الجيش السوري يقتحم حي بابا عمرو في حمص بعد مواجهات مع منشقين

شهود عيان تحدثوا عن «جثث مكدسة في الشاحنات»...وانقطاع في الإمدادات الطبية والغذائية

احتفال اهالي بابا عمرو في حمص بقدوم الجيش السوري الحر كتيبة الفاروق
TT

اقتحم الجيش السوري أمس حي «بابا عمرو» في حمص بعد 5 أيام من الحصار وسط تغطية نارية هائلة أدت إلى سقوط العشرات من القتلى في صفوف السكان والجيش السوري ومن يعتقد أنهم جنود انشقوا عنه وتمترسوا في الحي الذي يقع في وسط المدينة المعروفة في أوساط المعارضة السورية بـ«عاصمة الثورة».

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان «إن الجيش السوري دخل أمس حي بابا عمرو في مدينة حمص التي تتعرض لقصف وحصار منذ خمسة أيام. وذلك بعد مواجهات بين الجيش وعناصر يشتبه في أنهم منشقون فجرا وخلال الليل (...) ثم بدأت بهدم المتاجر» في الحي. وأوضح المرصد أن الاشتباكات العنيفة بالمدفعية الثقيلة التي اندلعت بين جنود وعناصر يشتبه أنهم منشقون في حمص أوقعت «عشرات القتلى والجرحى من الجانبين»، مشيرا إلى أن السكان شاهدوا شاحنة «مكدسة بالجثث». كما أكد المرصد نقلا عن ناشطين ميدانيين سماع أصوات إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات في العديد من أحياء حمص. وقال في بيان أصدره: «تسمع أصوات إطلاق رصاص كثيف وانفجارات في حي باب السباع، كما دوت انفجارات في حي باب الدريب، إضافة إلى أصوات إطلاق رصاص كثيف في أحياء كرم الزيتون وجب الجندلي والبياضة، في حين شهد حي الغوطة انتشارا أمنيا كثيفا». وأعلن أن «إطلاق رصاص كثيف سمع في حي التوزيع الإجباري الذي تعرض مساء الأحد لقصف عنيف بالرشاشات الثقيلة وسمعت فيه أصوات أكثر من 40 انفجارا هزت الحي». وأضاف أنه في حي دير بعلبة سمع أيضا صوت «إطلاق رصاص كثيف بالتزامن مع دخول آليات مدرعة إليه وتمركزها جنوبه».

وقال نشطاء سوريون معارضون إن ما لا يقل عن ستة مدنيين، بينهم طفلة، قد لقوا حتفهم على يد قوات الجيش السوري في الهجوم. وقال الناشط السوري في لبنان عمر ادلبي إن «القصف اشتد طوال الليل وخلال الساعات الأولى من اليوم الاثنين في بابا عمرو». وأعلن ادلبي أن المدينة تعاني من نقص في الإمدادات الغذائية والمياه والكهرباء.

وقالت مصادر في حمص إن ليلة أول من أمس كانت عصيبة في حمص، حيث سمعت أصوات القصف في كافة أرجاء المدينة، وسط حصار خانق ووضع إنساني كارثي، وأنباء عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى، مع نقص حاد في المواد الطبية الإسعافية وشح بالمواد الغذائية وفقدان للمواد الأساسية كالمازوت للتدفئة والغاز في كل أحياء المدينة، وقالت المصادر إنه حتى لو توفرت المعونات والمواد الغذائية لا يمكن إيصالها، تحت القصف وإطلاق النار. وأضافت: «في أول أيام العيد ذهب رجل إلى الحاجز العسكري واستأذنهم لعبور الشارع ليأخذ من قريبه طعاما جلبه من حي آخر لأطفاله، وبعد أن وافق الحاجز وسمح له بالعبور، أطلق قناص رصاصة فأصابته برأسه واستشهد على الفور». كما نشر ناشطون يوم أمس تحذيرا للأهالي في حي بابا عمرو أن عناصر الأمن والجيش اعتقلوا شخصا يدعى أبو بري لديه مشفى ميداني سري، وقال الناشطون في تحذيرهم إنه تم اعتقال أبو بري وكل الشباب الذين يساعدونه في المشفى الميداني الذي تم تخريبه أيضا وسرقة محتوياته. ونشر التحذير كي لا يقوم الأهالي بإسعاف الجرحى إلى المشفى الميداني ويقعوا في فخ عناصر الأمن والجيش. كما قال ناشطون في حمص إن الشبيحة قاموا بحرق سوق الخضار في حي بابا عمرو ونهب المحلات، تشديدا للحصار على الأهالي ليقوموا بتسليم المنشقين الموجودين في الحي.

