ملك المغرب يدعو إلى «نظام مغاربي جديد».. ويجدد دعوته للجزائر لتحسين العلاقات

قال إن الصحراء ستكون نموذجا للجهوية الموسعة

TT

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى «نظام مغاربي جديد» يتجاوز الانغلاق والخلافات، وجدد في الوقت ذاته دعوته للجزائر من أجل تحسين العلاقات بين البلدين، مشددا على أن مشكلة الصحراء يجب أن تحل على ضوء الحكم الذاتي، وفي «إطار الوحدة الوطنية والترابية للمغرب».

وفي سياق ذلك قال الملك محمد السادس في خطاب وجّهه الليلة قبل الماضية إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين للمسيرة الخضراء، إنه «آن الأوان ليتحمل كل طرف مسؤوليته، بدل الخضوع لنزوعات الجمود والتجزئة والانفصال»، على حد قوله، مؤكدا ضرورة «اتخاذ قرارات اندماجية وتكاملية ومستقبلية شجاعة».

وفي إشارة غير مباشرة إلى ما حدث في تونس وليبيا، قال الملك محمد السادس إن المغرب يفهم تطلعاتهما نحو الديمقراطية. وزاد قائلا في هذا الشأن: «يجدر استثمار الفرص الجديدة التي تتيحها التحولات التي تعرفها المنطقة العربية والمغاربية، التي كان المغرب سباقا لتفهم التطلعات الديمقراطية المشروعة لشعوبها والتضامن معها، وذلك في حرص على استقرار بلدانها وعلى وحدتها الوطنية والترابية».

وعلى هذا الأساس يقول الملك محمد السادس إن المغرب يؤكد استعداده، سواء على الصعيد الثنائي، وخصوصا مع الجزائر الشقيقة، في إطار الدينامية البناءة الحالية، أو على المستوى الجهوي، للتجسيد الجماعي لتطلعات الأجيال الحاضرة والصاعدة إلى انبثاق نظام مغاربي جديد ليفسح المجال للحوار والتشاور، والتكامل والتضامن والتنمية.

وأوضح ملك المغرب أن «النظام المغاربي الجديد» يجب أن يشكل بدوله الخمس محركا حقيقيا للوحدة العربية، وفاعلا رئيسيا في التعاون الأورو-متوسطي، وفي الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء والاندماج الأفريقي.

وحول الصحراء قال العاهل المغربي إنها «ستكون نموذجا للجهوية الموسعة بما تنطوي عليه من انتخاب ديمقراطي لهيئاتها، ومن تحويل واسع للسلطات والإمكانات من المركز إلى الجهات»، مشيرا إلى أنه تم إنشاء «آليات حقوقية جهوية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، بما في ذلك مناطق الصحراء».

وشدد العاهل المغربي على رغبة بلاده المستمرة في التعاون مع الأمم المتحدة، والحرص على التنفيذ التام لقرارات مجلس الأمن من أجل «التوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه لهذا النزاع الإقليمي المفتعل».

وزاد قائلا: «التزام المغرب بتفعيل توجهاته السيادية في كل أبعادها لا يوازيه إلا عزمه على مواصلة التعاون مع الأمم المتحدة وكل الأطراف المعنية للمضي قدما في مسار المفاوضات وفق المقاربات الخلاقة التي طرحها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي وعلى أساس مبادرة للحكم الذاتي».

وتطرق الملك محمد السادس إلى أوضاع اللاجئين الصحراويين في تندوف، ودعا إلى أن يتمتعوا «بنفس الحقوق والفرص والآفاق المفتوحة أمام إخوانهم في أقاليمنا الجنوبية (الصحراء) ضمن مغرب موحد ديمقراطي وتنموي للجهات محتضن لكل أبنائه». وانتقد بلهجة شديدة أوضاع اللاجئين الصحراويين في تندوف حيث يوجد مقر جبهة البوليساريو. وقال في هذا الصدد: «بقدر ما يحرص المغرب بكل صدق وتوجه نحو المستقبل على تفعيل هذه الدينامية البناءة، فإن مواطنينا في مخيمات تندوف لا يزالون يعانون في منطقة معزولة ومغلقة أبشع أساليب الحرمان والقمع والإهانة في تنكر لكرامتهم وحقوقهم الأساسية المشروعة». وزاد قائلا: «نجدد رفضنا لهذا الوضع غير الإنساني المهين وللمناورات السياسوية الدنيئة لخصوم وحدتنا الترابية الذين يتجاهلون بشكل سافر كل النداءات الدولية، بما فيها دعوات مجلس الأمن الدولي، والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإجراء إحصاء يضمن الحق الإنساني والطبيعي لإخواننا بتندوف، في الحماية القانونية وتمكينهم من كافة حقوقهم».

وبشأن الانتخابات المقبلة عبّر ملك المغرب عن أمله في أن تفرز أغلبية حكومية تتحمل المسؤولية بشجاعة وتحاسب من طرف معارضة بناءة. وقال إنها تستمد أهميتها من أنها الأولى من نوعها في ظل الدستور الجديد، وكذلك «باعتبارها المحك الأساسي لتفعيله الديمقراطي».

وناشد الجميع سواء كانوا أحزابا أو سلطات أو هيئات وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وناخبين إلى «الارتقاء إلى مستوى ما يقتضيه العهد الدستوري الجديد من أمانة ومواطنة ملتزمة لكي تكون المؤسسات التشريعية والتنفيذية بمصداقيتها ونجاعتها قاطرة للديمقراطية والتنمية جديرة بالثقة الشعبية ومحققة للمصالحة مع المواطن». كما دعا إلى انتخابات حرة ونزيهة وتنافسية على أساس برامج مجتمعية واضحة وخلاقة تستجيب للتطلعات المشروعة للمواطنين، تفرز حكومة تتحمل «بكل شجاعة وانسجام وإقدام والتزام مسؤولية تدبير الشأن العام وتحاسب عليه من طرف معارضة بناءة، بقوتها الاقتراحية».