ابنة تشي جيفارا لـ «الشرق الأوسط»: سعدت برفع صور والدي في ميدان التحرير

ألييدا زارت مصر وتحلم بتغيير العالم للأفضل وقالت إن الكلمة الأخيرة للشعوب

TT

نظرات ثاقبة وروح ثورية كامنة تقبع خلف ملامح كوبية هادئة تشبه إلى حد كبير ملامح أشهر مناضلي العالم تشي جيفارا، هذه هي الانطباعات تركتها «ألييدا أرنستو جيفارا» الابنة الكبرى لجيفارا من زوجته الثانية ألييدا مارش، خلال تصريحاتها مع «الشرق الأوسط»، قائلة: «إن ثورات الربيع العربي مختلفة تماما عن الثورة الكوبية، فالثورات العربية بدأتها جماعات الضغط السياسي وانضمت إليها الشعوب فيما بعد، عكس ثورة كوبا التي بدأت من الشعب». وأضافت: عندما رأيت شباب ثورة «25 يناير» يرفعون صور والدي في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية القاهرة، سعدت جدا، لأنهم يحترمون صوره ويضعونها كرمز للحرية والنضال. وورثت «ألييدا» حلم تغيير العالم للأفضل عن والدها الثوري الكوبي الذي أصبحت صورته منذ وفاته رمزا في كل مكان وشارة عالمية ضمن الثقافة الشعبية، بعد أن استلهم شباب ثورات الربيع العربي روح جيفارا كرمز للحرية في الميادين الثائرة في مصر وليبيا وسوريا واليمن.

وتقول ابنة جيفارا إن الحديث عن والدي سيأخذ سنوات، فهو رجل رائع ذو خلق رفيع، رغم أنني لم أحظ بحنانه كثيرا؛ ولكني تعرفت عليه من كتاباته التي تلخص كل ما مر به. وتذكرت «ألييدا» سؤالا وجهته لنفسها عندما كان عمرها 16 عاما، لماذا أحب والدي؟ وأجابت: «إنه ليس حبا ولكنه عشق»، وهذا ما جعلها تتعرف على والدها وتجمع كل ما يتعلق به. وجدت «ألييدا» أن عليها رد الجميل للشعب الكوبي، فدرست الطب كوالدها وقررت أن تعمل طبيبة أطفال، واختارت أن تجوب العالم دفاعا عن صورة أفضل لشعبها، وفي هذا تقول: «عملي أنقل به حبي لشعبي وأكون به قريبة من الألم».

ورغم كون ابنة «جيفارا» لا تتحدث سوى الإسبانية؛ فإنها تحاول أن تتواصل مع الشعوب بشتى الطرق، وترى أن الكلمة الأخيرة دائما لا بد أن تترك للشعب ليقرر مصيره، فالديمقراطية هي سلطة الشعب. وأضافت «ألييدا» عندما زار والدي مصر عام 1965، والتقى بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكان يرى في عبد الناصر رمزا للحرية، فقال في مذاكراته: «مصر التي ظهر بها عبد الناصر الذي حلم بالاستقلال، فكان قرار سياسي وديني وثقافي ويحمل بين طياته موافقة شعبية للاستقلال، وأن الشيء المهم الذي فعله عبد الناصر هو رغبته في تأسيس حركة عدم الانحياز وهي منظمة مهمة يجب أن تعود مرة ثانية، للدفاع عن حقوق الدول النامية». وأوضحت ابنة جيفارا: لقد تحدث أبي عن الاختلاف بين كوبا ومصر قائلا: «مصر أكبر 10 مرات من كوبا وهناك أشياء مشتركة بين الشعبين»، موضحة أن جيفارا كان بجوار الشعوب التي تحتاجه وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكمل 83 عاما، وتقول: «إذا كان والدي حيا بيننا الآن ربما كان العالم من حولنا مختلفا بوجوده».

وتابعت: «يمكن أن نعد أنفسنا كشجعان لمواجهة الاستعمار وتحقيق النصر، وأن الذي لا يمكن قبوله، هو أن يأتي جيل جديد ليعيش هذه المعاناة؛ ولكن يجب أن يعرف الجيل الجديد الهزيمة، ليكون أقدر على تحقيق النصر واقتحام الحياة».

وحول توقعاتها بتغيير في السياسة الأميركية تجاه كوبا ودول أميركا اللاتينية في أعقاب الربيع العربي، قالت «ألييدا»: الرئيس باراك أوباما عنده آمال كبيرة لتحسين الحكم؛ وحاول بأقصى جهده تغيير صورة أميركا السيئة في العالم؛ ولكن الأمر ليس بيده. وعن رأيها في القضية الفلسطينية، قالت: «لا يمكنني أن أعطي وصفة جاهزة، فكل شعب لديه وسيلته لتحقيق خلاصه، وعليه ألا ينتظر ما تمليه عليه الشعوب الأخرى، فأثناء زيارة والدي لمصر زار غزة وتأثر بوضع الشعب الفلسطيني وطالب باحترامه وأدان حكومة إسرائيل، ولذلك قررت كوبا في فترة الثورة مساندة القضية الفلسطينية بقطع علاقاتها مع إسرائيل، فكوبا تحترم وحدة الشعب الفلسطيني».

واستطردت قائلة: «يجب أن نكون أقوياء دون أن نفقد الرقة والعذوبة في التعامل مع الآخر، فشعارنا في كوبا هو ألا نكف عن المحاولة، ففي عام 1958 قررنا التغيير، والآن قلصنا عدد المرضى فأصبحت معدلات وفيات الأطفال 5 في المائة ألف، وهدفنا الآن هو استرداد 20 ألف هكتار مستغلة من الولايات المتحدة الأميركية»، موضحة: لقد تخطينا مرحلة كان السفير الأميركي في كوبا هو من يأذن لنا بالحديث، وأصبح لدينا حرية الرأي والتعبير الكاملة، فقد حققنا هدفنا وأصبحت الأمية منعدمة في بلادنا، نحن الآن نقول ما نريد ونعلن أن أرضنا ليست للتجارة وهي من حقنا.

وتحدثت «ألييدا» عن رفضها تولي منصب سياسي في كوبا، رغم جولاتها العالمية للتقريب بين الشعوب، قائلة: «إن مفهوم العمل السياسي عندنا مختلف، فكون المرء قائدا سياسيا هو أمر يمارسه كل يوم الشعب الكوبي، ونحن نملك تغيير حياتنا وهذا أفضل عمل يمكن أن يقوم به الإنسان أفضل من توليه منصبا».

وعن زيارتها المتعددة لدول أفريقيا، ذكرت «ألييدا» نحن ذوو أصول مشتركة فقد تعاملت مع 3 قبائل أفريقية أثرت في كوبا، فجذورنا مشتركة، وهذا يسمح لي بأن أستشعر أنه عليّ واجب تجاه أفريقيا بأسرها، ليس هذا فحسب، علينا أن نشعر بأن هناك واجبا أكبر وهو رد الجميل للبشرية.