رئيس الحكومة المغربية ينتقد تصدع الغالبية قبل أسبوعين من إجراء الانتخابات

تحدث عن رحيل قادة حزب معارض نحو أحد أحزاب الائتلاف الحكومي

TT

عبر عباس الفاسي، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب الاستقلال، عن استياء واضح من تصدع الائتلاف الحكومي قبل أسبوعين من إجراء انتخابات سابقة لأوانها في 25 من الشهر الحالي، وهو ما يشير إلى أن الحكومة لم تعد تتمتع بقدر كبير من التماسك. وفي الوقت نفسه كال الفاسي الانتقادات لحركة انتقال مرشحين إلى أحد الأحزاب السياسية، ووصف ما يحدث بأنه عمل «لا أخلاقي»، وهو ما يعرف في المغرب بـ«الترحال السياسي»، وتوقع ألا يحصل أي حزب على غالبية مطلقة في الانتخابات المقبلة، لكنه قال إن حزب الاستقلال الذي يقوده سيحقق نتائج إيجابية، مشيرا إلى أن الحزب قدم مرشحين في جميع الدوائر الجغرافية.

وأقر الفاسي، الذي كان يتحدث أمس في الرباط خلال لقاء صحافي قدم خلاله برنامج حزبه، إن هناك ارتباكا داخل الأغلبية الحكومية، وقال إن جزءا من الغالبية تحالف مع أحزاب معارضة، في إشارة إلى دخول حزب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، المشاركين في الحكومة، في تحالف مع حزبي «الأصالة والمعاصرة» (معارضة برلمانية) والاتحاد الدستوري (معارضة برلمانية)، إضافة إلى ثلاثة أحزاب يسارية بعضها ليست له تمثيلية داخل البرلمان، وحزب ثامن ذي توجه إسلامي.

وسخر الفاسي من تحالف الأحزاب الثمانية، الذي أطلق عليه اسم «تحالف من أجل الديمقراطية»، وقال إن أحزابا ليبرالية تقف مع ما سماه «الليبرالية المتوحشة»، وتشجع الحيف والظلم الاجتماعي، والامتيازات تتحالف مع أحزاب اشتراكية، على حد قوله. ويرى الفاسي أن التحالفات تكون عادة بعد الانتخابات، لكنه أشار إلى أن تحالفا يمكن أن يكون قبل الانتخابات، مثل تحالف «الكتلة الديمقراطية» الذي يضم أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، لكن كل حزب سيخوض الانتخابات منفردا.

وعلى الرغم من التشقق الذي تحدث عنه الفاسي داخل حكومته، وهي عبارة عن تحالف من خمسة أحزاب، فقد حرص الفاسي على الدفاع عن الحصيلة التي حققتها الحكومة، التي عينت عقب انتخابات 2007، وهي عبارة عن ائتلاف مهلهل، أغلبيته من التكنوقراط الذين انتقلوا إلى العمل الحزبي بعد دخولهم الحكومة، وقال إن الحكومة حققت حصيلة كان يفترض أن يفتخر بها الجميع، لكنه أنحى باللائمة وبوضوح على بعض حلفائه داخل الائتلاف الحكومي دون تسميتهم، وأشار إلى أن جهة داخل الحكومة عرقلت إنشاء «صندوق التضامن» لدعم الطبقات المعوزة، وقال إن البنوك وشركات التأمين وشركات الاتصالات كانت ستمول هذا الصندوق، بيد أن مجموعة ضغط (لوبي) عرقلت المشروع بحجة أن المساهمة الطوعية لمؤسسات مالية يمكن أن تتحول مستقبلا إلى ضريبة.

ولم ير الفاسي أن هناك غضاضة في تمويل «صندوق التضامن» عن طريق الضرائب، وقال: «إن الأزمة التي تضرب أوروبا حاليا ربما ستجبرنا على ذلك».

