تضارب إيراني حول التعاطي مع تقرير وكالة الطاقة الذرية ونجاد: لن نتراجع قيد أنملة

مسؤول عسكري إيراني يهدد بتدمير إسرائيل

TT

أعطت طهران، أمس، إشارات متضاربة حول تعاطيها مع التقرير الذي نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي تضمن ما قالت إنه أدلة ذات مصداقية على أوجه عسكرية لأنشطة طهران النووية. فبعد أن أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده «لن تتراجع قيد أنملة» في أنشطتها النووية «السلمية»، أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية استعداد بلاده للتفاوض.

وقال أحمدي نجاد، في حديث متلفز بمدينة شهركرد جنوب غربي إيران: «لسنا بحاجة لأي قنابل (نووية) ولن نتراجع قيد أنملة عن الدرب (النووي) الذي بدأناه».

كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد ذكرت أن هناك مؤشرات واضحة تدل على أن إيران قامت بالكثير من المشاريع والتجارب من أجل تطوير سلاح نووي حتى العام الماضي.

ونقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية عن أحمدي نجاد قوله: «إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضحت بسمعتها بتبنيها تأكيدات الولايات المتحدة غير الصحيحة»، وأكد مجددا أن إيران لا تسعى لحيازة السلاح النووي.

وقال، موجها كلامه إلى الغرب: «لسنا بحاجة إلى القنبلة النووية، الشعب الإيراني ذكي، ولن ينتج قنبلتين في مواجهة القنابل الـ20 ألفا التي تملكونها».

ونفى القادة الإيرانيون كل اتهامات الوكالة الدولية التي «لا أساس لها»، معتبرين أنها تستند إلى عناصر قديمة بعضها وثائق مزورة «فبركتها» أجهزة الاستخبارات الأميركية والغربية، وقد ردت عليها إيران بشكل مفصل قبل سنوات عدة.

على النسق ذاته، أعلن ممثل إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، أن بلاده لن تتخلى «أبدا» عن برنامجها النووي، واتهم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو بأنه ارتكب «خطأ تاريخيا» بنشره تقريرا شديد الانتقاد إزاء طهران.

وأعلن سلطانية، أمس، أن إيران «لن تتخلى أبدا عن حقوقها المشروعة»، لكنها «كدولة تقدر المسؤولية» ستواصل «احترام التزاماتها في إطار معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية» التي تنص على وضع نشاطاتها تحت مراقبة وكالة الطاقة.

وفي تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية اتهم سلطانية أمانو بأنه تصرف بشكل «منحاز ومسيس وغير محترف» بموافقته على نشر «اتهامات زائفة لعدد ضئيل من الدول بينها الولايات المتحدة».

وحذر من أن طهران «لن تترك هذا الخطأ التاريخي من دون رد». وأضاف أن طهران تنوي تنسيق «ردها» مع دول أعضاء أخرى تعارض نشر هذا التقرير، وفي مقدمها روسيا والصين ودول عدم الانحياز.

كما نقلت وكالة الأنباء الطلابية (إيسنا) عن سلطانية قوله أمس: «خلال السنوات الثماني الأخيرة قامت (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) بـ4 آلاف عملية تفتيش إجبارية و100 مفاجئة ولم يعثر المفتشون على أدنى غرام من اليورانيوم المحول إلى أغراض عسكرية»، وأضاف: «بالتالي فليست هناك أي وثيقة ذات مصداقية» حول بُعد عسكري للبرنامج النووي الإيراني.

في الوقت نفسه، حذر جنرال إيراني، أمس، إسرائيل من أن أي هجوم على المواقع النووية الإيرانية لن يقابل فقط «بتدمير» إسرائيل، ولكنه سيستدعي أيضا رد فعل ينتشر لما هو أبعد من الشرق الأوسط.

ولم يدل نائب رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية البريجادير جنرال مسعود جزايري بالمزيد من التفاصيل، لكنه قال: إن إيران قد تستهدف موقع مفاعل ديمونة الإسرائيلي في حالة تعرضها لهجوم إسرائيلي.

لكن لجهة التهديد والوعيد تراجعت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الذي أكد أمس أن طهران ما زالت مستعدة لإجراء مفاوضات مع القوى العالمية المعنية ببرنامجها النووي.

ونقل موقع تلفزيون «العالم» الإيراني، الناطق بالعربية، عن المتحدث رامين مهمان باراست قوله «أعلنا بالفعل أننا مستعدون لإجراء مفاوضات إيجابية ومفيدة، لكن كما سبق أن قلنا مرارا شرط نجاح تلك المحادثات هو أن ندخلها في جو من المساواة والاحترام لحقوق الشعوب».

وقال مهمان باراست: إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية «ما هو إلا أحدث حيلة من الولايات المتحدة لتشويه سمعة الجمهورية الإسلامية». وأضاف: «لا يزال الأميركيون يعتقدون أنه لمنع أمة كبيرة مثل إيران من نيل حقوقها ينبغي لهم سلوك الطريق الخطأ والضغط على أمتنا وطرح مثل هذه التصورات التي لا أساس لها مثل مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن وقضية حقوق الإنسان أو الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإصدار تقرير غير صحيح»، بحسب وكالة «رويترز».

وتوقفت أوائل العام الحالي أحدث جولة من المحادثات بين إيران ومجموعة الدول الست التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا. وتعثرت، فيما يبدو، التحركات الرامية لإحياء المحادثات بسبب تقرير الوكالة الدولية ومزاعم واشنطن بأنها أحبطت مؤامرة إيرانية لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة وهي مزاعم تنفيها طهران.

وقال مهمان باراست: إن استئناف المحادثات يتوقف على تصرفات الدول الأخرى. ومن شأن نجاح هذه المحادثات تخفيف العقوبات على إيران، وقال: «سنراقب سلوك وتحركات مجموعة الدول الست جيدا، وسوف نتخذ قرارنا النهائي من خلال دراسة الوضع وتحركاتهم.. إذا شعرنا أن الوضع ملائم لمحادثات بنَّاءة وفي إطار التعاون فسوف نعلن ردنا حينئذ».