الطبقة السياسية تقر الفيدرالية بالدستور وتحمل بايدن مسؤولية تقسيم العراق

نائب الرئيس الأميركي يثير قلقا ببغداد وهو في واشنطن

جوزيف بايدن (أ.ب)
TT

لم تحط طائرة جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، في مطار بغداد حتى الآن، لكنه حديث الطبقة السياسية العراقية التي تحمله مسؤولية «تقسيم» العراق. وعلى الرغم من أن زيارات كبار المسؤولين الأميركيين تظل محاطة بالسرية التامة حتى وصولهم إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد، فإنه للمرة الأولى تم الإعلان قبل نحو أسبوع أن بايدن سيقوم بزيارة إلى بغداد. وكعادتهم فإن الكثير من المسؤولين العراقيين، وغالبيتهم من أعضاء البرلمان العراقي ممن لم يتسنَّ لهم أداء فريضة الحج للمرة الرابعة أو الخامسة على الأقل، كما لم يتسنَّ لهم، لأسباب غامضة، عدم قضاء العطلة الشتوية في البلدان التي يحمل الكثيرون منهم جنسيتها أو في دول الجوار، أمعنوا، من خلال تصريحات لمختلف وسائل الإعلام في تحليل زيارة بايدن التي لا تزال مرتقبة والأسباب التي تكمن خلفها والأجندات التي يحملها هذا الرجل الذي يمسك بالملف العراقي في إدارة الرئيس باراك أوباما.

وعلى الرغم من تثبيت فقرة «الفيدرالية» في الدستور العراقي بتفاصيل كاملة لا يرقى إليها الشك، فإن الموقف من الفيدرالية ظل رجراجا داخل الطبقة السياسية العراقية طوال السنوات الماضية. ومع أن غالبية الدعوات التي انطلقت للبدء بتطبيق الفيدرالية جاءت أول الأمر من المحافظات الجنوبية، وبخاصة البصرة، بينما لم تكن المحافظات الغربية من البلاد متحمسة للأمر برمته، فضلا عن أن محافظتي صلاح الدين والأنبار، وكلتاهما متهمة الآن بالبدء بتطبيق مشروع تقسيم العراق على أسس طائفية وليس مجرد فيدرالية، رفضتا التصويت على الدستور بسبب الفيدرالية كعامل اعتراض أول له. وعندما أعلنت كل من صلاح الدين والأنبار رفضهما التصويت على الدستور كانت خطة بايدن التي دعا فيها إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات على أسس عرقية وطائفية (شيعية وسنية وكردية) قد طرحت للنقاش داخل الأوساط السياسية.

ومع أن الخطة لاقت رفضا من مختلف الأوساط السياسية فإنها تربط اليوم بدعوة محافظة صلاح الدين لتشكيل إقليم «إداري واقتصادي» ضمن العراق الموحد وما يجري الحديث عنه في محافظة الأنبار. وبينما يعتبر البعض هذه الدعوات انقلابا على الدستور، فإن آخرين يحذرون من أن تتحول الفيدرالية إلى نوع من التقسيم الطائفي، ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء نوري المالكي الذي اعتبر أن الخلفية التي ينطلق منها دعاة فيدرالية صلاح الدين طائفية. ومع أن المالكي أحجم عن ذكر تفاصيل أخرى بهذا الشأن، فإن القيادي في ائتلافه (دولة القانون) والمقرب منه، عزت الشابندر، اعتبر أن الدعوة لإقامة فيدرالية بالبصرة لا تنطلق من دوافع طائفية بعكس دعوات صلاح الدين. والأمر اللافت للنظر أنه في الوقت الذي لا يستطيع أحد التنكر للدستور على الرغم من الدعوات لإعادة النظر في بعض مواده لأن هناك مواد كثيرة فيه تقترب من طموحات هذا الطرف أو ذاك، فإن محاولة تفريغ المواد الخاصة بالفيدرالية الواردة في الدستور ارتبطت من قبل دعاة التأجيل أو الخوف من الدوافع والخلفيات، ومنها الخلفيات الطائفية أو تكوين ملاذ آمن للبعثيين، بما سبق أن دعا إليه بايدن عبر خطته المعروفة. وبينما يجيز الدستور الفيدرالية فإن ما يجري من دعوات الآن لا علاقة له بالفيدرالية وإنما بخطة بايدن، بينما يبدو الأمر في غاية الصعوبة على صعيد التفريق بين خطة بايدن المرفوضة وخطة الدستور العراقي المقبولة، ولكن لم يحن أوانها بعد.