وزير الخارجية السوري يتهم واشنطن بـ«التورط المباشر في الحض على العنف»

الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: المعلم حرف تصريحاتنا

TT

قال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم «تويست» (لَوَى) تصريحات كانت أدلت بها يوم الجمعة فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ليتهمها بتشجيع المتظاهرين في سوريا على اللجوء إلى العنف.

وقال المسؤول: «كل ما قالته المتحدثة هو أن سجل نظام الرئيس الأسد ليس جادا في التعامل السلمي مع المعارضين، وأن وعد العفو عن المعارضين الذين أعلنه الأسد في الأسبوع الماضي كان ثالث عفو من نوعه، وأن الأسد ليس جادا في عروض العفو، وأنه يريد الانتقام من المعارضين بجرهم إلى شبكة العفو حتى يقدر على أن يتخلص على أكبر عدد منهم». وأضاف المسؤول أن الحكومة الأميركية لا تثق بالأسد ولا بوعوده ولا بإعلانات عفوه عن المعارضين، ولهذا قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن المعارضين يجب أن لا يثقوا في عروض الأسد. وأضاف: «فيكتوريا لم تدعُ المعارضين إلى حمل السلاح ضد حكومة الأسد. فيكتوريا قالت إن المعارضين يجب أن لا يثقوا في وعود الأسد. وهذا ينطلق من موقف الحكومة الأميركية بعدم الثقة بالأسد».

وكانت وكالة الأنباء السورية نقلت من دمشق تصريحات أدلى بها وليد المعلم في دمشق تتهم واشنطن بـ«التورط مباشرة» في أعمال العنف في سوريا. وأشار المعلم إلى دعوة الخارجية الأميركية للمعارضين السوريين بعدم الاستجابة لعرض النظام بالعفو عنهم مقابل تسليم أنفسهم. وقال المعلم إن هذه «محاولة لتعطيل» المبادرة العربية التي «تبذل دمشق كل الجهد لتطبيقها». وأضاف المعلم أن «سوريا ترى في دعوة الخارجية الأميركية للمسلحين عدم تسليم أسلحتهم تورطا مباشرا للولايات المتحدة بإحداث الفتنة والعنف في سوريا، وهي الأحداث التي كلفت الشعب السوري جيشا وشرطة ومواطنين الكثير من الضحايا الأبرياء». وأضاف أن «سوريا ترى في دعوة الولايات المتحدة هذه تشجيعا للمجموعات المسلحة للاستمرار في عملياتها الإجرامية ضد الشعب والدولة. وترى فيها نفيا واضحا لسلمية التحركات في سوريا. وترى فيها رغبة وعملا ومحاولة لتعطيل عمل جامعة الدول العربية، ومبادرتها التي تعمل على وضع حد للأزمة في سوريا، وعلى استعادة الأمن والاستقرار للمواطنين».

وأشار المعلم إلى أنه بعد أن اتخذت سوريا «خطوة هامة جدا لوقف العنف بأن دعت حملة السلاح إلى تسليم سلاحهم، وأن يصار إلى إخلاء سبيلهم فورا، فوجئت بالدعوة الأميركية لهؤلاء المسلحين بعدم تسليم أسلحتهم إلى السلطات السورية». وأوضحت وكالة الأنباء السورية أن المعلم وجّه رسائل احتجاجية على الموقف الأميركي إلى نظرائه في كل من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. وكذلك إلى رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن.

وأعلنت الجامعة العربية أمس تلقيها رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم تتضمن الإجراءات التي قامت بها الحكومة السورية لتنفيذ خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية. جاء ذلك في وقت قررت فيه الجامعة عقد اجتماع يوم السبت المقبل لمتابعة تجاوب دمشق مع المبادرة العربية، وقال السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع يأتي في إطار المتابعة والمساهمة في تنفيذ الآليات، موضحا أن المجلس الوزاري سوف يساعد على تسريع وتيرة الإنجاز على الأرض حفاظا على أمن واستقرار سوريا.

وقال بيان للجامعة العربية أمس إن الأمين العام الدكتور نبيل العربي تلقى رسالة من المعلم تتهم فيها دمشق الولايات المتحدة الأميركية بالتورط في الأحداث الدامية، ويطلب فيها المعلم مساعدة بلاده على توفير البيئة المناسبة لتنفيذ اتفاق حل الأزمة. وأكد البيان أن العربي قام بتعميم هذه الرسالة على وزراء الخارجية العرب، حيث تتعلق الرسالة بالرد السوري على تصريح الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الماضي، التي دعت المسلحين السوريين لعدم تسليم أسلحتهم إلى السلطات السورية.