في غضون ذلك بث ناشطون على شبكة الإنترنت يوم أمس فيديو يظهر فيه جنود بالزي العسكري ويحملون أسلحة في سيارة نقل صغيرة قالوا إنهم جزء من كتيبة الفاروق التابعة لـ«الجيس السوري الحر»، وقال الملازم أول وليد العبد الله (أبو عرب) المنشق عن الجيش السوري والذي عرض هويته العسكرية بأن كتيبة الفاروق دخلت بابا عمرو أول أيام عيد الأضحى لحماية المدنيين العزل في حي بابا عمرو المحاصر والذي يتعرض للقصف المدفعي. ودعا الجامعة العربية لـ«اتخاذ قرارات حاسمة مع النظام السوري الذي وصفه بالمراوغ والثعلب الماكر». وقال للجامعة العربية: «إنه يخدعكم» فحي بابا عمرو «ما زال محاصرا ويقصف بالمدفعيات». وعرض قذيفة مدفع هاون قال إنها من القذائف التي يرميها الجيش على الحي. وطالب بـ«التدخل الخارجي للحماية الدولية وحظر جوي وبإرسال هيئات إغاثة دولية للمجيء إلى حمص وحي بابا عمرو». وكان يسمع خلال تصوير مقطع الفيديو أصوات إطلاق نار. كما تحدث الملازم أول المنشق عبد الرزاق طلاس وقال إن الثورة لا تزال سلمية وإن كتيبة الفاروق جاءت إلى بابا عمرو للتصدي لعصابات الأسد والشبيحة وحماية المتظاهرين العزل، كما تحدثت امرأة منقبة أعلنت أنها من الحي وقالت: «نحن لم نطلب من الجيش السوري المجيء إلى بابا عمرو، كنا نعيش بسلام حين دخلوا الحي وراحوا يقصفون بيوتنا، وقد جاء الجيش الحر لحمايتنا»، وطالبت دول العالم أجمع بحماية المدنيين. وقالت: « كل يوم يقتل منا شخص والصغير قبل الكبير».

وتحدث شخص مدني كان في استقبال الجيش الحر حاملا غصن زيتون ومصحفا وقال إنه من سكان بابا عمرو وإن الجيش السوري قتل أخاه يحيى الحمد أبو شاكر وهو يحاول إنقاذ امرأة. وأضاف: «قصفوا بيتنا بمدافع الهاون».

وأعلنت كتيبة الفاروق التابعة للجيش الحر عن تنفيذ عملية في ريف حمص قريبا من الحدود مع لبنان إذ تم تفجير ثلاثة حواجز للجيش السوري ومصفحة لتخفيف الضغط عن بابا عمرو.

من جانب آخر خرجت يوم أمس عدة مظاهرات في دمشق وريفها لنصرة حمص وحي بابا عمرو حيث خرجت مظاهرة طيارة في حي الزاهرة القديمة من أمام مدرسة التوحيدي بدمشق، ومظاهرة حاشدة في برزة البلد نادت بإسقاط النظام ونصرة مدينة حمص. وفي مدينة دوما في ريف دمشق خرجت مظاهرة حاشدة عند الجامع الكبير وأخرى عند جامع البغدادي بعد خروج الأمن والجيش من المدينة. وفي حي القابون خرجت مظاهرة من الجامع الكبير بعد صلاة الظهر. وتسود البلاد أجواء من القلق من توتر الأوضاع في محافظة حمص وتصعيد القصف على أحياء المدينة التي تعد مركزا حيويا يتعيش عليه أكبر ريف في الخارطة السورية.