزب النور كتيبات ومطبوعات فاخرة تحمل أسماء مرشحيه في الإسماعيلية وتبرز برنامج الحزب الانتخابي، بينما قام شباب ائتلاف الثورة الذين يخوضون الانتخابات على قائمة حزب الوعي بتوزيع مطبوعات تهنئة، وقام أنصار الجماعة الإسلامية بتوزيع مطبوعات تحت عنوان «مصر اليوم تناديكم.. أنقذوا ثورتكم ووحدوا جهودكم».

وفي صعيد مصر لم تختلف الصورة كثيرا، إذ تحولت ساحات صلاة العيد في مختلف محافظات الصعيد إلى منابر سياسية للدعاية الانتخابية لكافة التيارات السياسية.

وبرزت بشدة التيارات الإسلامية ممثلة في «الإخوان» والسلفيين والجماعات الإسلامية، وكان وجودها أكثر وضوحا من التيارات الأخرى، وكان «الإخوان» أشد حرصا على إظهار مرشحيهم في مقدمة الصفوف، أما السلفيون فكان شغلهم الشاغل الدعاية للشيخ أبو إسماعيل، بينما انصب اهتمام الجماعات الإسلامية على المطالبة بالإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في أحد السجون الأميركية.