مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط» : نعمل مع شركائنا على فرض عقوبات «مدمرة» على إيران

واشنطن تلوح بفرض عقوبات جديدة تستهدف البنوك التجارية وصادرات النفط

TT

صعدت واشنطن من لهجتها التحذيرية، أمس، ضد الأنشطة النووية الإيرانية، بالتزامن مع حملة دولية للتنسيق مع الدول الأوروبية من أجل تشديد العقوبات ضد إيران، بعد تأكيدات تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لا تزال تسعى لتزويد نفسها بأسلحة نووية تحت غطاء برنامج سلمي.

وعبر مسؤولون بالبيت الأبيض أن إدارة الرئيس أوباما لم تتخل عن المحادثات الدبلوماسية، وتخطط من خلال وزارة الخزانة الأميركية لإصدار عقوبات جديدة خلال الأيام المقبلة، تستهدف البنوك التجارية الإيرانية، كما تدرس مع الدول الأوروبية فرض عقوبات مالية وتقييد على الواردات الإيرانية من البنزين المكرر وصادراتها من النفط.

وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية حول الأنشطة النووية لإيران هو التقرير الأكثر شمولا وتفصيلا حول تفاصيل الجهود الإيرانية لتطوير أسلحة نووية. وقال: «إن التقرير يثير المزيد من الأسئلة حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وضرورة مناقشة النشاطات النووية للحكومة الإيرانية أكثر من أي وقت مضى». وأضاف المسؤول الأميركي: «إن هذا التقرير يدل على أن الولايات المتحدة كانت على حق في تحذيرها منذ سنوات أن إيران لديها برنامج للأسلحة النووية ولم تقدم أي ضمانات بأن لديها نية للتخلي عن الأسلحة النووية».

وأوضح المسؤول الأميركي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن الوكالة الدولية للطاقة ظلت تطالب إيران بتقديم إيضاحات حول الأبعاد العسكرية لبرنامجها النووي لسنوات. ودعت الوكالة مرارا وتكرارا إيران للتعاون معها في التحقيق، وهذا التقرير يلخص بشكل جيد للغاية نتائج تحقيق المدير العام للوكالة في هذه القضية، وقد أبلغ المدير العام للوكالة (يوكيا أمانو) الدول الأعضاء بأنه «لم يتلق تعاونا مرضيا من إيران».

وأكد المسؤول الأميركي اقتناع واشنطن وتأييدها لنتائج التقرير. وقال: «إننا نؤيد وكالة الطاقة النووية تأييدا كاملا في كل تحقيقاتها حول جوانب البرنامج النووي الإيراني الذي يكشف بطريقة شفافة وغير سياسية الأنشطة الإيرانية ذات الأبعاد العسكرية».

وحول الخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة إزاء النشاط النووي الإيراني في ظل أجواء التهديد بشن هجوم عسكري إسرائيلي ضد إيران، قال المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية: «في ظل غياب الشفافية وامتثال إيران للالتزامات الدولية، فإننا سوف نستمر في التشاور والعمل مع شركائنا الذين عملنا معهم لاعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1929 وغيرها من التدابير المتعددة الأطراف لعزل إيران وفرض نظام من العقوبات المدمرة عليها».

وحول رفض إيران لنتائج تقرير الوكالة الدولية للطاقة وتأكيد السفير الإيراني لدى وكالة الطاقة الذرية علي أصغر سلطانية استمرار بلاده في برنامجها النووي، إضافة إلى تهديد روسيا بأن التقرير خلق نوعا من التوترات الدولية، قال المسؤول الأميركي: «على إيران مسؤولية بناء الثقة في نواياها السلمية والحد من هذه التوترات من خلال الشفافية والامتثال لقرارات مجلس الأمن والتزاماتها الدولية لوكالة الطاقة».

وكرر المسؤول الأميركي عزم بلاده الاستمرار في حشد الضغوط الدولية ضد إيران، فاتحا في الوقت نفسه مجالا لمحادثات دبلوماسية وإجراءات سياسية. وقال: «سوف نستمر في مسارين هما الضغط على إيران، وتقديم فرص للمشاركة لكي تقوم بالإجراءات والتغييرات التي نسعى إليها في عملية صنع القرار في إيران».

وكانت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي قد أيدت الأسبوع الماضي تمرير تشريع لتشديد العقوبات الأميركية ضد إيران والبنك المركزي الإيراني والبنوك التجارية ورفض منح تأشيرات للأشخاص الذين يتعاملون مع قطاع الطاقة الإيراني. وهاجمت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية ايلينا روس ليتنين إدارة الرئيس أوباما، وطالبت أن تقوم الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات حاسمة لمنع النظام الإيراني من امتلاك السلاح النووي.

وأشار مايكل سينغ مدير مجلس الأمن القومي السابق بإدارة الرئيس بوش ومدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى أن تقرير الوكالة سيخدم التوجه لتشديد العقوبات ضد إيران، موضحا أن هناك مجالا لتطبيق المزيد من العقوبات على الكيانات الاقتصادية والأفراد، مشابهة للعقوبات التي تم فرضها على سوريا. وأوضح أن أهمية تقرير وكالة الطاقة أنه وضع بطريقة شاملة عددا من الأدلة التي تشير إلى أن إيران انخرطت في جميع جوانب التجارب اللازمة لتطوير سلاح نووي.

وتشكك بعض المحللين في قدرة مجلس الأمن على فرض مزيد من العقوبات ضد إيران، بسبب المعارضة الشديدة من جانب روسيا، حيث ترغب روسيا في حل الخلاف حول برنامج إيران النووي عن طريق رفع العقوبات عن إيران على مراحل، مقابل تعهد إيران بالتعاون مع مفتشي وكالة الطاقة الذرية.

وقالت مصادر بالأمم المتحدة إن جولة فرض عقوبات على إيران خلال العام الماضي كانت صعبة للغاية ووافقت روسيا والصين على مضض لقرارات مجلس الأمن فرض قيود على المعاملات المالية وتشديد الحظر المفروض على الأسلحة والبضائع المرتبطة بالبرامج النووية والعسكرية. وقالت المصادر إن محاولات فرض عقوبات على إيران في مجالي النفط والغاز من خلال مجلس الأمن، سيكون أقرب إلى المستحيل بسبب العلاقات الاقتصادية بين روسيا والصين مع إيران، وتنامي الطلب الصيني على النفط الإيراني.