مصادر تركية لـ «الشرق الأوسط»: لدينا «الاستعداد والقدرة» على تنفيذ المنطقة العازلة بعد غطاء عربي ودولي

اجتماع طارئ للجامعة العربية السبت بعد إعلانها عدم تنفيذ النظام السوري التزاماته

مظاهرة في حمص تطالب بالحظر الجوي لحماية المدنيين أمس (اوغاريت نيوز)
TT

دخلت الأوضاع في سوريا مرحلة جديدة، أمس، مع ظهور بوادر تحرك عربي - دولي - إقليمي قد يؤدي إلى تغييرات أساسية في التعاطي مع الملف السوري. فبعد الاجتماع الاستثنائي الذي ستعقده لجنة المبادرة العربية يوم السبت المقبل لبحث عدم قيام الحكومة السورية بتنفيذ التزاماتها التي وافقت عليها في خطة العمل العربية لحل الأزمة في سوريا، كشفت مصادر في المعارضة السورية أنها تلقت وعودا بعقد جلسة لمجلس الأمن تلي الاجتماع العربي تخصص لبحث قرار دولي بإرسال مراقبين دوليين إلى سوريا، بينما كانت تركيا تبدي «الاستعداد والقدرة» على إقامة منطقة عازلة شرط حصولها على «غطاء عربي ودولي».

وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة على تنسيق عالي المستوى مع قطر التي تترأس المبادرة العربية ومع الجامعة العربية ومع واشنطن. وأوضحت المصادر أن تركيا كانت ستعلن عن مجموعة من العقوبات في رسالة كان من المقرر أن يوجهها رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إلى السوريين خلال تفقده المخيمات التي يقيمون فيها في تركيا، غير أن اتصالات أدت إلى إرجاء هذه المواقف «لإفساح المجال أمام المبادرة العربية والنظر إلى ما ستؤول إليه هذه المبادرة». غير أن المصادر أشارت إلى أنه «مع تأجيج الموقف وتعثر المبادرة قد تعمد تركيا إلى إعادة طرح موضوع (العقوبات)». وأوضحت المصادر أن تركيا تقوم بدورها باتصالات مع الدول المترددة في مجلس الأمن، وتحديدا مع البرازيل وجنوب أفريقيا، اللتين تجمعهما بتركيا علاقات وثيقة، من أجل إقناعهما باتخاذ موقف مغاير.

وكشفت المصادر التركية أن أنقرة تقوم بالفعل بنوع من العقوبات على النظام، سواء عبر منعها الكامل لدخول أي نوع من الأسلحة إلى سوريا، حيث أوقفت سابقا 3 شحنات من إيران، بالإضافة إلى عملية «تدقيق» في بعض الحوالات المصرفية التي تذهب إلى رجال أعمال موالين للنظام من أجل الضغط عليهم ومنعهم من دعمه. ونقلت المصادر عن وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، استعداد بلاده لفرض منطقة عازلة لحماية المدنيين على طول الحدود، مؤكدا أن بلاده لديها «الاستعداد والقدرات لفرض المنطقة العازلة، لكننا نحتاج إلى غطاء عربي ودولي».

وقالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إنها تلقت وعودا بأن تنعقد جلسة جديدة لمجلس الأمن هذا الأسبوع سيكون على جدول أعمالها مشروع قرار بإرسال فريق من المراقبين إلى سوريا. وأشارت إلى أن مهمة أصحاب «القبعات الزرق» ستكون مراقبة الانتهاكات السورية، وبالتالي حماية المتظاهرين من القتل اليومي.

وأعلنت الجامعة العربية، أمس، أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا طارئا يوم السبت المقبل، يسبقه اجتماع تشاوري، يوم الجمعة، لبحث عدم التزام سوريا بتنفيذ المبادرة العربية لإنهاء أعمال العنف وقمع الاحتجاجات. وقال بيان للجامعة إنه تمت الدعوة للاجتماع «في ضوء استمرار أعمال العنف وعدم قيام الحكومة السورية بتنفيذ التزاماتها التي وافقت عليها في خطة العمل العربية لحل الأزمة في سوريا». وتابع البيان أن رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية، الشيخ حمد بن جاسم، وجه، أمس، الدعوة إلى وزراء الخارجية العرب للاجتماع في ضوء استمرار أعمال العنف وعدم تنفيذ الحكومة السورية التزاماتها التي وافقت عليها في خطة العمل العربية لحل الأزمة في سوريا. وأضاف بيان الجامعة أن اللجنة الوزارية التي تفاوضت على الاتفاق الذي وافقت عليه سوريا يوم الأربعاء الماضي ستعقد اجتماعا تحضيريا مساء يوم الجمعة المقبل في مقر الجامعة للتنسيق والتشاور حول مستجدات الوضع السوري.

وقال عضو المجلس الوطني السوري، رضوان زيادة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع المقبل للجامعة العربية، يوم السبت، قد يكون مفصليا «لأن النظام أخذ 3 فرص حتى الآن أهدرها جميعها، وأعتقد أن هذا سيكون كافيا لإجبار الدول المترددة على اتخاذ موقف». وأشار زيادة إلى أنه «من الواضح أن النظام السوري لن يوقف القتل، بل على العكس، فهو أصبح يستخدم كل القوة النارية للجيش في قصف المدن». وأضاف: «إذا اتخذت (الجامعة) القرار الصحيح وطالبت بالحماية الدولية مفوضة مجلس الأمن لاتخاذ القرار المناسب فستكون الأمور أفضل، ويستحيل عندها على روسيا والصين استخدام (الفيتو) أو حتى الامتناع عن التصويت». واعتبر زيادة أنه سيكون «من الهزء والسخرية من الجامعة إعطاء النظام المزيد من الفرص بعد كل ما قام به»، مشيرا في المقابل إلى أن الاتصالات التي أجرتها المعارضة السورية مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أظهرت «جدية غير معهودة»، بالإضافة إلى أن الاتصالات التي أجرتها المعارضة مع من وصفهم زيادة بـ«الدول المترددة»، مثل السودان والجزائر، «أظهرت تغيرا في الموقف».

إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أنه «لم يعد هناك شيء ينتظر» من نظام الرئيس السوري، بشار الأسد. وقال جوبيه في تصريح لإذاعة «أوروبا 1»: «أعتقد شخصيا أننا لم نعد ننتظر شيئا من هذا النظام الذي، رغم ما يعلن عنه من حين لآخر، لن يجري أي برنامج إصلاحات». وأضاف: «اتخذت مبادرات مختلفة لمحاولة دفع بشار الأسد إلى الحوار. وقد رأيتم آخرها، فقد وافق بشار الأسد على خطة الجامعة العربية وفي اليوم التالي ذبح أيضا عشرات الأشخاص في الشارع».

وقال جوبيه إن «المعارضة أدركت أنه لا يوجد مخرج. ومن ثم فإن الأمر سيكون طويلا وصعبا. أشعر بالأسف العميق على ما يحدث، الذي لا يشرف الأمم المتحدة». وأضاف: «هناك إفلاس في مجلس الأمن»، مذكرا بأن فرنسا فرضت عقوبات قامت على الأثر بتشديدها. وأكد جوبيه أن «فرنسا لن تشارك أبدا في عملية عسكرية ما لم يكن هناك تفويض من الأمم المتحدة. ومع ذلك يبدو من الواضح اليوم أنه لن يكون هناك تفويض من الأمم المتحدة» للقيام بتدخل في سوريا. وأضاف: «نحن نتحدث مع المعارضة ونسعى إلى مساعدتها على تنظيم نفسها».