إيران في مواجهة العاصفة.. دعوات دولية إلى عقوبات مشددة وإحالة الملف لمجلس الأمن

بريطانيا تتهمها بالسعي لتقويض مكاسب الربيع العربي.. وفرنسا تدعو لعقوبات «غير مسبوقة» والصين تحثها على إبداء المرونة

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يصافح مسؤولا عسكريا خلال جولته في عدد من المحافظات وسط إيران أمس (أ.ب)
TT

واجهت إيران يوما عصيبا أمس مع عاصفة التحذيرات والتهديدات الغربية التي انطلقت غداة تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي اتهم الجمهورية الإسلامية بالسعي الجاد لامتلاك أسلحة نووية. وبينما دعت بريطانيا إيران إلى إجراء «مفاوضات جادة» حول برنامجها النووي المثير للجدل، صعَّدت باريس الموقف من خلال المطالبة بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي. وحتى الصين نأت بنفسها عن الدفاع عن طهران ودعتها إلى إبداء المرونة في التعاطي مع الوكالة الدولية.

من جهتها، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامج طهران النووي «يزيد بشكل خطير» من مخاوف الأسرة الدولية حول الطبيعة الحقيقية لهذا البرنامج.

وقالت المتحدثة باسم أشتون المفاوضة في مجموعة الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) حول الملف الإيراني: إن تقرير الوكالة الدولية يستند إلى معلومات «واضحة وذات مصداقية». وتابعت: إن الاتحاد الأوروبي سيعمل مع شركائه لإعداد «الرد المناسب» على نشر هذا التقرير.

من جانبها، هددت بريطانيا إيران باتخاذ إجراءات جديدة ضدها إذا لم «تغير اتجاهها»، كما حذر وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، من أن برنامج إيران النووي قد يقوض المكاسب التي أحرزها الشرق الأوسط خلال الربيع العربي.

وقال هيغ أمام البرلمان: «إن التقرير كذَّب تأكيدات إيران خلال السنوات القليلة الماضية أن برنامجها لأغراض سلمية بحتة»، وأضاف أن «إيران تعزز إنتاجها من اليورانيوم المخصب إلى مستويات ليس لها أي استخدامات مدنية يمكن إثباتها، لكن يمكن تحويله بسهولة وسرعة إلى مادة يمكن استخدامها في الأسلحة». وتابع: «على إيران أن تغير اتجاهها. نريد التوصل إلى حل عبر التفاوض، وقد مددنا يدنا للمصالحة مع إيران مرة تلو المرة». وقال هيغ إنه إذا رفضت إيران الدخول في مفاوضات جديدة بشأن برنامجها النووي «يجب أن نواصل زيادة الضغوط، ونحن نفكر مع شركائها بمجموعة من الإجراءات الإضافية لتحقيق ذلك». وقال إن تصرفات إيران «تأتي عكس التغيير الإيجابي الذي نشهده في مناطق أخرى من المنطقة (الربيع العربي)، وليس ذلك فحسب، بل إنها قد تهدد بتقويض ذلك التغيير من خلال إدخال الشرق الأوسط في سباق تسلح نووي أو تعريضه لخطر الدخول في نزاع».

أما فرنسا، فقد دعت إلى التحرك لمواجهة إيران عبر مجلس الأمن الدولي، وطالبت بفرض عقوبات «قاسية» و«غير مسبوقة». وصرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه لإذاعة «فرنسا الدولية»: «نحن مصممون على التحرك، ولا بد أن يدين مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصرفات إيران، وقد باتت إحالة الملف إلى مجلس الأمن ضرورية». وأوضح أن «فرنسا مستعدة مع من يريد ذلك أن تذهب إلى أبعد ما يمكن في تشديد العقوبات لحمل إيران على الرضوخ».

من جهة أخرى، أكد جوبيه في بيان: «إذا رفضت إيران الالتزام بمطالب الأسرة الدولية ورفضت أي تعاون جدي، فإننا مستعدون مع جميع الدول التي ستحذو حذونا لإقرار عقوبات ذات حجم غير مسبوق».

وقال جوبيه لإذاعة «فرنسا الدولية»: «لا بد من عقوبات قاسية تمنع إيران من الاستمرار في الحصول على موارد تمكنها من مواصلة نشاطاتها وانتهاك كل القوانين الدولية».

من جهته، قال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه: «إنه من الممكن الذهاب بالعقوبات بعيدا جدا». وأضاف: «في المجالات الاقتصادية والتقنية والصناعية يمكننا أن نذهب أبعد بكثير من دون اللجوء إلى حل بالقوة».

وتابع لونغيه: «يجب حشد الدول الكبرى، خصوصا إقناع روسيا والصين، اللتين تنفردان بمواقفهما، بأنه لا بد من الضغط على إيران حتى لا يسير هذا البلد في طريق الانتشار النووي» الذي «سيكون كارثة» على البشرية.

ورأى الوزير الفرنسي أن إسرائيل التي تشهد جدلا حول ضربة عسكرية وقائية ضد إيران «دورها هو إطلاق جرس الإنذار»، لكن «الرد يكمن في العقوبات الدولية ومسؤولية الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي».

وفي غضون ذلك، كشفت مصادر فرنسية رسمية عن ضغوط قوية مورست على الوكالة الدولية للطاقة النووية وعلى مديرها يوكيا أمانو، لمنع نشر التقرير. وأوضحت هذه المصادر أن الضغوط جاءت، بطبيعة الحال، من إيران ولكن أيضا من روسيا والصين. والأغرب أن عددا من الدول المحايدة الموجودة في مجلس حكام الوكالة ضغطت بدورها على أمانو لحمله عن التخلي عن فكرة النشر، مما دفع الأخير إلى التعجيل بتوزيعه على أعضاء المجلس ومنهم إلى الصحافة.

وفي برلين، قالت الحكومة الألمانية: إن النتائج التي توصلت إليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعزز المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وقال شتيفن زايبرت، المتحدث باسم الحكومة: «الحكومة الألمانية يساورها القلق منذ زمن طويل بشأن تقدم البرنامج الذري الإيراني وطبيعته الفعلية المحتملة. وبالطبع يعزز محتوى هذا التقرير هذه المخاوف بشكل كبير». وأضاف أن وكالة الطاقة الذرية ستكون ممثلة في الأمم المتحدة في الأسبوع المقبل «وسنطالب بإصدار قرار واضح يحث إيران على الوفاء بالتزاماتها أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، والعودة إلى مائدة المفاوضات، حسبما أوردته وكالة «رويترز».

إلى ذلك، دعت الصين إيران إلى إبداء «ليونة» و«صدق» في تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأفاد هونغ لي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، بأن على طهران أن «تبدي ليونة وصدقا» مع الوكالة.

وكرر المتحدث الموقف الصيني الرسمي الداعي إلى تسوية المشكلة النووية الإيرانية عبر «الحوار والتعاون».