وردت جامعة الدول العربية بتحفظ على الانتقادات السورية بشأن بيان أصدره الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي أول من أمس، دعا فيه دمشق إلى تنفيذ التزاماتها. وقال بن حلي لـ«الشرق الأوسط» إن الجامعة العربية ترفض «أي تصريحات أو استفزازات تتعلق بتعقيد الوضع»، موضحا أن تصريحات العربي تأتي في إطار متابعة تنفيذ قرار المجلس الوزاري بشأن تطورات الأوضاع في سوريا، مشددا على أن التنفيذ الأمين والسريع للخطة العربية يجنب المنطقة التدخلات الخارجية.

وانتقد يوسف الأحمد سفير سوريا في القاهرة مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أول من أمس، الأمين العام ونائبه، قائلا في حديث للتلفزيون السوري إنه «من المفروض أن تقوم الأمانة العامة للجامعة العربية بالدور التنسيقي بين الحكومة السورية واللجنة الوزارية، وليس أن تنصب نفسها طرفا في مواجهة الحكومة السورية»، وتساءل: «هل ذلك (تصريحات العربي) من أجل أن تمتد الأزمة وتتعاظم فتأخذ منحدرات خطرة تستهدف سوريا بأرضها وشعبها وقرارها الوطني والقومي؟». وحول هذه الانتقادات قال بن حلي: «نحن ملتزمون بمتابعة تنفيذ قرار الجامعة وسبق أن أشرت إلى بعض الإجراءات التي قامت بها دمشق، من بينها إبلاغ بعض المنظمات التابعة للجامعة مثل البرلمان والمحامين العرب ولجان حقوق الإنسان، وتعميم ما وصلنا من سوريا حول السماح لبعض الفضائيات بدخول سوريا، وهي قنوات تابعة لروسيا ولبنان». وأكد نائب الأمين العام أن المبادرة العربية هي السبيل الذي يمنع أي تدخلات خارجية، قائلا إن «التنفيذ الأمين والسريع للخطة يجنبنا التدخلات الخارجية التي ترفضها الجامعة العربية، وطرحت مبادرتها لهذا الغرض».

إلى ذلك أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه لكل الجهود الرامية إلى إعادة الاستقرار إلى سوريا ووقف العنف، معلنا أنه لا يزال لديه أمل في أن يستجيب النظام السوري للدعوات الدولية والمبادرات المطروحة، وخلال مؤتمر صحافي بمقر المفوضية ببروكسل قالت مايا كوسيانتيش المتحدثة باسم كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية إن الاتحاد الأوروبي يراقب الوضع في سوريا، مضيفة: «نراقب الوضع من خلال بعثة المفوضية الأوروبية في دمشق والخبراء المتخصصين في بروكسل حتى نحدد التحرك المستقبلي». وأعربت المتحدثة عن الشعور بالإحباط الأوروبي نتيجة عدم الاستجابة من جانب دمشق لمبادرة الجامعة العربية، التي خرجت عن الاجتماع الوزاري العربي، وعن احتمالية فرض عقوبات جديدة على سوريا لم تستبعد المتحدثة الأوروبية أن يكون هناك تحضيرات جارية لفرض عقوبات في حال عدم استجابة النظام السوري للدعوات والمبادرات، ونوهت في هذا الصدد بتصريحات صدرت عن كبار المسؤولين الأوروبيين، وتضمنت التشديد على استمرار الاتحاد في مضاعفة العقوبات ضد النظام السوري ما دام استمر في استخدام العنف ضد المواطنين. وقالت: «فكرة العقوبات تخضع بشكل دائم للتقييم والمراجعة». وأشارت إلى أن اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيبحث في هذا الملف الأسبوع المقبل.

واستبعد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ خيار التدخل العسكري في سوريا، مفضلا عليه تعزيز الضغوط الدولية على النظام ليوقف قمعه الدامي. وفي تصريح أدلى به في ستراسبورغ حيث تولى رئاسة لجنة وزراء مجلس أوروبا، وصف الوزير البريطاني أعمال القمع التي يقوم بها النظام السوري بأنها «غير مقبولة على الإطلاق»، على الرغم من موافقته على خطة عربية للخروج من الأزمة.