وتحدث الفاسي عن مواصفات رئيس الحكومة المقبل، وقال: «إن المغاربة يفضلون المناضلين وليس أولئك الذين تعرفهم البورصة»، وهي إشارة غير مباشرة إلى صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يعتقد على نطاق واسع في المغرب أنه يتطلع لمنصب رئيس الحكومة، ويأمل في أن يحصل حزبه على المرتبة الأولى. وقال الفاسي: «ليس شرطا أن يكون رئيس الحكومة المقبل هو الشخصية القيادية في الحزب الفائز في الانتخابات». يشار إلى أن الدستور الجديد ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات.

وانتقد الفاسي حزب «الأصالة والمعاصرة»، الذي أسسه فؤاد عالي الهمة عام 2008، وهو من الشخصيات المقربة من الملك، وقال إن قياديين في هذا الحزب انتقلوا خلال هذه الأيام إلى «التجمع الوطني للأحرار»، وقدم أمثلة بالأسماء والمناطق التي يتحدرون منها، وصب الفاسي جام غضبه على مثل هذه المبادرات، وقال في هذا الصدد: «المغاربة لا يتصفون بالبلادة السياسية، وهم يفهمون دلالة هذا الانتقال». وأضاف يقول: «حزب الأصالة والمعاصرة كان له ثلاثة أعضاء في مجلس النواب، ثم ارتفع هذا العدد ليصل إلى 57 نائبا»، وهي إشارة أخرى إلى أن «الأصالة والمعاصرة»، الذي يحظى بتأييد قيادات محلية في مختلف أنحاء المغرب، سيدعم حصول «التجمع الوطني للأحرار» للحصول على المرتبة الأولى. وقال الفاسي: «هذه ليست أخلاقا سياسية»، ومضى قائلا: «على الرغم من ذلك فإننا لا نشعر بالمرارة وسنخوض الانتخابات بهدوء»، لكنه حذر من تداعيات هذه الظواهر السلبية على إقبال الناخبين نحو صناديق الاقتراع، وقال: «ما نخشاه أن يعزف الناس عن التصويت». وشدد الفاسي على ضرورة إجراء انتخابات نزيهة، ومحاربة ظاهرة شراء الأصوات. يشار إلى أن الانتخابات في المغرب كانت دائما تشوهها اتهامات بالفساد وشراء الأصوات، غير أن البلاد حريصة هذه المرة على تغيير هذا الانطباع.

وتطرق الفاسي إلى ترشيحات حزبه في الانتخابات، وقال إن 35 في المائة من مرشحي حزب الاستقلال تقل أعمارهم عن 40 سنة، وأن أصغر مرشح، ويدعى عبد الرحمن الرحيمي، يبلغ من العمر 23 سنة، وترشح في منطقة شيشاوة المجاورة لمراكش، و56 في المائة مرشحون جدد، و59 في المائة من خريجي الجامعات، مشيرا إلى أن وزيرين فقط من وزراء الحزب الحاليين ترشحا للانتخابات المقبلة، هما كريم غلاب، وزير النقل والأشغال، وياسمينة بادو، وزيرة الصحة، وترشح الاثنان في الدار البيضاء.

ولم يتطرق الفاسي إلى القضايا الخارجية باستثناء إشارتين، حيث قال إن حزب الاستقلال سيستمر في العمل على «استرجاع جميع الأراضي المحتلة»، وعادة ما يعني ذلك مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا في شمال المغرب، وتمثلت الإشارة الثانية في قوله: «إن المغرب حصل على العضوية الدائمة لمجلس الأمن بسبب التقدم الذي حققه في مجال التجربة الديمقراطية»، على حد اعتقاده.

وخلال اللقاء قدم نزار بركة، العضو القيادي في الحزب ووزير الشؤون العامة في الحكومة، الخطوط العريضة لبرنامج الحزب، معلنا أن الحزب لديه خطة لتقليص الأمية في المغرب بنسبة 20 في المائة، إضافة إلى خلق 850 ألف وظيفة خلال خمس سنوات، أي بمعدل 170 ألف وظيفة سنويا، وتحقيق معدل نمو سنوي في حدود خمسة في المائة، وتوسيع الطبقة المتوسطة، مع تقليص الفوارق الاجتماعية بنسبة 25 في المائة في عام 2016، وتقليص نسبة الفقر إلى أقل من 6 في المائة.