اليونان: حكومة وحدة وطنية بانتظار انتخابات مبكرة في فبراير

ترحيب بتنحي باباندريو وتسهيل الخطة الأوروبية لإنقاذ البلاد من الإفلاس

صورة لباباديموس، المرشح لخلافة باباندريو، خلال خروجه من مبنى رئيس الوزراء في 31 أغسطس 2010 (إ.ب.أ)
TT

ظلت اليونان أمس تنتظر تشكيل حكومة وحدة وطنية بين الاشتراكيين الحاكمين والمعارضة اليمينية، وذلك غداة اتفاق تاريخي بين الحزبين الرئيسيين تحت ضغط الدول الدائنة للبلاد. فبعد لقاء «تاريخي» عقداه على انفراد مساء أول من أمس، بات مرتقبا أن يجري رئيس الحكومة الاشتراكي جورج باباندريو وزعيم حزب الديمقراطية الجديدة أنطونيس ساماراس، اتصالا هاتفيا للاتفاق على تشكيلة الحكومة الجديدة. وستكون مهمة الحكومة الجديدة تطبيق وإبرام الخطة الأوروبية لمعالجة الأزمة التي أقرت أواخر الشهر الماضي في بروكسل، قبل إجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) 2012 بدلا من ربيع 2013.

وعبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس عن «احترامها» لباباندريو الذي أعلن رحيله ليضمن قبول المعارضة اليمينية بالخطة الأوروبية. وأشادت «بالشجاعة» و«قوة الإقناع» اللتين أظهرهما للحصول على أوسع تأييد سياسي ممكن للإجراءات الصعبة التي تتطلبها الخطة وتجنب غرق البلاد. كما أكد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون أمس أن تشكيل حكومة وحدة وطنية في اليونان هو «حل ممتاز»، موضحا أنه «يهنئ» المسؤولين السياسيين اليونانيين به.

وأعلن جورج كاراتزافيريس زعيم حزب «التعبئة الأرثوذكسية الشعبية» (لاوس) اليميني المتطرف بعد لقاء مع الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس أن رئيس الوزراء اليوناني الجديد سيكون النائب السابق لحاكم المصرف المركزي الأوروبي الاقتصادي اليوناني لوكاس باباديموس. وحدد زعيم اليمين المتطرف الذي ساند الخطة الأوروبية الأولى لمساعدة اليونان العام الماضي، 3 شروط للمشاركة في الحكومة هي وقف خفض الأجور ورواتب التقاعد وتجنب الحد من السيادة الوطنية وتعليق عمليات الخصخصة.

وكانت وسائل إعلام عدة تحدثت عن احتمال تولي باباديموس رئاسة الحكومة. وستشكل تسمية رئيس جديد للوزراء، مؤشرا على عودة الحياة السياسية في اليونان بعد الزلزال السياسي والمالي الذي سببته في أوروبا الأسبوع الماضي عندما تحدث باباندريو عن احتمال إجراء استفتاء حول الخطة الأوروبية الثانية لإنقاذ اليونان. وسمح الاتفاق بين الحزبين بتعليق أزمة سياسية حادة أدت إلى سحب مشروع الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس الوزراء.

وتخوض اليونان سباقا مع الزمن لتجنب إعلان إفلاسها قبل منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل والخروج من منطقة اليورو. وعامل الزمن ليس في صالح اليونان التي كان مفترضا أن تبدأ أمس التفاوض على الحصول على دعم بقيمة 80 مليار يورو بحلول نهاية فبراير المقبل في إطار اتفاق تخفيف الديون الذي توصلت إليه منطقة اليورو في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في بروكسل. وينص هذا الاتفاق على تقديم مساعدة تبلغ قيمتها الإجمالية 130 مليار يورو وشطب 100 مليار يورو أخرى من الديون التي يبلغ مجموعها 350 مليارا. وفي المقابل، تطبق أثينا خطة تقشفية صارمة وتقبل بشبه وصاية. وتأمل منطقة اليورو وكذلك صندوق النقد الدولي في الحصول على تعهدات واضحة قبل الإفراج عن القرض المقبل البالغ 8 مليارات يورو من خطة الإنقاذ الأولى.

وتحت ضغط أوروبي كبير، وافق باباندريو مجبرا على إلغاء فكرة الاستفتاء التي أثارت عاصفة في الحزب الاشتراكي الذي يتزعمه وعلى التخلي عن منصبه كما يطلب ساماراس لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وحسب تقارير إعلامية، فإن وزير المال الحالي إيفانغيلوس فينيتسيلوس الذي يعد من أهم شخصيات الحزب الاشتراكي ويتوقع أن يحتفظ بحقيبته في الحكومة المقبلة، كان مقررا أن يتوجه إلى بروكسل بعد ظهر أمس لتمثيل اليونان في منطقة اليورو.

ورحبت الصحف اليونانية أمس «باتفاق اللحظة الأخيرة التاريخي» بين الخصمين. ورأت الصحيفة الليبرالية «كاثيميريني» أنه «انتصار أول». وكتبت أن «الشعب اليوناني تنفس الصعداء عندما توصل الرجلان إلى اتفاق تاريخي بعد تدخل رئيس الدولة كارولوس بابولياس». وحتى بورصة اليونان بدأت جلساتها على ارتفاع أمس خلافا للبورصات الأوروبية الأخرى، معبرة بذلك عن تفاؤل الأوساط المالية بالاتفاق بين ساماراس وباباندريو.

وساماراس المعروف بتصلبه خلال مسيرته السياسية التي بدأها قبل ستين عاما، ندد منذ عامين بالسياسة التي تمليها الجهات الدائنة على البلاد، معتبرا أن فرض التقشف بأي ثمن يهدد بضرب الاقتصاد. لكن في مواجهة احتمال الإفلاس الكامل للبلاد تعهد للمرة الأولى بدعم التصويت على خطة بروكسل. وهذا الموقف يأتي استنادا إلى استمرار تأييد اليونانيين للبقاء في منطقة اليورو. فقد أظهرت 3 استطلاعات رأي أن اليونانيين يريدون إبقاء اليورو بنسبة 80% رغم معارضتهم القوية لإجراءات التقشف التي أثارت نقمة ضد باباندريو في صفوف الغالبية الاشتراكية ومعارضة شعبية وإضرابات متكررة.